مفهوم الأمن الفكري في الإسلام

الأمن

يحتاجُ الإنسان في أيّ مجتمعٍ إلى الشعور بالأمانِ من أجل أن يمارسَ حياته بشكلٍ طبيعيّ، فلا يمكنُ أن تسيرَ الحياةُ إلا إذا شعر الشخصُ بأنه آمنٌ على نفسِه ولا يخافُ من وقوع أيّ مكروهٍ له ولعائلته، كما يشعر بالأمان على أمواله وعرضه، وهناك عدةُ أنواع للأمن أهمُّها الأمن الفكريّ.

يُعرّفُ الأمنُ في اللغة على أنّه سكونُ القلب واطمئنانه، وذلك بعدم وجود مكروهٍ أو توقّع حدوثه. أمّا اصطلاحاً فهو الحال الذي يكون فيه الشخصُ آمناً على نفسِه ومطمئناً فيها، ومستقرّاً في وطنِه، ومحميّاً وسالماً من أي شيءٍ قد ينتقصُ من دينه أو عقله أو عِرضه أو ماله. بينما يُعرّفُ الفكرُ في اللغة على أنّه تردّدُ القلب وتأمله. أمّا الفِّكر في الاصطلاح فهو ترتيب أمور الذهن التي يتوصّلُ بها إلى المطلوب، وقد يكون علماً أو ظناً.

مفهوم الأمن الفكري

الأمنُ الفكريّ مصطلحٌ حديث العهد، لذلك اختلفت الآراء حولَ مفهومه، وكانت من ضمنِها:

  • أن يعيشَ الناس في أوطانهم ومجتمعاتهم آمنين على مكوّنات أصالتهم ومنظومتهم الفكريّة وثقافتهم النوعيّة، وهناك مَن اختصّ التعريف بالمسلمين فزاد على التعريف السابق: منظومتهم الفكريّة المستمدّة من الكتابِ والسنة.
  • هو سلامة فكر الإنسان وعقله وطريقة فَهمه من الانحراف عن الوسطيّة والاعتدال فيما يخصُّ الجوانبَ الدينيّة والسياسية ونظرته للكون، بحيث لا تقودُه نظرتُه إلى الغلوّ والتنّطع، أو الإلحاد والعلمنة.
  • الاطمئنان على طريقة تفكير الشخص والتأكّد من ابتعاده عن الانحراف الذي يهدّدُ الأمنَ القوميّ أو مقوماته الفكريّة، أو العقديّة، أوالثقافيّة، أو الأخلاقيّة، أو الأمنيّة.

مفهوم الأمن الفكري في الإسلام

يمكنُ جمع الأفكار الموجودة في التعريفات السابقة والخروج بتعريفٍ شاملٍ في ظلّ الشريعة الإسلامية: بأنّ الأمنَ الفكريّ حالُ الشخص الذي يكون فيه العقل سليماً من الانحراف عن الاستقامة عند تأمّله، وأن تكونَ نظرة التأمل تلك متفقةً مع منهج الشريعة الإسلاميّة وعلى خطى السلف الصالح، بحيث يكون المجتمع آمناً على ثقافتِه المستندة إلى القرآن الكريم والسنة النبويّة الشريفة.

أهميّة الأمن الفكري

يعدُّ الأمنُ الفكري هو الركيزة الأساسيّة في المحافظةِ على الأمنِ القوميّ بشكلٍ عامٍ، وبالتالي حماية المجتمع من الانحراف والضلال والضعف وسهولة اختلاله والسيطرة عليه.

الغزو الفكري

الغزو الفكريّ هو عكسُ الأمن الفكريّ، حيث عرّفه ابن باز بأنّه مجموعةُ التدابير والإجراءات التي تقومُ بها بعض الأمم للسيطرة على الأمم الأخرى، وهي تتجهُ إلى سلوكِ الأفراد وأفكارهم، وبالتالي فإنّها تهدّدُ استقرارَ الشعوب.

لا تعني المحافظةُ على الأمن الفكري أن تغلقَ الأمة النوافذ تجاه الشعوب الأخرى، وإنما استقبال حضارتها وغربلتها بغربال الشريعة من أجل أخذْ ما يناسبُ الدين ويتوافق معه، والتخلص ممّا ينافي الدينَ ويعارضُه، وهذا يتطلّبُ من علماءِ الأمة مراقبة ما يصل إلى جيل الشباب من معلوماتٍ لحمايتهم من الاستغلال والضياع والانحراف.