الفرق بين البلاء والابتلاء

حقيقة الحياة الدنيا

ما من أحدٍ في هذه الدنيا إلا وقد تعرّض للعديد من المِحن في حياته، كالوقوع في المرض أو فقدان شخصٍ عزيزٍ على قلبه، إنّ الانسان في هذه الدنيا يمرّ بأمور عصيبة تكون أقوى منه وكلّها بتقدير من الله، فإمّا أن تكون بلاءً عليه وهي عقاب له على ما فعل بيديه من خراب ومعاصٍ وأذى، وإما أن تكون ابتلاءً قدّره الله له ليمحي به ذنوب عبده.

البلاء

إنّ لله حكمته في هذه الدنيا، فهو الخالق الذي قدّر كل شيء وأحاط كلّ شيء علماً، فحكمته تتمثّل في الثواب والعقاب، ولا يمكن للبشر القاصرة عقولهم أن يستوعبوا طريقة سير الأمور، أو أن يجدوا تبريراً لكلّ ما يجري في هذه الحياة من حولهم أو ما يقع عليهم، يقول الله تعالى: ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) إنّ قدر الله لا يستوعبه البشر، فكثير من الناس الذين يعيثون في الأرض فساداً تراهم لا يعانون من فقرٍ أو مرض، وتكون حياتهم كاملة، ولكن هنا قد تكون المعادلة مختلفة، فالله تعالى يمدّهم في طغيانهم كما جاء في الكتاب الكريم: ( وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) فتكون النعم التي لديهم نقمة عليهم وحجة عليهم يوم القيامة، هذه حكمته سبحانه وتعالى، وهذا بلاؤه على من عصى وعاث في الأرض فساداً.

الابتلاء

إنّ من رحمة الله تعالى على الانسان أنّه سنّ سُنة الابتلاء في الأرض، فهو يُطهّر العبد من الذنوب، وهو يحثّ الإنسان على مراجعة نفسه وتصحيح مساره، وهو خيرٌ يرحم العبد يوم القيامة إذا صبر، فيُدخله جنة عرضها السماوات والأرض، كما قال تعالى: ( وبَشّرِ الصابِرينْ ) والابتلاء لا يقعُ إلاّ على المسلم القريب من الله، وعلى من يحبّه الله، كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: ( إنّ الله إذا أحب عبداً، ابتلاه) فما يجب على المسلم فعله هو أن يصبر على قضاء الله، وأن يستعين بالصبر لينال بذلك الأجر العظيم، فهو خير له حتى وإن رآه بعين القصور البشريّة على أنّه شر له.

ونرى في القَصص أنّ الابتلاء ميراث النبوة، فمن قلّ حظه من الابتلاء قلّ حظه من ميراث النبوة، كما قال أحد الصالحين، فالأنبياء هم أكثر البشر ابتلاءً، فليبتسم كلّ من أصابه ابتلاء من الله تعالى، وليصحّح سيره لكي لا يكون الابتلاء بلاءً عليه والعياذ بالله.