كيف أعرف اتجاه القبلة في بيتي
تعريف القِبلة
يُقصد بالقِبلة: موضع الكعبة، وسبب تسميتها بذلك؛ لأنّ المُصلّي يُقابلها عند الصلاة، وتجدر الإشارة إلى أنّ ما فوق الكعبة إلى السماء يعدّ قِبلةً أيضاً، وكذلك ما تحتها، فلو صلّى أحدٌ على الجبال، أو في الآبار؛ صحّت صلاته ما دام متوجّهاً للقِبلة، فلو زال الجبل أو البئر لكانت صلاته صحيحةً، ولأنّ المصلّي الذي أدّى صلاته على الجبل؛ يعدّ مصلّياً باتّجاه القِبلة.[١]
كيفيّة تحديد اتجاه القِبلة في البيت
الاستدلال على القِبلة بالاستعانة بالآلات والأجهزة الحديثة؛ جائزٌ، كما قال بذلك: ابن باز، وابن عابدين، وابن عثيمين، والسبب في ذلك أنّ الشَّرْع لم يحدّد الطريقة التي يتمّ الاستدلال بواسطتها على القِبلة، ولم يمنع من استخدام ما يساعد في الاستدلال عليها، وإن أفادت الآلات والأجهزة الحديثة غلبة الظّن وليس اليقين؛ لكان كافياً في معرفة اتّجاه القِبلة، كما أنّ كلّ ما أدّى إلى تحقيق المطلوب يعدّ مطلوباً، والاستعانة بالآلات والأجهزة الحديثة من الأمور المحقّقة لإقامة الصلوات المفروضة، فتكون بذلك مطلوبةً،[٢] حيث أصبح تحديد القبلة باستخدام وسائل التكنولوجيا المتعددّة ممكناً، وذلك بواسطة التقنيات التي يستطيع المستخدم من خلالها تحديد موقعٍ ما باستخدام خطوط الطول ودوائر العرض، ومنها تقنية تحديد المواقع العالمي (GPS) المُدمج في كافة أنواع الهواتف الحديثة، بالإضافة إلى وجود العديد من التطبيقات الذكيّة المخصّصة لهذه الغاية ومنها تطبيق البوصلة الإلكترونية المفيد في تحديد القبلة في أي مكان وزمان، كما أنّ هناك العديد من المواقع الإلكترونية التي أنشئت خصيصاً لإرشاد المصلّي لاتجاه القبلة الصحيح تبعاً لمكان وجوده.[٣][٤]
ويُمكن الاستدلال على القِبلة بواسطة معرفة موضع شروق وغروب الشمس، إذ يُمكن بذلك تحديد الجهات الأربع، ومن ثمّ تحديد القِبلة، فمن كانت قبلته من جهة الشّرق؛ فيستقبل جهة الشّرق، ومن كان يعلم أن قِبْلته باتّجاه الشمال؛ فيجعل الشَّرق على يمينه، ويستقبل جهة الشمال،[٥] ومن المُمكن الاستدلال على القِبلة بواسطة النّجوم، وتحديداً نجم القطب الشماليّ، وله في كلّ يومٍ وليلةٍ دورةً؛ نُصفها في الليل، ونُصفها الآخر في النهار، ويُستدلّ من خلالها على أوقات ساعات الليل، فإن استدبره المصلّي في بلاد الشام يكون بذلك مستقبلاً للكعبة، وإن كان بأرض حرّان، وما يقاربها، فيعتدل المصلّي، ويجعل القطب خلفه، وإن كان بالعراق؛ يُجعل القطب خلف الأُذن اليُمنى للمصلّي.[٦]
أحكام الصلاة المتعلّقة بالقِبلة
حُكم استقبال القِبلة
استقبال القِبلة شرطٌ من شروط صحّة الصلاة، استدلالاً بقَوْله -تعالى-: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)،[٧] وكذلك قَوْل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (بيْنَا النَّاسُ بقُبَاءٍ في صَلَاةِ الصُّبْحِ، إذْ جَاءَهُمْ آتٍ، فَقالَ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ أُنْزِلَ عليه اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وقدْ أُمِرَ أنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ، فَاسْتَقْبِلُوهَا، وكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إلى الشَّأْمِ، فَاسْتَدَارُوا إلى الكَعْبَةِ).[٨][٩]
الصلاة التي يجوز فيها تَرْك استقبال القِبلة
يجوز للمصلّي تَرْك استقبال القِبلة في صلاة النّافلة حال السَّفر، سواءً كان السَّفر في الطائرة أو الصلاة في السيارة، فللمصلّي أن يصلّي النّافلة بأيٍ وجهةٍ كان عليها، مثل: صلاة الوتْر، أو صلاة الليل، أو صلاة الضحى، كما يجوز للخائف أن يصلّي بأيّ اتّجاهٍ، استدلالاً بقَوْل الله -تعالى-: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّـهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)،[١٠] والخوف في الآية عامٌّ، يشمل أيّ خوفٍ، كما يسقط شرط القِبلة عن للعاجز أو المريض الذي لا يُمكن له تغيير مكانه، والتوجّه للقِبلة، استدلالاً بقَوْله -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ).[١١][١٢]
إعادة الصلاة على مَن لم يتوجّه نحو القِبلة
اختلفا لعلماء في حال مَن أخطأ في تحديد القِبلة؛ فقال المالكيّة، والشافعيّة؛ بقَطْع الصلاة إن تبيّن الخطأ في القِبلة أثناء أدائها، وكذلك تجب إعادة الصلاة إن تبيّن الخطأ في القِبلة بعد الانتهاء من الأداء، إن كان في وقت أداء الصلاة عند المالكيّة، وفي أي وقتٍ عند الشافعيّة، أمّا الحنفيّة، والحنابلة؛ فقالوا بعدم وجوب إعادة الصلاة إن كان المصلّي قد اجتهد في البحث عن القِبلة قبل الصلاة، ويتوجّه نحوها إن عَلِمَ بالاتّجاه الصحيح أثناء أداء الصلاة، واستثنى الحنابلة المُقيم الحاضر؛ إذ تجب عليه الإعادة عندهم،[١٣] فالحنفيّة قالوا بعدم إعادة الصلاة على مَن لم يعلم باتّجاه القِبلة، ولم يجد مَن يسأله عنها؛ فله أن يجتهد، ويصلّي، ولا يُعيد الصلاة مرّةً أخرى، وإن عَلِمَ أنّه أخطأ أثناء أداء الصلاة؛ فيتوجّه نحو الاتّجاه الصحيح، ويُمكل صلاته، وإن أخطأ، ولم يجتهد؛ فعليه إعادة الصلاة، خاصّةً إن كان هناك مَن يسأله، وترك السؤال؛ فيكون بذلك تَرَكَ واجب الاستدلال.[١٤]
المراجع
- ↑ وزارة الأوقاف، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 62، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ “الاستدلالُ على القِبلةِ”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-6-2020. بتصرّف.
- ↑ Page 1, “Qibla Finder and Sholat Times Based on Digital Compass, GPS and Microprocessor”، iopscience.iop.org, Retrieved 2020-7-19. Edited.
- ↑ “كيفية تحديد قبلة الصلاة”، ar.wikihow.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-19. بتصرّف.
- ↑ “تحديد القبلة بواسطة الشمس”، www.islamqa.info، 15-2-2007، اطّلع عليه بتاريخ 8-6-2020. بتصرّف.
- ↑ “تحديد القبلة بمعرفة مواقع النجوم”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 8-6-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 144.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 403، صحيح.
- ↑ عبدالله الطيار، عبدالله المطلق، محمد الموسى (2012)، الفقه الميسر (الطبعة الثانية)، الرياض: مدار الوطن، صفحة 234-235، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 239.
- ↑ سورة البقرة، آية: 286.
- ↑ “الحالات التي يسقط فيها شرط استقبال القبلة”، www.islamqa.info، 26-12-2004، اطّلع عليه بتاريخ 8-6-2020. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 761-762، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبدالله الموصلي (1937هــ)، الاختيار لتعليل المختار، القاهرة: مطبعة الحلبي، صفحة 47، جزء 1. بتصرّف.