كيف أكون عبداً صالحاً

تعريف العبد الصالح

أورد الله -تعالى- ذكر عباده الصالحين في القرآن الكريم، ومن ذلك ما قاله سبحانه: (أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ*الَّذينَ آمَنوا وَكانوا يَتَّقونَ*لَهُمُ البُشرى فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبديلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ).[١] فالصالحون هم من صلحت معاملتهم مع الله تعالى، ومع الناس بقدر ما استطاعوا، ولزموا أمر الله سبحانه، وانتهوا عن نواهيه، وصبروا على ما لاقوا في الطريق إليه، فصاروا أولياء الله سبحانه.[٢] والصلاح نعمة وفضل من الله -تعالى- يهبه إلى من يشاء من عباده، فإنّ العبد إذا نال الشهادة بالصلاح من ربّه فُتحت له أبواب الخير الكثيرة، وصرفت عنه أبواب شرّ وفِتنٍ كثيرة، ولذلك كان دعاء النبيين من قبل أن يجعلهم الله -سبحانه- من الصالحين، ويتقبّلهم في الصالحين، ومن ذلك دعاء يوسف -عليه السلام- في سورة يوسف: (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)،[٣] وتعدّى الدعاء للنفس بالصلاح إلى الدعاء به للأولاد، فدعا إبراهيم عليه السلام أن يرزقه الله -سبحانه- ولداً صالحاً إذ قال: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) ،[٤] وليس ذلك إلا لفضل أهل الصلاح ومنزلتهم العظيمة في ميزان الله تعالى.[٥]

العبد الصالح

دائماً ما يرتبط الصلاح بالطاعة، فيكون العبد صالحاً إذا كان طائعاً لله سبحانه، ومن صفات العبد الصالح ما يأتي:[٦]

  • ملازمة قيام الليل، والحرص على ذلك، فإنّ من صفات الصالحين محبّة الاختلاء بربّهم عز وجل، وذلك لا يكون في شيء مثل قيام الليل، فيتلون القرآن الكريم، ويناجون ربّهم ويبثّون له حاجاتهم له وحده، وقد امتدح الله سبحانه أهل القيام فقال: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون).[٧]
  • الخوف من الله سبحانه، وخشيته.
  • تحقيق التوحيد الكامل لله تعالى في سائر شؤون حياتهم، وتحقيق التوكّل عليه كذلك في حاجاتهم.
  • حسن الاختلاط بالناس، وعدم الوقوع في أذيّة أحد، وعدم الاعتداء على ما حرّم الله سبحانه من أعراض وأموال الناس بغير وجه حق، فإنّ من صفات الصالحين سلامة الناس من شرورهم.
  • دوام التوبة وسرعة الإنابة من كلّ ذنب، والاجتهاد في الاستغفار على الدوام.
  • مسامحة من أخطأ بحقّهم، واتّصافهم بالحلم والعفو مع الناس.
  • التواضع ولين الجانب، وترك التكبّر والغرور.
  • تحقيق التوازن والاعتدال في سائر شؤون الحياة، فالعبد الصالح معتدلٌ في إنفاقه لماله، وليس فيه سرفٌ وتبذير، ولا بخل وتقتير، بل هو بين ذلك.
  • ترك المعاصي والمحرّمات، وترك مجالسها وأهلها، ولقد أمر الله -سبحانه- بترك المجالس التي يُعصى الله فيها فقال: (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).[٨]
  • حرص أهل الصلاح على تربية أبنائهم تربية صالحة نافعة ترضي الله سبحانه، والعبد الصالح حريصٌ أيضاً أن تكون أسرته لبنة صالحة في المجتمع الذي يعيش فيه.
  • حرص العبد الصالح أن يكون نواة خير في الدعوة إلى البر والإسلام بين الناس، فهو حريصٌ على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل حين.

ثمرات الصلاح في الدنيا والآخرة

دائماً ما يجني العبد الصالح ثمار صلاحه في الدنيا والآخرة، وفيما يأتي تعدادٌ للثمرات التي يفوز بها أهل الصلاح:[٥][٩]

  • حلول بعض البشارات والكرامات لأهل الصلاح من ربّهم، فالنبي عليه السلام يقول: (رؤيا الرجلِ الصالحِ جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءاً من النبوةِ).[١٠]
  • فوز الصالحين بولاية الله تعالى لهم بقدر صلاحهم وإيمانهم، قال الله سبحانه: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ).[١١]
  • تحصيل خير الدنيا بالقرب من الله، وخير الآخرة بالشفاعة يوم القيامة، فحين توفّي النجاشيّ وهو في الحبشة صلّى عليه النبي في مكة صلاة الغائب، وصلّى عليه الصحابة كذلك، تكريماً له.
  • نيل الصالحين الدرجات العُلا من الجنة في الآخرة، فالله تعالى يقول في الحديث القدسيّ: (أعدَدتُ لِعبادي الصَّالِحين ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أذُنٌ سَمِعَت، ولا خَطَر على قلْبِ بشَرٍ).[١٢]
  • استحقاق أهل الصلاح أن يُمكّنوا في الأرض، وذلك وعدٌ وعدهم الله تعالى إياه إذ قال: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ).[١٣]
  • الصلاح تنتقل بركته من الآباء إلى الأبناء، فالولد الصالح عدّه النبي صدقة جارية عن والده.

أهمية معرفة الصالحين وصفاتهم

إنّ الإنسان إذا اطّلع على أهل الصلاح وفضلهم وأخبارهم عاد ذلك عليه بالنفع والفائدة الجمّة، وفيما يأتي تعدادٌ للنفع الذي يعود على من طالع أخبار الصالحين:[١٤]

  • الاقتداء بالصالحين والاتعاظ بقصصهم، وتتّبع آثارهم.
  • إحياء القلب وصلاحه بتذكّر أهل الفضل والصلاح ومجالسهم، حيث يقول الثوري رحمه الله: (عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة)، ويقول ابن الجوزي: (رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفي في صلاح القلب، إلا أن يمزج بالرقائق والنظر في سير السلف الصالحين. لأنهم تناولوا مقصود النقل، وخرجوا عن صور الأفعال المأمور بها إلى ذوق معانيها والمراد بها).
  • بلوغ محبّة الصالحين والشعور بالقرب منهم، فمن اعتاد قراءة قصص بعضهم أحبهم واعتزّ بفضلهم، وبهذا وحده قد ترتفع درجته عند الله سبحانه، فإنّ المرء يُحشر مع من أحبّ، ففي الحديث: (جاء رجل إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فقال: يا رسولَ اللهِ؛ متى الساعةُ؟ قال: وما أعددتَ للساعةِ؟ قال: حُبَّ اللهِ ورسولِه، قال: فإنك مع من أحبَبتَ).[١٥]
  • اقتباس الفوائد من حياة وخبرات وتجارب الصالحين، والعمل بها والبناء عليها بغية الخير في الدنيا والآخرة.

المراجع

  1. سورة يونس، آية: 62-64.
  2. “من هم الصالحون؟”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-26. بتصرّف.
  3. سورة يوسف، آية: 101.
  4. سورة الصافات، آية: 100.
  5. ^ أ ب “وألحقني بالصالحين “، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-25. بتصرّف.
  6. “خصال الأولياء”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-25. بتصرّف.
  7. سورة السّجدة، آية: 16.
  8. سورة الأنعام، آية: 68.
  9. “كن مع الصّالحين”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-25. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2263 ، صحيح.
  11. سورة الأعراف، آية: 196.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4780، صحيح.
  13. سورة الأنبياء، آية: 105.
  14. “ذكر الصّالحين”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-26. بتصرّف.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2639، صحيح.