كيف أتقي الله
التقوى في الإسلام
للتقوى في الدين الإسلامي منزلةً عظيمةً، فهي أساس الدين، ولا تقوم الحياة إلاّ بها، ولا صلاح للإنسان إلاّ بها، فهي كنزٌ عظيمٌ لئن ظفر به الإنسان ليجد فيه الخير الكثير، والفوز الكبير، والملك العظيم، فهي وصية الله -تعالى- للأولين والآخرين، حيث قال في القرآن الكريم: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)،[١] وبها وصى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه رضي الله عنهم، والأمّة الإسلامية جميعها في حجّة الوداع فقال: (أُوصيكم بتقوى اللهِ والسَّمْعِ والطَّاعة)،[٢] وهي الوصية التي أخذ الصحابة والتابعون على أن يتواصلوا بها لما لها من مكانةٍ كبيرةٍ في هذا الدين، وفي هذا المقال سيتم التطرّق إلى معنى التقوى، وكيفية تقوى الله، وفوائد تقوى الله، وعلاماتها.
معنى التقوى
التقوى لفظٌ كغيره من الألفاظ في اللغة العربية، له معنى في اللغة، ومعنى آخر في الاصطلاح، وفيما يأتي بيان كلا المعنيين:
- التقوى في اللغة: اسمٌ من الفعل اتّقى، ويُراد بها: الخشية والخوف، وتقوى الله: خشيته، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، يُقال: كان رجلاً ورِعاً شديد التقوى؛ أي شديد التنسّك، والعبادة، ومخافة الله، واحترام الشريعة.[٣]
- التقوى في الاصطلاح: عبادة الله -تعالى- بفعل الأوامر، وترك النواهي، الناتج عن خوف من الله، وعن رغبةٍ فيما عنده، وعن خشيةٍ له، وعن تعظيمٍ لحرماته، وعن محبةٍ صادقةٍ له ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم.[٤]
كيفية تقوى الله
لكي يتمكّن المسلم من الوصول إلى مرتبة التقوى عليه القيام بعددٍ من الأمور، وفيما يأتي بيانٌ لها:[٥]
- التفكّر في أمر الدنيا والآخرة، ومعرفة قدر كلاً منهما، فهذه المعرفة تقود الإنسان إلى السعي لنيل نعيم الجنة في الآخرة، والنجاة من النار.
- اجتهاد الإنسان في طاعة الله، والتقرّب إليه بالأعمال الصالحة.
- الحرص على الصيام والإكثار منه، فالصيام من أحبّ العبادات إلى الله تعالى.
- التخلّق بأخلاق وصفات عباد الله المتقين، التي ذكرها الله -تعالى- في القرآن الكريم، فكان منها قول الله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ).[٦]
- التمسّك بهدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، والابتعاد عن البِدع المُحدثة في الدين، حيث قال الله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).[٧]
- التفكّر في آيات الله تعالى، الشرعية منها والكونيّة.
- الإكثار من ذكر الله تعالى، في جميع الظروف والأحوال، والإكثار من تلاوة القرآن الكريم، وتدبّره.
- مصاحبة أهل الخير والصلاح، الذين ينصحون المرء ويُذكّرونه بالله، ومجانبة أهل الشرّ والبِدع.
- قراءة سِير المتقين من عباد الله، والمؤمنين والصالحين من أهل العلم والعبادة والزهد.
ثمار وفوائد التقوى
تظهر ثمرات التقوى جليةً واضحةً على الفرد والمجتمع، فمن ثمراتها على الفرد:[٨]
- نيل محبّة الله تعالى، فالله يحبّ عباده المتقين.
- الفوز بمعيّة الله، حيث إنّ الله -تعالى- مع عبادة االمتقين.
- الانتفاع بالقرآن الكريم.
- حفظ الله له من الشيطان ووساوسه.
- انتفاء الخوف والحزن عن الفرد.
- قبول أعماله الصالحة.
- التيسيير عليه بعد العسر.
- الفراسة والحكمة والنور.
- الفوز بالجنة، والنّجاة من النّار.
- حُسن العاقبة والمآل يوم القيامة.
- انتشار الأمن والأمان في المجتمع.
- العيش في رغدٍ وصحةٍ وعافيةٍ.
- المهابة أمام الأعداء.
- تولّي الأخيار.
- تحقيق السعادة.
علامات التقوى
للتقوى علاماتٌ تظهر على العبد يُعرف بها، وفيما يأتي بيان بعض العلامات والدلائل:[٩]
- التخلّص من آفات الغفلة، والاستخفاف بالمنكرات من الأقوال والأفعال، والفزع إلى الله إذا أذنب طالباً الخلاص من المنكرات والمعاصي، حيث قال الله عزّ وجلّ: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ).[١٠]
- المداومة على ذكر الله -تعالى- في جميع الظروف والأحوال، فذكر الله يطرد الشيطان ووساوسه، قال الله -تعالى- في ذلك: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ*الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ*أُولـئِكَ هُمُ المُؤمِنونَ حَقًّا لَهُم دَرَجاتٌ عِندَ رَبِّهِم وَمَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ).[١١]
صفات عباد الله المتقين
إنّ لعباد الله المتقين صفاتاً عديدةً ذكرها العلماء في مصنفاتهم، بعد استقراءهم لكتاب الله، وسنة نبيه صلّى الله عليه وسلّم، وفي ما يأتي بعض تلك الصفات:[٩]
- الإيمان بالغيب إيماناً جازماً، حيث قال الله تعالى: (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ).[١٢]
- العفو والصفح عن الآخرين.
- عدم اقتراف الكبائر من الذنوب، وعدم الإصرار على الصغائر منها، وإذا وقعوا في ذنبٍ من الذنوب سارعوا إلى التوبة منه، والتخلّص منه، وعدم العودة إليه، والرجوع إلى الله.
- تحرّي الصدق في أقوالهم وأفعالهم.
- تعظيم شعائر الله تعالى، وذلك من خلال عدم انتهاك حرمات الله، والإتيان بأوامر الله على الوجه المراد.
- تحرّي العدل، والحكم به.
- اتباع سبيل الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، والصادقين والصالحين.
- ترك ما لا بأس فيه حذراً ممّا فيه بأس؛ كأن يترك ما يراه بعض الحلال خشية أن يكون حراماً.
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية: 131.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن العرباض بن سارية، الصفحة أو الرقم: 2676، صحيح.
- ↑ “تعريف ومعنى التقوى”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-8-2018. بتصرّف.
- ↑ د. عمر سليمان الأشقر (2012)، التقوى تعريفها وفضلها ومحظوراتها وقصص من أحوالها (الطبعة الأولى)، الأردن: دار النفائس، صفحة 9. بتصرّف.
- ↑ “كيف ننمي تقوى الله في قلوبنا”، www.islamqa.info، 28-6-2015، اطّلع عليه بتاريخ 11-8-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 177.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 153.
- ↑ عبد السلام بن سعيد الشمراني، “التقوى وثمارها”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-8-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب خالد أبو شادي (31-1-2016)، “التقوى علامات وفوائد”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-8-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 201.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 2-4.
- ↑ سورة البقرة، آية: 2-3.