فضل سورة الإخلاص والمعوذتين
قراءة القرآن
القُرآن الكريم هو كلام الله -تعالى- الحقّ، الذي لا يمكن أن يتطرّق إليه باطل، ومن أكبر النعم على المسلم أن يحفظه ويقرأه؛ لأنّها المقصود منه، وفي حال لم يتمكن من ذلك لأيّ سببٍ من الأسباب؛ فقد جعل الله -تعالى- له برحمته بعض السور التي يتحصّل من خلال قراءتها على أُجورٍ كبيرة وعظيمة،[١] وسيتم بيان فضل قراءة بعض من هذه السور في المقال الآتي، وهنّ سورة الإخلاص والمُعوذتين.
فضل سورة الإخلاص والمعوّذتين
فضل سورة الإخلاص
لسورة الإخلاص الكثير من الفضائل التي وردت في السُنّة النبويّة، ومنها ما يأتي:
- قراءتها تعدل قراءة ثُلث القُرآن، وذلك كما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- حين جمع الصحابة -رضي الله عنهم- وقرأ عليهم سورة الإخلاص، ثُم قال لهم: (إنِّي قُلتُ لَكُمْ سَأَقْرَأُ علَيْكُم ثُلُثَ القُرْآنِ، ألا إنَّها تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ).[٢][٣]
- قراءتها عشر مرات توجب حصول قارئها على بيت أو قصر في الجنّة؛ فقد وردت بعض الأحاديث التي تُبيّن ذلك، ومنها حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (من قرأ { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } حتى يختمَها عشرَ مراتٍ بنى اللهُ له قصرًا في الجنَّةِ)،[٤] وبعض الأحاديث التي وردت في فضلها اختلف أهل الحديث فيها بين التحسين والتضعيف؛ فقد جاء في مُسند الإمام أحمد ما يُبيّن هذا الفضل، وحسّنه الشيخ الألباني، وضعّفه الشيخ شعيب الأرناؤوط.[٥][٦]
- قراءتها توجب محبّة الله -تعالى-، لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي روته عائشة -رضي الله عنها- فقالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا علَى سَرِيَّةٍ، وكانَ يَقْرَأُ لأصْحَابِهِ في صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: سَلُوهُ لأيِّ شيءٍ يَصْنَعُ ذلكَ؟، فَسَأَلُوهُ، فَقالَ: لأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وأَنَا أُحِبُّ أنْ أقْرَأَ بهَا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أخْبِرُوهُ أنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ).[٧][٨]
فضل المعوّذتين
ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- العديد من الأحاديث التي تُبيّن فضل المعوذتين، ومنها ما يأتي:
- قراءة المُعوذتين شفاءٌ لمن أراد أن يستشفي بهما؛ للحديث الذي روته عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ علَى نَفْسِهِ بالمُعَوِّذَاتِ، وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عليه، وَأَمْسَحُ عنْه بيَدِهِ، رَجَاءَ بَرَكَتِهَا).[٩][١٠]
- قراءة المُعوذتين تكفي قارئهما من كُلّ شيء؛ فقد علّمها النبي -عليه الصلاة والسلام- لبعض الصحابة -رضي الله عنهم- حين سألوه عن ماذا يقولون ليكفوا؛ فأجابهم: (قُل هوَ اللَّهُ أحدٌ والمعوِّذتَينِ ، حينَ تُمْسي وحينَ تصبحُ ثلاثَ مرَّاتٍ تَكْفيكَ من كلِّ شيءٍ).[١١][١٢]
- قراءة المُعوذتين تحفظ الصحّة، وتقي من الأمراض؛ فقد ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان يقرأهما عند النوم ويمسح بهما وجهه وجسده.[١٣]
- قراءة المُعوذتين إحدى الأمور التي أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بعض الصحابة -رضي الله عنهم- بفعلها بعد كُلّ صلاة،[١٤] وكما جاء في بعض الأحاديث أنّهنّ من أفضل الآيات وأبلغها؛ كحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ، {قُلْ أَعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ}، {وَقُلْ أَعُوذُ برَبِّ النَّاسِ})،[١٥][١٦][١٧] وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يستعيذ من الجنّ وعين الإنسان، فلما نزلت المُعوّذتين، كان يقرأهما ويترك ما دونهما.[١٨]
طريقة قراءة المعوذات عند النوم
كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يُحصّن نفسه عند النوم بسورة الإخلاص والمُعوّذتين؛ فكان ينفخ في يديه نفخاً يسيراً وهو ما يُسمى بالنفث ويكون مصحوباً ببعض ريقه، ثُمّ يقرأ بهما سور الإخلاص والفلق والناس، ثُمّ يمسح بكفيه جسمه من أعلى إلى أسفل؛ فيبدأ برأسه، ثُمّ وجهه، ثُم باقي جسمه، والنفث يكون بعد الإنتهاء من القراءة؛ ليكون أقرب لوصول بركتهما إلى القارئ، ووردت هذه الطريقة في حديث عائشة -رضي الله عنها- وضّحت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ)،[١٩] وقد ثبتت هذه الكيفية عنه -صلى الله عليه وسلّم- في الصحيح.[٢٠][٢١][٢٢]
المراجع
- ↑ عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم (الطبعة الرابعة)، جدة: دار الوسيلة للنشر والتوزيع، صفحة 1184، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 812، صحيح.
- ↑ خالد بن عبد الرحمن بن علي الجريسي ، التحصين من كيد الشياطين دراسة تأصيليَّة مستفيضة لقضايا: (العين، والحسد، والسحر، والمسِّ وغيرها، مع بيان المشروع من التحصين، والرُّقي، وأصولِ التداوي)، صفحة 118، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في السلسة الصحيحة، عن معاذ بن أنس، الصفحة أو الرقم: 2/136، إسناده صحيح.
- ↑ “من عمل عملاً بنية غير التي بني عليها الثواب”، www.islamweb.net، 11-4-2004، اطّلع عليه بتاريخ 23-6-2020. بتصرّف.
- ↑ “درجة حديث (من قرأ سورة الإخلاص عشر مرات..)”، www.islamweb.net، 8-4-2007، اطّلع عليه بتاريخ 23-6-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 7375، صحيح.
- ↑ سعيد حوّى ( 1424 هـ)، الأساس في التفسير (الطبعة السادسة)، القاهرة: دار السلام، صفحة 6754، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2192، صحيح.
- ↑ سعيد بن علي بن وهف القحطاني (2010)، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة – مفهومٌ، وفضائلُ، وفوائدُ، وخصائصُ، وشروط، وأركان، ومسائل، وآداب، وحكمٌ، وأحكامٌ (الطبعة الثانية)، القصب: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 535، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن دقيق العيد، في الاقتراح، عن عبدالله بن خبيب، الصفحة أو الرقم: 128، صحيح.
- ↑ سعيد بن علي بن وهف القحطاني، عظمة القرآن وتعظيمه وأثره في النفوس في ضوء الكتاب والسنة – مفهوم، وعظمة، وأثر، وتدبر، وفضائل، وعلم، وعمل، وتعاهد، وآداب، وأخلاق، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 58، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (1994)، زاد المعاد في هدي خير العباد (الطبعة السابعة والعشرون)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 168، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ محمد بن فتحي آل عبد العزيز، أبو عبد الرحمن محمود بن محمد الملاح (2010)، فتح الرحمن في بيان هجر القرآن (الطبعة الأولى)، الرياض: دار ابن خزيمة للنشر والتوزيع، صفحة 87، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 814، صحيح.
- ↑ سعيد عبد الجليل يوسف صخر المصري (1997)، فقه قراءة القرآن الكريم (الطبعة الأولى)، القاهرة: مكتبة القدسى، صفحة 93. بتصرّف.
- ↑ سامي محمد، العمل الصالح ، صفحة 292، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ صهيب عبد الجبار، الجامع الصحيح للسنن والمسانيد، صفحة 365، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 5017 ، صحيح.
- ↑ سعيد بن علي بن وهف القحطاني (2010)، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة – مفهومٌ، وفضائلُ، وفوائدُ، وخصائصُ، وشروط، وأركان، ومسائل، وآداب، وحكمٌ، وأحكامٌ (الطبعة الثانية)، القصب: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 535-536، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ حمزة محمد قاسم ( 1990)، منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري، دمشق: مكتبة دار البيان، صفحة 277، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ سلمان بن فهد بن عبد الله العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 12، جزء 70. بتصرّف.