فوائد المداومة على العمل الصالح

العمل الصالح

إنّ للعمل الصالح في الدين الإسلامي أهميةٌ كبيرةٌ، ومكانةٌ عظيمةٌ؛ فإنّه ثمرةٌ من ثمار الإيمان، وقد قرن القرآن الكريم في نصوصه بين الإيمان بالله تعالى، وبين العمل الصالح الخالص لله؛ ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَالْعَصْر*إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)،[١] وإنّ في ذلك دلالةٌ على مدى اهتمام القرآن الكريم بالعمل الصالح، وعنايته به، وأنّ العمل الصالح سببٌ في نيل سعادة الدنيا والآخرة، وسببٌ في الفوز والفلاح،[٢] كما وقد بيّنت نصوص القرآن الكريم أجر وثواب العبد الذي يعمل الأعمال الصالحة؛ فقال الله -تعالى- في القرآن الكريم: (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ).[٣]

معنى العمل الصالح

فيما يأتي بيانٌ لمعنى كلمة العمل في اللغة، ومعنى العمل الصالح:

  • العمل في اللغة: هو اسمٌ، ويُجمع على أعمالٍ، ويُراد به: المهنة، والشغل، والوظيفة.[٤]
  • العمل الصالح في الاصطلاح: هو ما يقوم به الإنسان من أعمالٍ موافقةٍ لما جاء في القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهّرة، والانصياع لأوامر الله تعالى، والابتعاد عن نواهيه.[٥]

فوائد المداومة على العمل الصالح

شجّع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين على القيام بالأعمال الصالحة، وكان لهم القدوة في ذلك، وبيّن لهم أنّ أحبّ الأعمال إلى الله تعالى؛ هي التي يداوم عليها صاحبها، وإن كانت قليلةً؛ ودليل ذلك قول السيدة عائشة رضي الله عنها: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئِلَ: أيُّ العملِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قال: أدْومُه وإن قَلَّ)،[٦] ففي المداومة على العمل الخير، والبركة الفوائد والثمار العظيمة، وفيما يأتي بيان بعضها:[٧]

  • المداومة على الأعمال الصالحة سببٌ في دخول الجنة؛ فإنّ الله -تعالى- يجزي من يقوم بالأعمال الصالحة، ويداوم على فعلها، وإن كانت قليلةً بدخول الجنة.
  • المداومة على فعل الأعمال الصالحة سببٌ في الفوز بمحبة الله تعالى؛ ففي الحديث القدسي الذي يرويه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عن الله تعالى: (من عادَى لي وليّاً فقد آذنتُه بالحربِ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه: كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها، ورِجلَه الَّتي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه، وما تردَّدتُ عن شيءٍ أنا فاعلُه ترَدُّدي عن نفسِ المؤمنِ، يكرهُ الموتَ وأنا أكرهُ مُساءتَه).[٨]
  • المداومة على الأعمال الصالحة سببٌ في تكفير الذنوب والخطايا؛ ومن ذلك الصلوات الخمس، فإنّها سببٌ في تكفير الذنوب.
  • المداومة على الأعمال الصالحة سببٌ في النجاة من الكروب، والشدائد في الدنيا وفي الآخرة؛ فالعبد عندما يداوم على القيام بالأعمال الصالحة في حال الرخاء، يكون بينه وبين الله معرفةٌ وصلةٌ تنجيه إذا وقع في الشدائد والكربات.
  • المداومة على الأعمال الصالحة سببٌ في حُسن خاتمة العبد؛ فالعبد عندما يوفّقه الله -تعالى- لفعل الخيرات، والقيام بالطاعات، وفّقه الله -تعالى- لأن تكون له حسن الخاتمة.
  • من كان يداوم على الأعمال الصالحة، ثمّ حدث له طارئٌ؛ كالمرض، أو السفر، كُتب له أجر ما كان يعمل قبل أن يمرض أو يسافر؛ ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا مرض العبدُ أو سافر، كتب اللهُ تعالى له من الأجرِ مثلَ ما كان يعملُ صحيحاً مُقيماً).[٩]

كيفية المداومة على العمل الصالح

يسعى العبد جاهداً على المداومة على الأعمال الصالحة، ولكي يتمكّن من ذلك عليه القيام بما يأتي:[١٠]

  • الاستعانة بالله تعالى، وطلب العون منه، في القيام بالأعمال الصالحة، التي يرضى بها عن العبد، وأن يُعينه في المداومة على فعلها.
  • الصحبة الصالحة التي تُعين العبد على الطاعة، وتذكّره بالله تعالى، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ من الناسِ ناساً مفاتيحَ للخيرِ، مغاليقَ للشرِّ، و إنَّ من الناسِ ناساً مفاتيحَ للشرِّ، مغاليقَ للخيرِ، فطوبى لمن جعل اللهُ مفاتيحَ الخيرِ على يدَيْه، و ويلٌ لمن جعل اللهُ مفاتيحَ الشرِّ على يدَيْه).[١١]
  • الأخذ بالتوسّط والاعتدال في الأعمال، وعدم تكليف النفس فوق طاقتها، وعدم الإفراط والتشديد على النفس في القيام بالأعمال؛ ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (عليكم من الأعمالِ ما تُطيقون، فإنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا، وإنَّ أحبَّ الأعمالِ إلى اللهِ ما دُووِمَ عليه وإن قَلَّ).[١٢]
  • تعويد النفس على قضاء ما فاتها من الأعمال الصالحة؛ من صلاةٍ، وصيامٍ، وأذكارٍ، وغير ذلك من أعمال البرّ، وعدم التفريط في ذلك؛ وذلك لقول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث النبوي: (من نامَ عن حزبِهِ، أو قالَ جزئِهِ، منَ اللَّيلِ فقرأَهُ فيما بينَ صلاةِ الصُّبحِ إلى صلاةِ الظُّهرِ فَكأنَّما قرأَهُ منَ اللَّيلِ).[١٣]

علامات قبول العمل الصالح

يسعى المسلم في القيام بالأعمال الصالحة راجياً من الله -تعالى- أن يقبلها منه، وإذا تم قبول العمل من الله تعالى، فإنّ ذلك يعني أنّ ذلك العمل قد تم فعله على الوجه الصحيح الذي يحبّه الله تعالى، ويرضاه من العبد، ويستطيع العبد معرفة قبول العمل من عدمه من خلال أماراتٍ وعلاماتٍ، وفيما يأتي بيان بعضها:[١٤]

  • عدم رجوع العبد إلى القيام بالذنوب والخطايا.
  • زيادة العبد في قيامه بالطاعات.
  • ثبات العبد على القيام بالطاعات.
  • طهارة القلب، وتخلّصه من أمراضه؛ كالحسد، والكراهية، والبغضاء.
  • تذكّر الآخرة، وتذكّر الوقوف بين يدي الله تعالى، وسؤاله عمّا قدّم في الحياة الدنيا.
  • إخلاص العمل لله تعالى، وعدم جعل للخلق نصيبٌ فيها.

المراجع

  1. سورة العصر، آية: 1-3.
  2. د. عبد الحق حميش (15-5-2016)، “العمل الصالح وأثره في بناء المجتمع المسلم”، www.elkhabar.com، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2018. بتصرّف.
  3. سورة الرعد، آية: 29.
  4. “تعريف ومعنى العمل”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2018. بتصرّف.
  5. “الدرس: 20 – تفسير الآيات 97 – 112، عن العمل الصالح”، www.nabulsi.com، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2018. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 782، صحيح.
  7. سامي بن خالد الحمود، “خطبة (ثمرات ووسائل المداومة على العمل بعد رمضان)”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2018. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
  9. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي موسى الأشعري عبدالله بن قيس، الصفحة أو الرقم: 799، صحيح.
  10. د.شريف فوزي سلطان (21-2-2017)، “استمرار العمل الصالح”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2018. بتصرّف.
  11. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2223، حسن.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 782، صحيح.
  13. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1790، صحيح.
  14. د. بيومي إسماعيل (28-12-2009)، “علامات قبول العمل الصالح”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2018. بتصرّف.