ما الهدف من الاشهار
لم يحثّ الإسلام على سنّة الزّواج لتكون علاقةً سريّةً بين الجنسين ، و إنّما شرعها لتكون سنّةً علنيّةً مشهرة ، فكلّ شيءٍ تغيب عنه الأعين و لا يشهده النّاس يتسلّل الشّيطان بين طيّاته ، و يتّخذه مثلباً لنشر الشّائعات و الوسوسة في نفوس النّاس ، و إنّنا نطالع كثيراً من الأخبار في الصّحف و المجلات تتحدّث عن جرائم تحدث بسبب السّريّة في الزّواج ، و إنّ غاية الشّرع و مقصده على الدّوام سدّ الذّرائع التي تؤدي إلى المشاكل و الفتن ، فكلّ بابٍ أدّى إلى مفسدةٍ وجب اغلاقه لحفظ المجتمع بكلّ مكوناته ، و قد بيّن النّبي عليه الصّلاة و السّلام معيار التّفريق بين الإثم و البرّ من الأعمال بقوله الإثم ما حاك في صدرك و كرهت أن يطلع عليه النّاس ، و البرّ حسن الخلق ، و هذا ينطبق فعلاً على تصرفات البشر فغالباً ما يخفيه الإنسان يكون إثماً في ذاته أو أقلّ شيءٍ تخالطه الشّبهة فيه فيلجأ لإخفائه عن أعين البشر و مسامعهم ، أمّا البرّ فلا يخفيه الإنسان بل على العكس قد يظهره حرصاً على أن يقتدي به النّاس في ذلك ، و إنّ قضية إشهار الزّواج تتعلّق في صلبها بموضوع السّريّة و الإعلان ، فحين يوفّق الله أحدنا بالظّفر بزوجةٍ صالحةٍ فإنّه يعقد عليها على كتاب الله تعالى و سنّة نبيّه ، ثمّ يجهّز حفل الزّفاف و يكون فيه الغناء المباح حرصاً على إعلانه و اشهاره للنّاس ، و ليعلم الجميع أنّ الفتاة قد تزوّجت على كتاب الله و سنّة نبيه الكريم ، فلا تخوض الألسن بعد ذلك بعرض الفتاة و لا تتكلّم بالسّوء عنها ، لأنّ الأمر أصبح واضحاً بيّناً وضوح الشّمس في كبد السّماء .
فالهدف من الإشهار إذن هو سدّ باب الفتنة و الطّعن في أعراض النّساء العفيفات الطّاهرات ، و قد حذّر النّبي صلّى الله عليه و سلّم من الشّيطان و فتنته و وساوسه التي يقذفها في النّفوس ، و دعا إلى الايضاح و التّبيين ، و القصّة المشهورة عنه عليه الصّلاة و السّلام حين أوقف صحابيان ليعلّمهما بأنّ من تمشي معه في الأسواق هي زوجته صفيّة حيث بيّن أنّ الشّيطان يجري من ابن آدم مجرى الدّم فوجب الحذر منه .