كيف ينام السمك

النّوم

النّوم ظاهرة طبيعيّة تمر بها الكائنات الحيّة بما فيها الإنسان؛ وتهدف إلى التخلّص من الآلام والضّغوط التي تتعرّض لها الكائنات أثناء النّهار، ويشهد الدّماغ في بعض مراحل النّوم حالة من النّشاط الزّائد، فيعيد ترتيب وتنظيم الأحداث والخبرات التي يمر بها الإنسان طوال النّهار، وذلك عكس الاعتقاد الشّائع بأنّ الدماغ يتوقف نشاطه أثناء النّوم، وعلى الرّغم من عدم وضوح الأسباب التي تجعل من النّوم ضرورة حيويّة، إلا أننا نعلم أنّه لا بد من النّوم للتمكّن من الاستمرار في العيش، وأنّ قلته تؤدي إلى الشعور بالخمول والتشوّش، أمّا الحرمان منه على المدى الطّويل فله أثر كبير على النّفس البشرية، ويشبه في تأثيره التسمّم؛ لذلك استُخدِم الحرمان من النّوم كشكل من أشكال التّعذيب على مدى التّاريخ، ولفهم أهمية النّوم للكائنات الحيّة عموماََ يكفي أن نعرف أنّ فئران المختبر التي يبلغ متوسّط عمرها ثلاث سنوات، تموت إذا حُرِمت من النّوم لمدة ثلاثة أسابيع.[١]

وتختلف حاجة الكائنات الحية للنوم؛ من حيث المدّة والنّمط من نوع لآخر، والنّوم كما هو معروف فترة يشهد فيها الكائن الحي انخفاضاً في النّشاط البدني، واستجابةً أقل للمنبهات، وفي الحيوانات المتطورة مثل الثّدييات، يمكن معرفة أنّ الحيوان نائم من العيون المغلقة، أو عن طريق دراسة الأنماط المميزة للنشاط الكهربائي للدماغ أثناء النّوم. تختلف طريقة النّوم من كائن لآخر فالبشر مثلاََ يستلقون على الفراش للنوم، بينما تنام الخيول، والفِيَلة، والزّرافات في وضعية الوقوف، أمّا الخفاش فينام وهو معلّق من رجليه ورأسه للأسفل، وتنام الحيتان والدلافين بطريقة فريدة؛ حيث ينام نصف دماغها بينما يبقى النّصف الآخر متيقظاََ، أما من حيث المدة الزمنيّة التي تقضيها الحيوانات في النّوم فهي تختلف أيضاََ من نوع لآخر؛ فالزرافة تحتاج إلى ثلاثين دقيقة من النّوم العميق مقسَّمة إلى فترات نوم منفصلة، بينما يحتاج الخفاش البني للنوم لمدة عشرين ساعة تقريباََ في اليوم الواحد، ويختلف نمط النّوم لدى صغار الحيوانات عن الحيوانات البالغة من النّوع نفسه؛ إذ تقل حاجة الثّدييات مثلاً للنوم عندما تنتقل من مرحلة الطّفولة إلى البلوغ، بينما يبدو أنّ صغار الحيتان القاتلة والدّلافين قاروريّة الأنف لا تنام أثناء الشّهور القليلة الأولى من حياتها.[٢][٣]

كيفيّة نوم الأسماك

من الصّعب تطبييق المعايير الاعتياديّة عند دراسة سلوك النّوم لدى الأسماك، فهي لا تمتلك هياكل دماغ معقدة يمكن قياس التغيّر في نشاطها الكهربائي عند النّوم، ولا تمتلك أجفاناً يمكن غلقها، في المقابل توجد ظواهر أخرى تدل على أنّ الأسماك نائمة، مثل: انعدام نشاطها لفترة طويلة، أو وجودها في وضعية مريحة غالباََ داخل مأوى، أو انخفاض استجابتها للمنبهات الاعتياديّة. تشير الأبحاث إلى أنّ الأسماك تشهد حالة من فقدان الوعي (بالإنجليزيّة: Suspended animation) تشبه نوعاََ ما النّوم عند البشر، فيقل نشاطها وينخفض التّمثيل الغذائي لديها في حين تبقى في حالة تأهّب للمخاطر التي تحيط بها، بعض الأسماك تكون طافيةً في تلك الأثناء، والبعض منها قد يلجأ للاختباء في الطّين أو الشِّعاب المرجانيّة.[٢][٤]

من الخطأ الاعتقاد أنّ جميع أنواع الأسماك قادرة على النّوم؛ فهناك أنواع من الأسماك لا تنام، ومنها السّمكة الزّرقاء (الاسم العلمي: Pomatomus saltatrix)، والاسقمري المعروف (الاسم العلمي: Scomber scombrus)، وهي أسماك تسبح في الماء ليلاََ نهاراََ، وعلى الرّغم من أنّ سرعتها في الليل تكون أقل من المعتاد إلا أنّها تظل يقِظةً وتستجيب للمؤثرات المختلفة، كما أنّ بعض أنواع سمك القرش لا يمكنها النّوم، بل يجب أن تظلّ في حركة دائمة؛ وذلك للمحافظة على تدفّق تيار الماء إلى خياشيمها لتتمكّن من التنفس، وبعض أنواع الأسماك لا تنام لمنع انجرافها مع التّيار. بعض أنواع الأسماك لا تنام في حالات محدّدة، مثل: أسماك البلطى النّيلى الموزامبيقى التي لا تنام قبل أن تصل إلى مرحلة البلوغ، وبعض الأسماك لا تنام في فترة الهجرة الموسميّة، وبعضها لا ينام في مرحلة التبويض، وهناك أسماك لا تنام أثناء رعاية صغارها.[٢]

أنماط نوم أنواع مختلفة من الأسماك

فيما يأتي بعض أنماط النّوم التي درسها العلماء لأسماك تعيش في أحواض مائيّة صناعيّة:[٢]

  • يرتاح سمك البلطى النّيلى الموزامبيقى (بالإنجليزيّة: Mozambique tilapia) الذي يُعرَف علمياََ باسم (Oreochromis mossambicus) أسفل حوض الماء عند النّوم وينخفض عندها معدّل تنفسه، وتتوقّف العين عن الحركة، ولا تُظهِر الأسماك استجابةً عند تزويدها بالطّعام، أوعند تعريضها لمنبه مثل التّيار الكهربائي.
  • ينام سمك البلهد (بالإنجليزيّة: Brown bullheads) المعروف علمياََ باسم (Ameiurus nebulosus) مستلقياََ وتكون زعانفه ممدودة على قاع الحوض، وينخفض نشاطه القلبي والتّنفسي أكثر من المعتاد، ولا يستجيب للمؤثرات مثل: الصّوت، أو اللمس.
  • ينام سمك دانيو المخطط (بالإنجليزيّة: Zebrafish) أثناء الليل طافياََ بشكلِِ أفقي، أو قد يطفو والرّأس مرتفع قليلاََ عن مستوى الجسم، وتقل حركة الفم والخياشيم بمقدار النّصف، ويصبح من الصّعب تنبيهه، وعند حرمان الأسماك من هذا النّوع من النّوم تصبح نوبات النّوم لديها فيما بعد أكثر طولاََ، وتقل قدرتها على الاستجابة للمنبهات بصورة أكبر من المعتاد، وهو ما يُعرَف بظاهرة الارتداد أو الانتكاس (بالإنجليزيّة: Rebound effect)
  • تظل أسماك الأوسكار (بالإنجليزيّة: Oscar fish) هادئة أثناء الليل في قاع الحوض، وعيونها متجهة للأسفل، ولا تستجيب للمنبهات، ومن جهة أخرى توجد أسماك أخرى تنتمي إلى عائلة البلطيات التي تنتمي إليها أسماك الأوسكار، يمكن أن تنام بالقرب من القاع أو إلى الأعلى في عمود الماء.
  • تتوقّف بعض أنواع سمك البلطي عن الحركة، وتنخفض زعانفها الحوضيّة باتجاه القاع عند النّوم، إلا أنّها تنشط في بعض الأحيان وتبدأ بالحركة وزعانفها الحوضيّة متجهة للأعلى، ومن الأمثلة على هذا النوع من الأسماك: سمكة رينبو سيكلد (بالإنجليزيّة: Rainbow cichlids)، وسمكة كونفيت سيكلد (بالإنجليزيّة: Convict cichlids).
  • تنام بعض أنواع الأسماك وهي مختبئة في الثّقوب والشّقوق، أو وسط النّباتات والشّعاب المرجانيّة، أو داخل الإسفنج، أو تدفن نفسها في الرّمال.
  • تفرز السّمكة الببغائيّة (بالإنجليزيّة: Parrotfish) والأسماك اللبروسية (بالإنجليزيّة: Wrasse) غلافاً مخاطياً تغلّف به نفسها، أو تغلق به باب مأواها لتتمكّن من النّوم وحماية نفسها من الطّفيليات الخارجيّة والأسماك المفترسة؛ وذلك لأنّ المادة المخاطيّة تحجب رائحة السّمكة، وتجعل من الصّعب اكتشاف المكان الذي تنام فيه.

المراجع

  1. CHARLES BRYANT, “Is sleep that important?”، health.howstuffworks.com, Retrieved 28-11-2018. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث Stéphan. Reebs, “Sleep in fishes “، www.howfishbehave.ca, Retrieved 28-11-2018. Edited.
  3. JESSIKA TOOTHMAN, “Do all creatures sleep”، animals.howstuffworks.com, Retrieved 28-11-2018. Edited.
  4. “Do Fish Sleep?”, oceanservice.noaa.gov, Retrieved 28-11-2018. Edited.