يا ابنة الدهر هل رأيت كمثلي – الشاعر البحتري
يَا ابْنَةَ الدَّهرِ ،هَلْ رَأَيْتِ كَمِثْلِي
عِنْدَ دَفْعِ الَمُنَى ونَفْيِ الشُّكُوكِ
أَركَبُ الْمَهْمَةَ الْمَهُولَ بِعَزْمٍ
وَثَيابِي ظَلاَمَةُ الْحُلْكُوكِ
وأَشُقُّ الْجُيوبَ مِنْ خِلَعِ اللَّيْل
بكَفٍّ مِنَ الزَّماعِ بَتُوكِ
وَأَنا الْباعِثُ العَزِيمَ إِلى الْهَمِّ
فأَجْلِيهِ عَنْ ثَبَاتِ الْحَنِيكِ
شَمَّريُّ الْجَنَانِ كالْخَذِم الصَّارِمِ
بَيْنَ الإِرْهَافِ والتَّحْبِيكِ
فِي غِرَارَيْهِ والذُّبَابِ بَنَاتُ الذَّرِّ ،
يَرْفُلْنَ فِي نَهِيكٍ سَبِيكِ
مُتَجَافٍ عَنِ الْوِسادِ بِقَلْبٍ
يَقِظِ اللُّبِّ غَيْرِ جَوْشٍ صَكِيكِ
أَرْكَبُ اللَّيْلَ في زُهَا هَائِلٍ اللَّيْلِ،
وَرَأْدَ الضُّحَى لِوَقْتِ الدُّلُوكِ
وَكَذَا أَشْتَهِي يَكُونُ فَتَى الهِمَّةِ
غَيْرَ الْخُمَيِّم الْمَأْفُوكِ
وإِلى إِخوَتي ذَوي الأَدَبِ الْغُرِّ
، أُؤَدِّي تَحِيَّتي وأَلوكِي
حَيِّهِم ْمِنْهُمُ كَشَاهِدِ عُرْبِ
غَائِبِ مِنْهُمُ بِدَارِ عَتِيكِ
فَبِدمْخٍ فَغَوْرِهَا فَتِهَامٍ
فَبِأَرْضِ العِراقِ واليَرْمُوكِ
فَخُرَاسَانَ ، صَاحِن فالْيَمَنِ النَّازِحِ
صَنْعَائِهَا فأَهْلِ تَبُوكِ
ويْلَكُمْ وَيْبَكُمْ لَقَدْ هُتِكَ الشِّعْرُ
فَبَكُّوا لِسِتْرهِ الْمَهْتُوكِ
ثُمَّ شُقُّوا الْجُيُوب قَدْ
الأَمْرُ واتِّساعه كأَبيّ الدروك
يَا امْرَأَ الْقَيْسِ ،لَوْ رأَيْتَ حَبِيكَ الشِّعْرِ
يُغْذَى بِمَاءِ لَفظٍ رَكِيكِ
لَبَكَيْتَ الدِّماءَ لِلأَدَبِ الْغَضِّ
بِفَيْضٍ مِنَ الدُّمُوعِ سَفُوكِ
وَلأَبْكَيْتَ طَرْفَةً وزُهَيْراً
ولَبِيداً وقَرْمِ آلِ نَهِيكِ
وبَكَى النَّابِغِانِ مِنْ فَرْطِ وَجْدِ
ثُمَّ صَنَّاجَةُ الْقَريِضِ المَحُوكِ
أَيْنَ شَمَّاخُ والكُمَيْتُ وذُو الرُّمَّةِ
وَصَّافُ مَهْمهٍ ونَبِيكِ
أَيْنَ ذَاكَ الظَّرِيفُ ،أَغْنِي ابْنَ هانِي
حَسناً ، وَبْيَهُ نَدِيمَ المُلُوكِ
حَكَمَتْ فِيكُمُ أَكُفُّ المَنَايَا
فَجَري حُكْمُهَا بغَيْر شُكُوكِ
وَتَبَدَّلْتُ مِنْهُمُ الْبَدَلَ الأَعْوَرَ
مِنْ بَيْنِ قُذْرَةٍ وأَفِيكِ
ذَهبَ النَّاسُ ،بَلْ مَضَى زَمَنُ النَّاسِ
،وخُلِّفْتُ لِلزَّمَانِ الهَتُوكِ