مدخل إلى علم النفس
نشأة علم النفس
تعود نشأة علم النفس إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر على يد العالم الألماني فونت، حيث اعتُبر المؤسس الأول لعلم النفس، بعد أن كان علم النفس يقع ضمن العلوم الفلسفيّة القديمة، وكان فونت أول من أنشأ مختبراً سيكولوجيّاً للدراسات النفسيّة، بالإضافة لاختراعه جهازاً يخدم الأبحاث السيكولوجيّة التجريبيّة والتطبيقيّة، وبعد ذلك ظهرت الكثير من المؤلفات والكتب التي تدرس علم النفس، بالإضافة إلى إنشاء العديد من المختبرات النفسيّة في أماكن مختلفة، وتبعاً لذلك تعدّدت نظريات علم النفس ومدارسه، وأصبح علم النفس علماً مستقلاً قائماً بذاته، وبعدها أصبحت له أقسام مستقلة في الجامعات الأوروبية والأمريكية.[١]
تعريف علم النفس
ظهرت الكثير من التعريفات التي تُعالج علم النفس، واختلفت هذه التعريفات باختلاف المدراس النفسيّة وعلمائها. فمن الممكن تعريف علم النفس بأنّه العلم القائم على دراسة السلوك الإنسانيّ بطريقة علميّة من خلال فهم آلية وسيكولوجية السلوك وتطوّره، والطرق التي يتم اكتساب العادات والأنماط السلوكية من خلالها مثل القيم، والميول، والاتجاهات، والعمليات العقليّة، وطرق التفكير من الإدراك والتذكّر وغيرها، ومن الممكن تعريفه أيضاً بأنّه الدراسة العامة لسلوك الكائنات الحية وخصوصاً الإنسان، وذلك بغرض فهم هذا السلوك ومحاولة ضبطه والتحكم به، كما أن علم النفس يعالج السلوكيات الإنسانيّة بأنواعها الداخلية والذاتية، مثل العمليات العقلية والتخيل وغيرها، والخارجية كالأفعال، والاستجابات، والأنماط العملية التي يمارسها الفرد ويتفاعل فيها مع بيئته المحيطة به.[٢]
أهداف علم النفس
يتفق علم النفس في أهدافه مع باقي العلوم الأساسيّة التي تتناول كافة الظواهر الطبيعيّة والإنسانيّة، وذلك بالدراسة التفصيليّة لجوانب الظاهرة وفهمها، ثم التنبؤ بها والقدرة على التحكم بها، ومن أبرز هذه الأهداف:[٣]
- الفهم والتفسير: يسعى علم النفس إلى فهم علل الظواهر السلوكيّة، والمسببات التي تقف وراء حدوث الظواهر السلوكية المختلفة؛ مثل الاضطرابات النفسية، والتفوق الدراسي، وحالات القلق والخوف، بالإضافة إلى دراسة علاقة الظواهر السلوكية ببعضها.
- الضبط والتحكم: يظهر دور الضبط والتحكم بالظاهرة السلوكية بناءً على عملية الإلمام التام بالفهم والتفسير لهذه الظاهرة ومسبباتها، وبالتالي القدرة على التأثير في السلوك والدخول إلى مساره والتحكّم في كيفيّة وزمن حدوثه، فمن الممكن أن تُتاح الفرصة للعوامل المسببة لسلوك معين فيفتح المجال لاستدعائه وحدوثه، أو إلغاء وحذف بعض العوامل المسببة لسلوك آخر، فيتم إطفاؤه وإخفاؤه.
- التنبؤ: هو توقع حدوث ظاهرة معينة قبل وقوعها، بناءً على فهمها وتفسيرها ومعرفة أسبابها ومستوى التحكم بها، فمن المتوقع حدوث هذه الظاهرة، وبالتالي مواجهتها بالاستعداد التام والفاعل، فمثلاً في علم النفس من الممكن دراسة وفهم العوامل الدراسيّة الإيجابيّة والسلبيّة وإدراك مسبباتها ومدى تأثيرها في النجاح والفشل في مستوى التحصيل الدراسي، وبالتالي تحديد الفئة الطلابيّة التي من الممكن أن تمتلك عوامل النجاح، والفئة الطلابيّة التي من الممكن أن تمتلك عوامل الإخفاق والفشل، وتقديم الإرشاد والتوجيه التربوي لمساعدة كافة هذه الفئات.
فروع علم النفس
ظهرت الحاجة إلى تفرّع علم النفس إلى فروع عديدة، وذلك نظراً لتوسع العلوم الإنسانيّة والطبيعيّة الأخرى واتساع دائرة دراساتها، فظهرت العديد من الفروع التي عالجت الكثير من الجوانب الحياتيّة والتفاعليّة للفرد والبيئة، ومن هذه الفروع:[٤][٥]
- علم النفس الاجتماعي: وهو العلم الذي يدرس علاقة الفرد مع الجماعة وظروف التنشئة التي تفرضها هذه الجماعة، ومدى تأثير ثقافة النظام الاجتماعي وقيمه في الفرد واتجاهاته وميوله، كما أنه يهتم بدراسة التفاعل المتبادل بين الفرد والجماعة في كافة المواقف الاجتماعية، فهو يهتم بدراسة الرأي العام والعلاقات الدوليّة، والفروق المتباينة بين الأفراد تبعاً للطبقات الاجتماعيّة.
- علم نفس النمو: هو العلم الذي يهتم بدراسة السلوك الإنسانيّ أثناء مروره بالمراحل العمرية المختلفة والعوامل المؤثرة في عملية النمو، أي أنه يعالج المراحل العمريّة من الطفولة والمراهقة والشباب والكهولة والخصائص النمائية لكل مرحلة، بالإضافة إلى معرفة أوجه الاختلاف في المظاهر النمائيّة بين الأفراد في المراحل المختلفة، وكيفية اكتساب الفرد للمهارات والخبرات المختلفة خلال تعرضه للمواقف المختلفة.
- علم نفس الشخصية: هو العلم الذي يدرس طرق تصنيف الأفراد إلى فئات بحسب سماتهم الشخصية التي يقوم من خلالها بصياغة قوانين السلوك ومبادئه، بالإضافة إلى دراسة العوامل المؤثرة في السمات الشخصية وتكوينها.
- علم النفس الفسيولوجي: هو العلم الذي يدرس بشكل عام السلوك الإنساني من منظور فسيولوجي، أي فهم الأساس الفسيولوجي لهذا السلوك، فعلم النفس الفسيولوجي يهتم بدراسة الجهاز العصبي ووظائفه ومدى تأثيرها في السلوك، فهو يعالج مثلاً آلية الشعور والأحاسيس من خلال دراسة السيالات العصبية ومساراتها، وطرق سيطرة الدماغ على العمليات السلوكية، بالإضافة إلى دراسة الغدد الصم، ومدى تأثير وظائفها في السلوك.
أهمية علم النفس
تظهر أهمية علم النفس بجوانب علمية وحياتية مختلفة لا تنتهي، حيث برزت أهمية علم النفس تطبيقياً ونظرياً فظهرت آثاره في توظيف النظرية بمحل التطبيق فكانت على النحو الآتي:[٢]
- من الناحية النظرية: تكمُن أهمية علم النفس نظرياً بما يقدمه من دراسة هادفة للظواهر النفسية تقود إلى صياغة وتحديد القوانين العامة والضوابط الأساسية التي تحكم هذه الظواهر.
- من الناحية التطبيقية: أما تطبيقياً فتبرز أهمية علم النفس في توظيف القوانين العامة الضابطة للظواهر النفسية في التحكم بالسلوك الإنساني وتكيفه وقيادته نحو الاتجاهات السليمة، وقياس السلوكيات بتحديد معايير سوية السلوك وعدم سويته ومعالجة اختلاله.
المراجع
- ↑ “نشأة عن تطور علم النفس العام”، جامعة بابل – كلية التربية الأساسية، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2017.
- ^ أ ب د. آيت حكيمة، موضوع علم النفس وتعريفه، الجزائر: جامعة الجزائر- كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، صفحة 1-3.
- ↑ ألفت حقي (1998)، المدخل إلى علم النفس العام (الطبعة السابعة)، مصر: دار المعرفة الجامعية، صفحة 23-25.
- ↑ طلعت منصور، أسس علم النفس العام، مصر: مكتبة الأنجلو المصرية، صفحة 17.
- ↑ “فروع علم النفس العام الأساسية”، جامعة بابل- كلية التربية الأساسية، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2017.