تعريف علم النفس العيادي

علم النفس العيادي

في العالم الحاضر كثُرتْ الضغوطات المختلفة التي يتعرض لها الأفراد والتي من شأنها أن تجعل الحياة أكثر تعقيداً وصعوبة، كنشوء الحروب والصراعات النفسيّة والماديّة، والعيش تحت وطأة التهديد والعنف، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الإنجاز والطموح، وبالتالي ارتفاع منافسة الأفراد فيما بينهم، وبالرغم من جميع وسائل الرخاء والراحة التي يوفرها العلم الحديث وما توصل إليه من التطور والتقدم في التطبيقات التكنولوجية والمعرفيّة، إلا أنّ ذلك يقتصر بشكل أو بآخر على الصعيد المادي، وفي ظل هذه الظروف فمن المؤكد ظهور المشكلات النفسيّة والاجتماعيّة والروحيّة وغيرها، ومن هنا وجب ظهور المجال الذي يعالج هذه المشكلات مع طرق الوقاية منها، والحاجة الملحة للاهتمام بالرعاية النفسيّة لأفراد المجتمع للحفاظ على نهضته وتقدمه.[١]

تعريف علم النفس العيادي

يُعرَف علم النفس العيادي (بالإنجليزية: Clinical Psychology) ويُطلق عليه أيضاً علم النفس الإكلينيكي، ويختلف تعريفه باختلاف اتجاهات العلماء وآرائهم ومعتقداتهم، كما أنه يُعتبر علماً حديثاً حيث بدأ بالازدهار بين السبعينات والثمانينات بشكل واضح، وزادت نهضته بسبب التطوّر الكبير الذي طرأ على مناهج البحث العلميّة، والأساليب والطرق التشخيصيّة والعلاجيّة، ومن الممكن تعريفه كالآتي:[٢]

  • هو فرع من فروع علم النفس العام، وهو العلم الذي يهتم بدراسة الأفراد الذين يعانون من الاضطرابات التوافقيّة في الشخصية ومحاولة تعديلها.
  • هو فرع من فروع علم النفس، ويهتم بدراسة وتشخيص الاضطرابات النفسيّة الخفيفة كالعصابات والعيوب الكلاميّة.[٣]
  • هو أحد فروع علم النفس الذي يُعنى بفهم السلوكيّات غير التكيفيّة وقياسها وتشخيصها وطرق علاجها والوقاية منها.
  • هو العلم الذي يعتمد على المعرفة السيكلوجيّة والتمارين المستخدمة في مساعدة ودعم الفرد الذي يعاني من الاضطرابات السلوكيّة والانفعاليّة، للوصول بالفرد إلى حالة من التكيف والتوافق الذاتيّ، بالإضافة إلى إجراء الأبحاث العلميّة بشكل مستمر للتوسع في المعرفة.
  • يندرج علم النفس العيادي ضمن فروع علم النفس التطبيقيّة أو العمليّة، وهي سلسلة من الإجراءات التحليليّة لسلوك الفرد عن طريق الملاحظة والقياس والتشخيص وتقديم الاقتراحات للإجراءات العلاجيّة على صعيد التكيف والتوافق النفسيّ.
  • هو العلم الذي يندرج ضمن فروع علم النفس العام والذي يدرس الاضطرابات العقليّة وتشخيصها وعلاجها، وإيكال هذه المهام إلى الأخصائي المدرب الحاصل على الدرجات العلميّة اللازمة لمزاولة مهنته كأخصائي نفسي عيادي، بالإضافة إلى التدريب على المهارات العلميّة اللازمة من مهارات التشخيص واختيار الطرق العلاجيّة الفعالة، وإجراء المقابلات الإكلينيكية العيادية، وتوجيه الأسئلة المناسبة عن المريض، وحياته والاضطرابات التي يعاني منها.[٤]

المناحي العامة لتعريفات علم النفس العيادي

اختلفت الاتجاهات التي تعالج تعريف علم النفس العيادي باختلاف العلماء القائمين على التعريفات واتجاهاتهم، واختلفت بذلك النواحي العامة التي يعالجها كل تعريف، وكانت هذه النواحي على النحو الآتي:[٥]

  • المنحى الطبي: حيث أكد الكثير من العلماء من خلال تعريفاتهم أنّ مهام علم النفس العيادي من التشخيص والعلاج تقع على عاتق الأطباء وأخصائي الأعصاب، أي أنّ علم النفس العيادي أو الإكلينيكي يرتكز على الخبرة العياديّة والممارسة الإكلينيكيّة، وعليه فإنّ الأخصائي النفسي العيادي يجب أن يكون لديه أساس متين من الخبرة والخلفيّة الطبيّة الواسعة.
  • المنحنى القياسي: حيث كانت آراء العلماء الذين اعتمدوا في تعريفاتهم على عملية القياس لملاحظة السلوك غير السوي أنّ الاختبارات النفسيّة والعقليّة والشخصيّة هي حجر الأساس في عملية التشخيص، وبإهمالها تكون عملية التشخيص غير ناجحة، وغير قابلة للتنبؤ بالسلوكيات المتوقع حدوثها، ولا تلبي غرضها الأساسي.
  • المنحنى الشذوذي: اعتمد العلماء في هذه التعريفات على أنّ العمل الأساسي لأخصائيي العلاج النفسي هو دراسة الأفراد غير السويين في سلوكياتهم وانفعالاتهم واستجاباتهم للمثيرات المختلفة، بالإضافة إلى أصحاب القدرات العقلية المتدنية.
  • المنحنى السلوكي: اعتمدت التعريفات المستندة إلى هذا المنحنى على أنّ مهمة علم النفس العيادي هي دراسة كافة الأنماط السلوكية المختلفة وتحليلها، وتشخيص الحالة النفسيّة للأفراد بالإضافة إلى العوامل التي تؤدي إلى نشوء الاستجابات السلوكيّة المختلفة، ومدى تفاعلها وتناغمها مع بعضها ليتم تحقيق الحد المطلوب من التكيف مع الأحداث والمواقف والأفراد.
  • المنحنى التوافقي: وكانت جمعية علم النفس الأمريكية هي من دعت إلى تأطير وتحديد المعنى العام لعلم النفس العيادي بأنه يهتم ويدرس ويعالج الاضطرابات التوافقية للفرد مع نفسه وذاته ومع بيئته، والمشكلات التي من الممكن أن تؤثر في هذا التوافق أثناء تحقيقه ما يريد.

أهداف علم النفس العيادي

لعلم النفس العيادي الكثير من الأهداف، منها:[٦][٧]

  • المحاولة المستمرة في اكتشاف مكنونات الصحة النفسيّة والعقلية والسعي لمساعدة الأفراد للوصول إليها.
  • الانتقال من الطرق الفردية للعلاج والإرشاد إلى الطرق الجماعية وجلسات الارشاد الجمعي.
  • الاهتمام بتعديل الاتجاهات السلوكيّة بشكل إيجابي بما يخدم الفرد والمجتمع.
  • استعمال أسلوب ربط المريض بواقعه، وإعداد الخطط العلاجيّة في إطار ذلك.
  • الاهتمام الشديد بالدور الحساس لاختبارات القياس، وأساليب العلاج المناسبة ومناهج البحث العلميّ التي تخدم العمليّة العلاجيّة.
  • التعرف على خصائص الأنماط السلوكيّة باستخدام أساليب القياس والتحليل ودراسة العلاقة بين نتاجاتها وبين التاريخ الاجتماعي للفرد.

مواضيع علم النفس العيادي

يعالج علم النفس العيادي الكثير من المواضيع المهمّة التي تتزايد بتزايد عمليات البحث العلميّ والتطبيقيّ، ومن هذه الموضوعات على سبيل الذكر وليس الحصر:[٨]

  • الخطط العلاجية التأهيلية للمرضى الذهانيين.
  • التوعية والوقاية من اضطرابات المزاج.
  • دور الأخصائي النفسي العيادي في الوقاية والحماية من الآثار الجانبيّة للعلاجات التي يتعاطاها المرضى النفسيين كمضادات الاكتئاب وغيرها.
  • دراسة وتشخيص وعلاج حالات فرط النشاط وتشتت الانتباه للكبار.
  • قضية التزام المرضى النفسيين بالعلاج الدوائي، والاستمرار في الخطط العلاجيّة.

المراجع

  1. عبد الرحمن العيسوي (1992)، علم النفس الاكلينيكي، مصر-الاسكندرية: الدار الجامعية، صفحة 7.
  2. عطوف ياسين (2005)، علم النفس العيادي (الاكلينيكي)، القاهرة: دار العلم للملايين، صفحة 25.
  3. “المصطلحات والتعريفات للألفاظ الواردة في دراسة العقل عند ابن تيمية”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2017.
  4. عبد الرحمن العيسوي (1992)، علم النفس الاكلينيكي، مصر-الاسكندرية: الدار الجامعية، صفحة 11-17.
  5. حيدر سكر، محاضرات في علم النفس الإكلينيكي المرحلة الثالثة، صفحة 4-5.
  6. عبد الستار إبراهيم، عبد الله عسكر (2008)، علم النفس الإكلينيكي (الطبعة الرابعة)، مصر: مكتبة الأنجلو المصرية، صفحة 14.
  7. “مقدمة عن تطور علم النفس الإكلينيكي -مفهوم علم النفس الإكلينيكي- أهدافه- مجالاته”، جامعة بابل -كلية التربية الأساسية، اطّلع عليه بتاريخ 25-4-2017.
  8. “علم النفس العيادي”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 25-4-2017.