الضوء في الفيزياء

الضوء

وُضع الضوء على مر العصور ضمن العديد من أطر التفكير المختلفة، فتارةً عومل على أنه موجة، وتارةً أخرى على أنه جسيم، وتارةً أخرى على أنه غير ذلك. قبل القرن التاسع عشر فكر الناس بالضوء على أنه سيل من الجسيمات الصغيرة جداً التي إما تصدر من العين، أو من الجسم الذي ننظر إليه (وهاتان طريقتان مختلفان في التفكير بآلية الرؤية لدى الإنسان). من الذين روّجوا لفكرة أن الضوء عبارة عن جسيمات تنطلق من الأجسام التي نراها العالم إسحاق نيوتن، واستخدم هذه الفكرة لتفسير ظاهرتي الانعكاس والانكسار.[١]

قبل العلماء بشكلٍ قويٍ بفرض نيوتن، واستمر القبول بهذا الفرض حتى عام 1678م حيث اقترح عالم الفيزياء والفلك الهولندي كرستيان هويجنس (بالإنجليزية: Christian Huygens) أن الضوء عبارة عن نوع من الأمواج، وتمكّنت النظرية الموجية لهوغينس من تفسير ظاهرتي الانعكاس والانكسار للضوء. وفي عام 1801م تمكّن العالم ثوماس يونغ (بالإنجليزية: Thomas Young) من إثبات أن الضوء موجة، عن طريق جعل الضوء يتداخل، الأمر الذي سوف يؤدي إلى انخفاض شدة الضوء أو اختفاء الضوء بالكامل في بعض الأحيان أو زيادة شدة الضوء، هاتان الظاهرتان تُعرفان بالتداخل الهدّام والتداخل البنّاء على الترتيب. ثم لحق ذلك نشر ماكسويل (بالإنجليزية: Maxwell) لعمله في الكهرباء والمغناطيسية في عام 1873م الذي دعم أيضاً النظرية الموجية للضوء وتمكن عن طريقه من حساب سرعة الضوء.[١]

النظرية الموجية للضوء كانت قادرة على تفسير معظم الظواهر الضوئية، إلا أنها فشلت في تفسير بعض الظواهر التي لوحظت لأول مرة مع نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، مثل الظاهرة الكهروضوئية (بالإنجليزية: Photoelectric Effect)، الظاهرة التي نرى عن طريقها انطلاق إلكترون من سطح المعدن عند تسليط ضوء عليه. وكان فشل النظرية الموجية للضوء يكمن في أن الطاقة الحركية لكل إلكترون لا تعتمد على شدة الضوء الساقط، وإنما على تردده، وعلى الجهة الأخرى كان عدد الإلكترونات المنبعثة من سطح المعدن يعتمد على شدة الضوء الساقط على هذا المعدن، وتمكّن العالم الشهير ألبرت آينشتاين (بالإنجليزية: Albert Einstein) من تفسير هذه الظاهرة في عام 1905م مستعيناً بمفهوم تكميم الطاقة الذي وضعه العالم ماكس بلانك سابقاً، ونال جائزة نوبل في الفيزياء في عام 1921م لتفسيره لهذه الظاهرة.[١][٢]

تبقّى لنا الآن الإجابة على سؤال ماهية الضوء، هل هو موجة، أم جُسيم؟ لكن الإجابة ليست بسيطة كما رأينا سابقاً، ومن الواضح تجريبياً أن الضوء يظهر سلوكاً موجياً في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان الأخرى يُظهر سلوكاً خاصاً بالأجسام، وهذا الأمر هو الذي تجيب عنه ميكانيكا الكم.[١]

ما هو الضوء حقاً

عادةً ما تستخدم كلمة (ضوء) للتعبير عن الإشعاع الكهرومغناطيسي الذي يمثل جزءاً من كامل الطيف الكهرومغناطيسي. هذا الجزء من الطيف الكهرومغناطيسي هو الجزء الذي يمكن للعين البشرية أن تدركه وهو يتراوح ما بين الطول الموجي 700 نانومتر والطول الموجي 400 نانومتر، وكل ما ينطبق على الطيف الكهرومغناطيسي من قوانين ينطبق أيضاً على هذا الجزء. بما في ذلك سرعة الضوء، حيث إنها سرعة انتشار الأمواج الكهرومغناطيسية نفسها، وهي تساوي 300,000 كم/ث تقريباً. وعلى الأرض تُعتبر الشمس أكبر مصدر للطيف الكهرومغناطيسي كاملاً، فبهذا يمكننا أن نستغل ضوء الشمس في العديد من نشاطات حياتنا اليومية.[٣]

خصائص الضوء

الضوء هو عبارة عن موجة كهرومغناطيسية (موجة تنشأ من تعامد مجالين مغناطيسي وآخر كهربائي)، والموجات الكهرومغناطيسية هي موجات مستعرضة (أي اتجاه انتشارها عامودي على اتجاه اهتزاز المجالين الكهربائي والمغناطيسي)،[١] وعند دراسة الضوء ومعاملته كأنه موجة فإنه يمتلك جميع الخصائص التي تمتلكها الموجات المختلفة، مثل:[٤]

  • الطول الموجي: الطول الموجي هو المسافة بين قمتين متتاليتين أو قاعين متتاليين (أي المسافة بين نقطتين متتالييتين متماثلتين)، ويقاس الطول الموجي بوحدات قياس الطول، ففي النظام العالمي للوحدات نستخدم المتر لقياس الطول الموجي.
  • الزمن الدوري: وهو الزمن اللازم لموجة كاملة واحدة لتعبر نقطة ما، ويقاس الزمن الدوري بالثواني.
  • التردد: التردد هو نسبة تكرار الموجة لنفسها في وحدة الزمن، ومفهوم التردد مرتبط بسرعة الموجة وطولها الموجي حسب العلاقة الآتية:
    ع= تد × λ
    حيث إن ع هي سرعة انتشار الموجة، تد هو تردد الموجة، وλ هي الطول الموجي للموجة. وواضح من هذه العلاقة أن التردد يتناسب عكسياً مع الطول الموجي (حيث إنه كلما زاد الطول الموجي سوف يقل التردد). أيضاً إن وحدة قياس التردد هي مقلوب وحدة قياس مقلوب الثانية) وهذه الوحدة تعرف بالهيرتز.[١]
  • السعة: سعة الموجة هي واحدة من خصائص الموجة التي تؤثر على مقدار طاقة الموجة حيث أن طاقة الموجة تتناسب تناسباً طردياً مع سعتها. والسعة من حيث المفهوم هي المسافة بين قمة الموجة أو قاعها مع المستوى الصفري (المستوى الصفري هو الذي تختفي عنده الحركة الموجية، ويمكن التفكير فيه على أنه مستوى الإتزان للوسط الناقل للموجة)، والسعة تقاس أيضاً بوحدات الطول.
  • سرعة انتشار الموجة: وهي السرعة التي تتحرك فيها الموجة سواء في الفراغ أو في الوسط، وأو بكلماتٍ أخرى، هي السرعة التي تقوم الموجة فيها بإعادة توليد نفسها، وتقاس بوحدات قياس السرعة.
  • طاقة الموجة: واحدة من أهم خصائص الموجات التي نحن مهتمون بها هي طاقة الموجة، حيث إننا مهتمون بها لأنها سوف تمكننا من معرفة الطاقة المنتقلة من الموجة إلى أي شي، وتتناسب الطاقة المنتقلة من الموجة طردياً مع مربع التردد الزاوي ومع مربع السعة.[١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ Raymond A. Serway & John W. Jewett (2004), Physics for Scientists and Engineers, USA: Thomson Brooks/Cole, Page 487, 493, 502,1095, 1096, 1097, Part 6th edition. Edited.
  2. “The Nobel Prize in Physics 1921”, Noble Prize, Retrieved 23-12-2017. Edited.
  3. Glenn Stark (2-2-2018), “light”، www.britannica.com, Retrieved 28-2-2018. Edited.
  4. “Properties of waves”, Randy Kobes, University of Winnipeg, Retrieved 13-1-2018. Edited.