مكونات حليب الأم

حليب الأم

يُعرَّف حليب الأم، أو حليب الثدي، أو حليب الرضاعة، أو الحليب البشري على أنَّه الطعام الشامل والوحيد للجنين حتى بلوغه عمر الستة أشهر تقريباً، ويحتوي حليب الأم على جميع العناصر الغذائيَّة التي يحتاجها الجنين للنموِّ واكتساب المهارات والتطوُّر في هذه المرحلة، ويُنتج حليب الأم على ثلاث مراحل مختلفة يمكن بيانها في ما يأتي:[١]

  • اللبأ: يُعدُّ اللبأ (بالإنجليزية: Colostrum) أوَّل أنواع الحليب التي تُنتج من الأم الحامل بعد الولادة مباشرة.
  • الحليب الانتقالي: (بالإنجليزية: Transitional milk) هو الحليب الذي يُنتج بعد أربعة أيام تقريباً من اللبأ، ويستمرُّ إنتاجه لمدَّة أسبوعين تقريباً، وهو عبارة عن مزيج من اللبأ والحليب الناضج (بالإنجليزية: Mature milk).
  • الحليب الناضج: وهو الذي يُنتج بعد الحليب الانتقالي، وهو عبارة عن حليب غني بالدهون والبروتينات، ويتألَّف من نوعين أيضاً وهما الحليب الأوَّلي (بالإنجليزية: Foremilk) الذي يُفرَز في بداية الرضعة، وما يُعرَف بحليب آخر الرضعة (بالإنجليزية: Hindmilk)، ويستمرُّ إنتاج هذا النوع من الحليب حتى فطام الطفل الرضيع.

مكونات حليب الأم

تختلف نسبة السعرات الحراريَّة التي قد يحصل عليها الطفل الرضيع من حليب الأم، إذ تختلف نسبة الدهون في الحليب بين الرضعات وخلال الرضعة نفسها، فتكون نسبة الدهون أعلى في نهاية الرضاعة منها في بدايتها، وتُشكِّل الدهون ما يقارب 15% من نسبة السعرات الحراريَّة في حليب الأم، ولكن يمكن تقدير السعرات الحراريَّة لكلِّ ملليلتر من حليب الأم بما يقارب 0.65 سعرة حراريَّة، ومن الجدير بالذكر أنَّ نسبة البروتينات في حليب الأم تُعدُّ أقلَّ من تلك المتواجدة في الحليب الصناعي في العادة.[٢]

الماء

يُشكِّل الماء النسبة الأكبر من حليب الأم، إذ يمثِّل ما يقارب 88% من مكوِّنات الحليب، ومن الجدير بالذكر أنَّ هذه النسبة تُشكِّل الحاجة اليوميَّة الكافية من الماء للطفل الرضيع الذي يتغذَّى بشكلٍ تام على حليب الأم، وعلى الرغم من أنَّ هذه النسبة قد تكون أقلَّ في اللبأ الذي يُنتج خلال أوَّل أربعة أيام من الولادة، إلا أنَّ الطفل الرضيع لا يحتاج إلى كميَّات أكبر من الماء، إذ يعوَّض النقص من الماء في الحليب الانتقالي الذي يبدأ إنتاجه بعد اللبأ.[٣]

البروتينات

يحتوي حليب الأم المرضع على نوعين رئيسيَّين من البروتين، وهما: بروتين مصل اللبن (بالإنجليزية: Whey protein) الذي يُشكِّل ما يقارب 60% من بروتينات الحليب، وبروتين الكازين أو الجُبنين (بالإنجليزية: Casein) الذي يُشكِّل ما يقارب 40% من بروتينات الحليب، ويُعدُّ التوازن بين هذين النوعين من البروتينات والمحافظة على هذه النسبة ضروريّاً عند إنتاج الحليب الصناعي، لما لذلك من دور في تسهيل عمليَّة الهضم وسرعتها، ومن الجدير بالذكر أنَّ لبروتينات مصل الحليب خواصَّ مضادَّة للعدوى وتساعد على الوقاية من الأمراض، وفي ما يأتي بيان لبعض البروتينات المتواجدة في حليب الأم وفوائدها:[٤]

  • بروتين اللاكتوفيرين: يساهم بروتين اللاكتوفيرين (بالإنجليزية: Lactoferrin) في تثبيط نموِّ البكتيريا المعتمدة على الحديد في الجهاز الهضمي للطفل الرضيع، مثل: البكتيريا القولونيَّة (بالإنجليزية: Coliforms)، بالإضافة إلى بعض أنواع الفطريَّات.
  • بروتين الليزوزيم: يُعدُّ بروتين الليزوزيم (بالإنجليزية: Lysozyme) أحد الإنزيمات ذات الخواصِّ المضادَّة للالتهاب، والمحفِّزة لنموِّ البكتيريا المعويَّة الطبيعيَّة في الجهاز الهضمي للطفل الرضيع، ولإنزيم الليزوزيم خواصُّ مضادَّة لبكتيريا الإشريكيَّة القولونيَّة (بالإنجليزية: Escherichia coli)، وبكتيريا السالمونيلا (بالإنجليزية: Salmonella).
  • عامل بيفيدوس: يساهم عامل بيفيدوس (بالإنجليزية: Bifidus factor) في تحفيز نموِّ بكتيريا العصيَّة اللبنيَّة (بالإنجليزية: Lactobacillus)، وهي أحد أنواع البكتيريا النافعة التي تساعد على منع نموِّ أنواع البكتيريا الضارَّة بسبب إنشاء وسط حمضي لا يناسب العديد من أنواع البكتيريا الضارَّة.
  • الغلوبولينات المناعيَّة: (بالإنجليزية: Immunoglobulins)، وتُعرَف أيضاً بالأجسام المضادَّة (بالإنجليزية: Antibodies)، وهي عبارة عن بروتينات خاصَّة تحارب العدوى بمختلف أشكالها، لذلك يمكن القول بأنَّ حليب الأم يُعدُّ أحد أنواع اللقاحات التي يحصل عليها الطفل الرضيع، والتي تساهم في الوقاية والتصدِّي للعديد من أنواع الأجسام الممرضة المختلفة، مثل: البكتيريا، والفطريَّات، والفيروسات، والطفيليَّات، والتي قد تسبِّب الإسهال ونزلة البرد وعدوى الأذن والعديد من المشاكل الصحيَّة الأخرى التي قد تسبِّب إصابة الطفل بالتقيُّؤ والإسهال اللذين يُشكِّلان خطراً عليه، ومن الجدير بالذكر أنَّ الغلوبيولين المناعي أ (بالإنجليزية: Immunoglobulin A) واختصاراً IgA يُعدُّ من الأجسام المضادَّة الرئيسيَّة التي يحصل عليها الجسم من حليب الأم، إذ يحمي هذا الغلوبيولين المناعي الأمعاء والرئتين، ويمنع دخول الأجسام الممرضة إلى مجرى الدم.[٥]
  • الغلوبولينات المناعيَّة الأخرى: يحتوي حليب الأم على عدد من الغلوبولينات المناعيَّة الأخرى مثل الغلوبيولين المناعي م (بالإنجليزية: Immunoglobulin M) واختصاراً IgM، والغلوبيولين المناعي ج (بالإنجليزية: Immunoglobulin G) واختصاراً IgG، إذ تقي هذه الأجسام المضادَّة من بعض أنواع العدوى البكتيريَّة والفيروسيَّة أيضاً، ويمكن زيادة نسبة هذه الأجسام المضادَّة في حليب الأم من خلال تناول الأم لبعض الأطعمة المحدَّدة مثل الأسماك.[٤]

الكربوهيدرات

يحتوي حليب الأم على مجموعة متنوِّعة من الكربوهيدرات (بالإنجليزية: Carbohydrate) أو السكريَّات المختلفة، ويُعدُّ سكَّر اللاكتوز (بالإنجليزية: Lactose) أكثر أنواع الكربوهيدرات تركيزاً في حليب الأم، ولهذا السكَّر دور مهم في إمداد الطفل الرضيع بالطاقة وخصوصاً الدماغ، والمساعدة على امتصاص بعض المعادن مثل الكالسيوم، والمحافظة على قوام الحليب، ويتواجد سكَّر اللاكتوز بنسبة ثابتة من بعد انتهاء الأسبوع الثالث من الولادة تقريباً، كما يحتوي حليب الأم على مجموعة من السكريَّات المعروفة بسكريَّات الحليب البشري قليلة التعدُّد (بالإنجليزية: Human milk oligosaccharides) واختصاراً HMOs، وفي الحقيقة لا يمكن للطفل الرضيع هضم هذا النوع من السكريَّات، إلا أنَّها تعمل كغذاء للبكتيريا النافعة في الأمعاء مثل بكتيريا الشقاء الطفليَّة (بالإنجليزية: Bifidobacterium infantis)، ممَّا يساهم في نموِّها وتكاثرها، إذ تساهم هذه البكتيريا في الوقاية من عدد من المشكلات الصحيَّة التي قد تصيب الطفل الرضيع مثل عدوى الجهاز التنفُّسي والإسهال.[٦]

الدهون

تُعدُّ الدهون أحد العناصر الأساسيَّة المتواجدة في حليب الأم، والتي تلعب دوراً مهمّاً في تزويد الطفل بالطاقة والفيتامينات ومكوِّنات نشطة بيولوجيّاً (بالإنجليزية: Bioactive components)، والأحماض الدهنيَّة المتعدِّدة غير المشبعة (بالإنجليزية: Polyunsaturated fatty acids)، بالإضافة إلى دورها في تحسين نكهة ومذاق الحليب، ومن الجدير بالذكر أنَّ الشحوم الثلاثيَّة أو ثلاثي الغليسريد (بالإنجليزية: Triglycerides) يُشكِّل ما يقارب 95% من الدهون في حليب الأم، كما يحتوي حليب الأم على بعض الدهون الخاصَّة مثل الأحماض الدهنيَّة غير المشبعة طويلة السلسلة (بالإنجليزية: Long chain polyunsaturated fatty acids) واختصاراً LC-PUFAs، وبعض الأحماض الدهنيَّة الضروريَّة مثل حمض ألفا-اللينولينيك (بالإنجليزية: α-linoleic acid) واختصاراً ALA، وحمض اللينولييك (بالإنجليزية: Linoleic acid) واختصاراً LA، إذ تتحوَّل هذه الأحماض الدهنيَّة إلى حمض الأراكيدونيك (بالإنجليزية: Arachidonic acid)، واختصاراً AA، وحمض الإيكوسابنتاينويك (بالإنجليزية: Eicosapentaenoic acid) واختصاراً EPA في جسم الطفل الرضيع، ثم يُعاد تحويل حمض الإيكوسابنتاينويك إلى حمض الدوكوساهكساينويك (بالإنجليزية: Docosahexaenoic acid) واختصاراً DHA، ولهذين الحمضين دور مهم في تعزيز الوظائف المناعيَّة، وتنظيم النموِّ والاستجابة المناعيَّة، والتطوُّر الحركي والعقلي للطفل الرضيع، وسلامة الجهاز العصبي، وتعزيز التمايز الخلوي.[٧][٨]

الفيتامينات

يحتوي حليب الأم على جميع الفيتامينات الضروريَّة لسلامة الطفل الرضيع وضمان نموِّه الطبيعي، والمحافظة على سلامة الجلد والنظر والعظام، بالإضافة إلى دور الفيتامينات في الوقاية من عدد من الأمراض المختلفة، مثل مرض كساح الأطفال (بالإنجليزية: Rickets)، ومرض الأسقربوط (بالإنجليزية: Scurvy)،[٥] وفي ما يأتي بيان لهذه الفيتامينات وأهميَّتها للطفل الرضيع:[٩]

  • فيتامين أ: يحتوي حليب الأم على نسبة كافية من فيتامين أ (بالإنجليزية: Vitamin A)، وهو من الفيتامينات الضروريَّة لسلامة النظر لدى الطفل الرضيع، ومن الجدير بالذكر أنَّ اللبأ يحتوي على ضعف نسبة فيتامين أ تقريباً المتواجد في الحليب الناضج، وهو ما يعطي اللبأ اللون الأصفر المائل إلى اللون البرتقالي.
  • فيتامين د: تعتمد نسبة فيتامين د (بالإنجليزية: Vitamin D) في حليب الأم على نسبة الفيتامين لديها، وهو من الفيتامينات الضروريَّة التي تساهم في بناء الأسنان والعظام.
  • فيتامين إي: يحتوي حليب الأم على نسبة كافية من فيتامين إي (بالإنجليزية: Vitamin E)، إذ يحمي هذا الفيتامين الغشاء الخلوي للخلايا في الرئتين والعينين.
  • فيتامين ك: يساهم فيتامين ك (بالإنجليزية: Vitamin K) في إنتاج عوامل التخثُّر التي تساعد على إيقاف النزيف.
  • فيتامين سي: يحتوي حليب الأم على نسبة عالية من فيتامين سي (بالإنجليزية: Vitamin C)، وهو من الفيتامينات الضروريَّة التي تساهم في شفاء الجروح، وتدعيم الجهاز المناعي، والمساعدة على امتصاص الحديد، والوقاية من مرض الأسقربوط النادر، كما يُعدُّ فيتامين سي من مضادَّات الأكسدة القويَّة.
  • فيتامين ب6: تعتمد نسبة فيتامين ب6 (بالإنجليزية: Vitamin B6) في حليب الأم على نظامها الغذائي، وهو من الفيتامينات الضروريَّة لسلامة الدماغ وتطوُّره.
  • حمض الفوليك: أو الفولات (بالإنجليزية: Folate) وهو من الفيتامينات التي تتأثَّر بالنظام الغذائي للأم المرضع، ويساهم في صحَّة ونموِّ الطفل الرضيع.
  • فيتامين ب12: يساهم فيتامين ب12 (بالإنجليزية: Vitamin B12) في تطوُّر ونموِّ الجهاز العصبي، ونموِّ الخلايا المختلفة في الجسم.
  • فيتامينات ب الأخرى: تساهم فيتامينات ب الأخرى في العديد من الوظائف المهمَّة في الجسم، وهي فيتامين ب1 أو الثيامين (بالإنجليزية: Thiamin)، وب2 أو الرايبوفلافين (بالإنجليزية: Riboflavin)، وب3 أو النياسين (بالإنجليزية: Niacin)، وب5 أو حمض البانتوثينيك (بالإنجليزية: Pantothenic Acid)، إذ تساهم في سلامة الجلد، والشعر، والعينين، والجهاز العصبي والدماغ، بالإضافة إلى دورها في تحويل الطعام إلى طاقة، وأهميَّتها في نموِّ الجسم وتطوُّره ووظائفه، وتعتمد نسبة هذه الفيتامينات في حليب الأم المرضع على نظامها الغذائي أيضاً.

المكونات الأخرى

يحتوي حليب الأم على العديد من المكوِّنات الأخرى، ومنها ما يأتي:

  • المعادن: يحتوي حليب الأم على العديد من المعادن والعناصر الزهيدة (بالإنجليزية: Trace elements) الضروريَّة لبناء جسم الطفل الرضيع، إذ يساهم الحديد في إنتاج خلايا الدم الحمراء وتطوُّر الدماغ، ويساهم كلٌّ من الكالسيوم والفوسفور في بناء العظام، ويحمي عنصر السيلينيوم (بالإنجليزية: Selenium) الخلايا من أضرار الجذور الحرَّة (بالإنجليزية: Free radicals)، ويساهم كلٌّ من عنصر الكروم (بالإنجليزية: chromium) والزنك (بالإنجليزية: zinc) في العديد من العمليَّات الاستقلابيَّة والنموِّ.[١٠]
  • الإنزيمات: يحتوي حليب الأم على العديد من الإنزيمات (بالإنجليزية: Enzymes) المهمَّة التي تساهم في عمليَّات الهضم وتكسير البروتينات والدهون لدى الطفل الرضيع، والتي تلعب دوراً في حماية الطفل من بعض الأمراض والجراثيم، وفي الحقيقة توجد العديد من الإنزيمات في حليب الأم والتي لم تُحدَّد وظيفتها إلى الآن بشكلٍ واضح، ومن المؤكَّد أنَّ لهذه الإنزيمات دور مهم في بناء جسم الطفل وسلامته.[٥]
  • الهرمونات: تساهم الهرمونات في العديد من الوظائف المهمَّة للجسم، مثل: الوظائف الاستقلابيَّة، والنموِّ، والاستجابة للألم والتوتُّر، وتنظيم ضغط الدم، ومن الهرمونات التي تساهم في إنتاج حليب الأم هرمون النموِّ، وهرمونات الغدَّة الدرقيَّة، وهرمون الحليب أو البرولاكتين (بالإنجليزية: Prolactin).[٥]
  • البروبيوتيك: وتُعرَف أيضاً بالمُعينات الحيويَّة (بالإنجليزية:Probiotic)، وهي عبارة عن مجموعة من البكتيريا النافعة التي تساهم في عدد من الوظائف الصحيَّة في الجسم على المدى القريب والبعيد.[٨]

المراجع

  1. SANJANA LAGUDU (6-9-2019), “Breastfeeding Vs. Formula Feeding”، www.momjunction.com, Retrieved 28-7-2020. Edited.
  2. Becky Bell (13-7-2017), “Can Eating Too Much Sugar Affect Your Breast Milk”، www.hellomotherhood.com, Retrieved 28-7-2020. Edited.
  3. “Exclusive Breastfeeding”, rehydrate.org, Retrieved 28-7-2020. Edited.
  4. ^ أ ب “What’s In Breast Milk”, americanpregnancy.org, Retrieved 28-7-2020. Edited.
  5. ^ أ ب ت ث Donna Murray (9-7-2020), “The Composition of Breast Milk”، www.verywellfamily.com, Retrieved 28-7-2020. Edited.
  6. “THE COMPOSITION OF BREAST MILK OVER TIME”, familyandconutrition.com,12-2-2019، Retrieved 28-7-2020. Edited.
  7. “Human Milk Lipids”, www.karger.com, Retrieved 28-7-2020. Edited.
  8. ^ أ ب “The powerful composition of breast milk”, www.institute-naturscience.com, Retrieved 28-7-2020. Edited.
  9. Donna Murray, “The Vitamins in Breast Milk and Your Baby’s Needs”، www.verywellfamily.co, Retrieved 29-7-2020. Edited.
  10. “The Composition and Functions of Breast Milk in Detail”, www.aptaclub.de, Retrieved 29-7-2020. Edited.