بحث عن تاريخ اللغة العربية
تاريخ اللغة العربيّة
عمل العلماء والمؤرخون والفلاسفة في البحث عن أصل اللغات وتاريخها، فقال بعضهم إنّ اللغة العربية هي أصل اللغات، وما تبقى من اللغات اندرجت منها لكن على شكل لهجات، بعد ذلك انفصلت لتصبح لغات مستقلة لكنّها قريبة من بعضها في الكتابة والنطق، واستناداً الى الآية الكريمة: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا)[١] لاقت هذه الرؤية قبولاً في المجتمات العلمية المتدينة، إذ إنّ كلمة أسماء في هذه الآية تعبّر عن القدرة اللغوية عبر العصور، لكن العلماء الذين يعتمدون على البحث العلمي، ما زالوا يبحثون عن حقيقة اللغة في الحضارات حتى تمكنّوا من العثور على أبجدية (أوغاريت) وأكدّوا أقدميتها على ما سبقها من الكشوفات. بعد ذلك تمكنوا من العثور على كتابات أثرية شمال سورية في مملكة (آيبلا)، إذ كانت مكتوبة بحروف عربية، ومن النقوش العربية القديمة التي تم العثور عليها: نقش (عجل بن هفعم)، ونقش (عين عبدات)، ونقش (النمارة).[٢]
كانت كلمة (عرب) موجودة في القصص اليونانية والفارسية وهذا ما أكده علماء اللغات، إذ كان يقصد بها أعراب الجزيرة العربية، ولكن لم يكن هنالك لغة عربية معينة، لكن كان هناك مجموعة من اللهجات التي تتكلم بها القبائل وقد سُميّت لغات عربية، وكان ذلك نسبة إلى الجزيرة العربية.[٢]
يرى علماء العرب والمسلمين أنّ اللغة العربية هي اللغة الأم وهي لسان أهل السماء، إذ كان ينزل بها الوحي على الرسل، فيترجم كل رسول ما نزل عليه بلغة قومه، كما أثبتت الدراسات الحديثة هذا الأمر، إذ كانت تعرف باللغات الأعرابية؛ (أي أنّها نشأت في شبه الجزيرة العربية)، واختارها الله لتكون لسان دينه ورسالاته، كما تميزت اللغة العربية بنموها وتطورها بشكل سريع.[٢]
منزلة اللغة العربيّة
تعتبر اللغة العربية ذات تراث عريق وقديم، إذ إنّها وصلت إلى وقتنا الحاضر بعد أن مرّت بتاريخ بعيد، ولكنها بقيت مستنطقة على ألسنة الأشخاص المعاصرين تماماً كما كانت تنطق على ألسنة السابقين، هذا دون أن تتغير أو تتبدّل، ويعتبر هذا الأمر من النوادر التي لم تشتهر بها إلا اللغة العربية، إذ إنّنا نقرأ النصوص القديمة دون الشعور بقِدمها، بعكس اللغات الأخرى التي قد نجد صعوبة في فهمها ونحتاج المعاجم لتفسيرها إذا مرّ عليها قرن من الزمن.[٣]
تطور اللغة العربيّة
بقيت اللغة العربية تكتب غير منقوطة ولا مشكّلة بالحركات حتى منتصف القرن الأول الهجري، لكن حين دخلت بعض القبائل الى الإسلام ومنها أهل الأمصار ظهر اللّحن على ألسنة الناس، لذلك قام أبو الأسود الدولي بالتوصّل إلى طريقة لضبط كلمات القرآن الكريم خوفاً عليه من أن يتطرّق لهذا اللّحن، لكن هذا الضبط لم يستخدم إلا في المصحف، بعد ذلك انتقلت اللغة العربية نحو العالمية في الثلث الأخير من القرن الأول الهجري، وذلك مع انتقال الإسلام إلى المناطق المحيطة للجزيرة العربية، إذ أصبحت اللغة العربية هي اللغة الرسمية في الدولة، وكان استخدامها دليلاً على الرقي والمكانة الاجتماعية، وكانت منطقة الشام من أول المناطق تعرّباً، ولكن كان هناك اختلاف في اللهجات عند أهل الأمصار بسبب اختلاف القبائل القادمة لها، وفي نهاية العصر الأموي دخلت اللغة العربية مجال التأليف.[٤]
بدأت مرحلة الترجمة للغة العربية وخاصة من اليونانية والفارسية في العصر العباسي الأول، والذي شهد ازدهاراً للحضارة الإسلامية، بعد ذلك دخلت مرحلة التأليف والابتكار، وفي مطلع هذا العصر بدأ التأليف في تعليم اللغة العربية، إذ أصبحت العربية تُعلّم بطريقة الكتاب، وكان هذا هو الأساس الذي نشأ عليه صرح العلوم اللغوية.[٤]
اللغة العربيّة في العصر الحديث
بعد ضعف شأن العرب والمسلمين منذ القرن السادس عشر الميلادي، وجد المستعمرون أنّ أفضل طريقة لمنع تماسك المسلمين هي هدم وحدة الدين واللغة، إذ قاموا بإدخال اللهجات العاميّة محلّ العربية الفصحى في أوائل الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، وكان لذلك أثر في إضعاف اللغة في بعض البلاد العربية وخاصة دول الشمال الإفريقي، إذ قاموا باتخاذ اللغات الأوروبية لدراسة العلوم والفنون الحديثة، وأصبحت اللغة العربية الفصيحة في وقتنا الحاضر هي لغة الكتابة ولغة تستخدم للتحدث في الاحتفالات العلمية والأدبية، وأصبحت اللغة العاميّة وسيلة للتخاطب وبلهجات عديدة.[٤]
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية: 31.
- ^ أ ب ت محمد عبد الشافي القوصي (2016)، عبقريـة اللغـة العربيـة، الرباط-المملكة المغربية: منشورات المنظمة الإسالمية للرتبية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو، صفحة 22-24. بتصرّف.
- ↑ عبد المجيد الطيب عمر (2016)، منزلة اللغة العربية بين اللغات المعاصرة (الطبعة 2)، المملكة العربية السعودية: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، صفحة 7. بتصرّف.
- ^ أ ب ت أ.د. راغب السرجاني (2008-8-6)، “قصة اللغة العربية”، islamstory، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-1. بتصرّف.