بحث حول الفلسفة اليونانية

الفلسفة

الفلسفة (بالإنجليزية: Philosophy) وهذا لفظ معرب عن الكلمة اليونانية فيلاسوفيا، وتتكون من مقطعين هما Philo التي تعني محبة وكلمة Sofia التي تعني الحكمة، أي محبة الحكمة.[١][٢] والفلسفة هي حقل للتفكير والبحث ويهدف بشكل أساسي إلى فهم أسرار الوجود والواقع، واكتشاف ماهية الحقيقة والمعرفة، وإدراك ما هو مهم وذو قيمة في الحياة. بالإضافة إلى أنّ الفلسفة تنظر في علاقة الإنسان مع الطبيعة والمجتمع المحيط به.[٣]

الفلسفة اليونانيّة

بدأ ظهور الفلسفة اليونانية بين القرنين السابع والسادس قبل الميلاد، وكانت بداية ظهورها في المدن اليونانية وتحديداً في مدينة (أيونية) الواقعة على الساحل الغربي لآسيا الصغرى، ثم ظهرت في إيطاليا الجنوبية والمُدن الساحلية الواقعة في جزيرة صقلية، واستمرّت الفلسفة اليونانية بالانتشار إلى أن وصلت في القرن الخامس قبل الميلاد إلى مدينة أثينا في اليونان، حيث بلغت في تلك الفترة أوج ازدهارها، وتطوّرت في القرن الرابع ق.م أثناء حكم الإسكندر المقدوني وخلفائه، لكن أوج الفلسفة اليونانية بدأ بالزوال بحلول نهاية القرن السادس للميلاد.[٤]

وبذلك اعتبر العديد من المؤرخين أن تاريخ الفلسفة بدأ باليونان واعتبروا أن مؤشّرات المعرفة في الحضارة اليونانية والفكر اليوناني هي بداية المعرفة الفلسفية وأصلها وموطنها الأول، فالفلسفة نشأت في إطار العقلانية اليونانية، كما أن التراث اليوناني هو التراث الفلسفي الوحيد الذي حفظه التاريخ إلى يومنا هذا، وهذا ما لا نجده في الحضارات الشرقية القديمة التي لم تُخلّد في التاريخ ولم يصلنا سوى القليل منها.[٥] ومن أشهر الفلاسفة اليونانيين الذين وضعوا لنا أسس أصول المعرفة: أرسطو مخترع علم المنطق، وسقراط الذي بيّن أهمية نقاش أي شيء قبل الاقتناع به، وأفلاطون الذي ألّف كتاب الجمهورية لشرح ماهية المدينة الفاضلة.[٦]

أطوار الفلسفة اليونانيّة

مرت الفلسفة اليونانية عبر تاريخها بثلاثة أطوار رئيسية، وهي:[٧]

  • طور النشوء: وينقسم هذا الطور إلى فترتين رئيسيّتين، وهما فترة ما قبل سقراط والتي وُضعت فيها أُسس الفلسفة النظرية. ويتميّز هذا الطور بوضع النظريات والمسائل الفلسفية التي تحاول تفسير العالم، والفترة الثانية هي فترة سقراط والسوفسطائين، التي بدأت فيها ظهور الفلسفة العملية، وتتميز هذه المرحلة بتطور الفكر ليُفسر أصول الأخلاق ومناهج الجدل.
  • طور النضوج: وهو الطور الذي ظهر فيه الفيلسوفان أفلاطون وأرسطو، حيث قام أفلاطون بدراسة المسائل الفلسفية العلمية والنظرية، وتوصل عن طريق ذلك إلى حقائق ونتائج مهمّة، ولكن أفلاطون اعتمد في دراسة المسائل الفلسفية على مزج الحقيقة بالخيال، والبرهان بالقصة، أمّا أرسطو فقد استطاع حل المسائل الفلسفية بالعقل، وعمل على وضع تقسيم نهائي للفلسفة.
  • طور الذبول: وهو الطور الذي قلّ فيه تأثير الفلسفة اليونانية في حل المسائل الفلسفية وابتكار الحلول، واقتصر دورها على تعديل وتجديد المذاهب السابقة.

خصائص الفلسفة اليونانيّة

تتمتّع الفلسفة اليونانية بعدة خصائص، نلخصها فيما يأتي:[١]

  • فلسفة طبيعية: فالفلسفة اليونانية ركزت على العالم الطبيعي، ولم تُفرّق بين الطّبيعة الدّاخلية والطّبيعة الخارجية، كما أنها لم تفصل المادة عن الروح، أو الإنسان عن العالم الطبيعي. بالإضافة إلى ذلك لم تفصل الفلسفة اليونانية عالم المادة عن عالم الروح؛ لأن المادة بطبيعتها حية.
  • الاتجاه إلى الموضوع مباشرة: حيث إن الفلسفة اليونانية لم توجّه نقداً صَريحاً للقدرة على إدراك العالم الخارجي، ولم تفرّق بين عالم الأشياء كما هي في الحقيقة وبين ما تظهر لنا.
  • احتواء جميع فروع الفلسفة: حيث اشتملت الفلسفة اليونانية من نشأتها على جميع فروع الفلسفة، كالرياضة، والمنطق، والفلك، والاقتصاد، والأخلاق، بالإضافة إلى العديد من الفروع الأخرى، وعن طريق هذه الفروع تمكّنت الفلسفة اليونانية من البحث في الوجود الكلي المجرد؛ لأن الهدف من هذه الفلسفة هو معرفة ماهية الأشياء وحقائقها وخصائصها، وبقيت هذه الخاصية ضمن أدوار الفلسفة اليونانية على اختلاف الفلاسفة.
  • دراسة العلم لذاته: فالفلسفة اليونانية تهدف إلى الوصول للمعرفة غايةً وليس وسيلةً، حيث يرى الفيلسوف أرسطو أن دراسة العلم بهدف معرفته فقط هو أفضل من دراسته لتحقيق غايات دينية أو عملية عن طريقه. لكن الفلسفة بعد أرسطو اعتَبَرت العمل مُكمّلاً للعلم، حيث اهتمّت بشكلٍ كبيرٍ بالناحية العلمية.
  • الاعتماد على العقل: ارتكزت الفلسفة اليونانية بشكلٍ أساسيٍ على العقل، فالفكر اليوناني تميّز بالتحرر والطلاقة، والعقل اليوناني هو الذي يصيغ المشاكل بنفسه ويعمل على حلها بجهده.

أسباب ظهور الفلسفة اليونانيّة

هناك أسباب وعوامل مُهمّةٌ أدّت إلى ظهور الفلسفة اليونانيّة، وهذه الأسباب هي:[٤]

  • التطور والتقدم الكبير الذي حققته الحضارات التي سبقت الحضارة اليونانية، مثل الحضارة الرافدية، والحضارة المصرية، والفينيقية، حيث أدّى التطور الكبير في عمران هذه الحضارات، وفُنونها، وعُلومها، وظهور بدايات الفلسفة فيها إلى اكتمال نمو الحضارة اليونانية وظهور الفلسفة اليونانية في مراكز قريبة من هذه الحضارات.
  • الموقع الجغرافي المتميّز للحضارة اليونانية. ويتمثّل هذا الموقع بالظروف الجغرافية لجزيرة مالطية في آسيا الصغرى، حيث تمتاز هذه الجزيرة بالمناخ الرائع ووقوعها عند مصبات الأنهار ونهايات الطرق التجارية، وأسست عبر تاريخها حوالي 80 مستعمرةً امتدت عبر عرض البحر وطوله، وأصبح سُكّانها يتنقّلون إلى المدن والحضارات البعيدة مثل الحضارة المصرية والحضارة البابلية، وتعلّموا من هذه الحضارت العلوم المختلفة كالهندسة، والفلك، والفنون، والعقائد، ونقلوها إلى حضارتهم.
  • العامل السياسي، والفكري، والاقتصادي، حيث تميّزت مالطية بالاستقرار السياسي؛ بسبب عقد العديد من المُعاهدات والاتفاقيات ومنها معاهدة مع ملك ليديا، حيث ساعدت هذه المعاهدة على تحرر المواطنين من الخوف السياسي وتفرغهم إلى مجالات الفن والثقافة. ومن الناحية الفكرية قامت مالطية بإنشاء أرستقرطية ثقافية تُتيح التسامح الفكري، من الناحية الاقتصادية فقد أوجد الثراء فراغاً كبيراً وأصبح العبيد هم من يؤدون الأعمال اليومية.

المراجع

  1. ^ أ ب كامل محمد محمد عويضة، زينون – وما حققته الفلسفة اليونانية – الجزء – 26 / سلسلة أعلام الفلاسفة، بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 37-39، 3. بتصرّف.
  2. “philosophy”, www.dictionary.com, Retrieved 20-9-2018. Edited.
  3. دائرة المعارف العالمية، بتحثون عرب، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 456، الجزء السابع عشر. بتصرّف.
  4. ^ أ ب حسام محيي الدين آلوسي، مدخل الى الفلسفة، صفحة 160-161. بتصرّف.
  5. نشأة الفلسفة ، صفحة 2. بتصرّف.
  6. مرفت عبدالناصر، موسوعة حضارات العالم القديم، مصر: نهضة مصر للنشر والتوزيع، صفحة 57. بتصرّف.
  7. يوسف كرم، الدكتور هلا آمون، تاريخ الفلسفة اليونانية، لبنان: دار القلم، صفحة 18. بتصرّف.