بحث حول فتح القسطنطينية

القسطنطينيّة

عند حديثنا عن القسطنطينيّة لا بد لنا من ذكر الأسماء الّتي سُميّت بها على مر العصور كبيزنطة والأستانة وإسلامبول وكذلك إسطنبول، وقد جاء اسم قسطنطينيّة عندما أعلن الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول أنّ بيزنطة هي عاصمة الإمبراطوريّة الرّومانيّة وأَطلق عليها اسم قسطنطينيّة، وبعد انقسام إمبراطوريّة الرّوم أصبحت القسطنطينيّة العاصمة الرّئيسيّة للجزء الشّرقي من الإمبراطوريّة، وقد ازدهرت القسطنطينيّة بشكل لافت في ذلك الوقت من النّاحية الدينيّة، والتجاريّة، والعسكريّة، وكذلك السياسيّة، وعند ظهور الإسلام وانتشار الفتوحات الإسلاميّة كان للقسطنطينيّة نصيب من هذه الفتوحات، وفي هذا المقال سوف نتحدث بشكلٍ مفصّل عن فتح القسطنطينيّة.[١]

فتح القسطنطينيّة

قبل الحديث عن فتح القسطنطينيّة لا بد لنا من ذكر نبوءة النّبي عليه السّلام بفتحها، فعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص أنّه قال: بينما نحنُ حولَ رسولِ اللهِ نكتبُ، إذ سُئِلَ رسولُ اللهِ: أىُّ المدينتيْنِ تُفتحُ أولًا القسطنطينيةُ أو روميَّةُ؟ فقال رسولُ اللهِ: مدينةُ هرقلَ تُفتحُ أولًا: يعني قسطنطينيةَ.[٢]

المحاولات لفتح القسطنطينيّة

قام المسلمون بالعديد من المحاولات من أجل فتح القسطنطينيّة وتحقيق نبوءة النّبي عليه السّلام ومن هذه المحاولات:[٣]

  • في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان كانت هناك محاولة لفتح القسطنطينيّة إلّا أن هذه المحاولة لم يُكتب لها النّجاح.
  • في عهد الخليفة سليمان بن عبد الملك حاول الأمويون مرة أخرى فتحها وفشلوا في هذه المرّة أيضاً.
  • في عهد الدولة العباسيّة كانت هناك محاولات عديدة أهمّها الحملة الّتي جرت في عهد هارون الرّشيد والّتي لم تُحقق النّصر أيضاً.
  • في عهد السّلطان بايزيد الملقب بالصّاعقة كانت هنالك محاولة أيضاً ووقعت القسطنطينيّة تحت الحصار إلا أن هجوم المغول على الدّولة العثمانيّة من ناحية الشّرق أجبر بايزيد على إنهاء الحصار لمواجهة المغول.
  • في عهد السّلطان مراد الثّاني كانت هنالك محاولة للفتح إلا أنها لم تنجح كغيرها من المحاولات السّابقة.

التّرتيب لفتح القسطنطينيّة

جاء التّرتيب لفتح القسطنطينيّة وتحقيق نبوءة النّبي صلّى الله عليه وسلم منذ أن تولّى محمد الفاتح الحكم في الدّولة العثمانيّة والّذي كان هدفه الرّئيسي هو فتح القسطنطينيّة، فاهتمّ محمد الفاتح بجيشه من النّاحية المعنويّة والماديّة وأرسل إليهم العلماء ليذكِّروهم بحديث النّبي عن فتحها والثّناء على جيش المسلمين الفاتحين لها، وذلك حتّى يرفع من عزائمهم وهمّتهم نحو الجهاد رغبة منه في أن يكون جيشه هو الجيش الذي يفَتح القسطنطينيّة، وقد استعان محمد الفاتح بأهل العلم والخبرة من أجل الاستعداد المادي للفتح، وحدد العقبات التي قد تواجهه أثناء محاولة الفتح، وهذه العقبات هي:[٤]

  • عدم امتلاك المسلمين لحصونٍ يلجأون إليها في بداية الحصار، مما يعرضهم للبقاء في العراء خلال فصل الشّتاء شديد البرودة؛ حيث إنّ بناء حصنٍ يحتاج إلى سنة كاملة.
  • عدم وجود مدافع قادرةٍ على اختراق الأسوار المنيعة للقسطنطينية، أو تتجاوز ارتفاعها.
  • عدم قدرة المسلمين على اختراق الخليج، للوصول إلى الأسوار الضعيفة للقسطنطينية، وذلك لوجود سلسلة في الخليج تُعيق وتمنع السّفن من الوصول إلى داخله.

وبعد تحديد العقبات الّتي تقف أمام فتح القسطنطينيّة بدأ محمد الفاتح بالعمل على حلّها، كما أنّه قد بذل من أجل تخطّيها الكثير من الأموال، واستعان بذوي الخبرة في الحرب وفنونها في تقديم آرائهم وأفكارهم، وقد ساعد هذا كلّه في الوصول إلى حلولٍ سريعة ساهمت في إنشاء خطة الفتح الأولى.[٤]

خطة فتح القسطنطينيّة

من أجل الوصول إلى نبوءة النّبي عليه السّلام وفتح القسطنطينيّة سعى محمد الفاتح إلى إزالة كافة العوائق أمام جيشه من خلال ثلاثة أمور وهي:[٤]

  • قام ببناء حصن عظيم للمسلمين في فترة وجيزة لم تتجاوز ثلاثة أشهر، على الرّغم من أنّ بناء الحصن يستغرق سنة كاملة في العادة.
  • عَهِد محمد الفاتح إلى المهندس المجري أوربان بصناعة مدافع قويّة تخترق أسوارالقسطنطينيّة، وخلال مدة لم تتجاوز ثلاثة أشهر استطاع أوربان صناعة ثلاثة مدافع قويّة من بينها مدفع كبير الحجم.
  • نقل محمد الفاتح سفنه من خلال ممرّ أقامه خلال الجبال يصل بشكلٍ مباشرٍ إلى الخليج دون الحاجة إلى المرور من السّلسلة الّتي تعيق السّفن، وقد أنشأ هذا الممر من ألواح خشبيّة دُهنت بالزّيت لتساهم في نقل السّفن بسهولة.

بعد هذه التّجهيزات والتّرتيبات الّتي قام بها محمد الفاتح وصلت السّفن إلى أسوار القسطنطينية وبدأت المدافع تضرب هذه الأسوار من جميع الجهات؛ حيث حاصر المسلمون القسطنطينيّة مدّة ثلاثة وخمسين يوماً ظَفِروا بعدها بنصرٍ وفتحٍ عظيم، وقد استطاعوا قتل إمبراطور القسطنطينيّة والسّيطرة على المدينة بشكلٍ كاملٍ، كما أمر محمد الفاتح أن تُحوّل كنيسة أيا صوفيا إلى مسجد وأن يُرفع الأذان فيها، وأُطلق على القسطنطينيّة اسم إسلام بول، والتي تعني مدينة الإسلام، وأصبحت منذ ذلك الوقت عاصمةً للدولة العثمانيّة وبقيت كذلك حتّى انتهاء الخلافة الإسلاميّة.[٤][٥]

محمد الفاتح فاتح القسطنطينية

محمد الفاتح هو سابع سلاطين الدّولة العثمانيّة، وقد ولد في أدرنة في عام 833 للهجرة، وهو ابن السّلطان مراد الثّاني وجده السّلطان محمد جلبي الأول، وقد اهتمّ السّلطان مراد الثّاني بابنه محمد وأحاطه برعايةٍ وعنايةٍ فائقتين، كما علّمه ركوبَ الخيل وضَرب السّيف ورميَ القوس، وحتّى يتعود محمد الفاتح على فنون القتال ويكتسب الخبرة كان السّلطان مراد الثّاني يصحبه معه في المعارك، كما عُرف عن محمد الفاتح علمه الكبير بالعلوم الشرعيّة وحبّه للفنون والعلوم، كما أنّه كان يتقن عدة لغات مثل اللغة الفارسيّة، واليونانيّة، والصربيّة، وقد توفي السّلطان محمد الفاتح بين جيشه في يوم الخميس الموافق الرّابع من ربيع الأول في عام 886 هجريّة، وكان حينها يبلغ من العمر 52 عاماً.[٣]

المراجع

  1. “إسطنبول القلب النابض للاقتصاد التركي”، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-3-2018. بتصرّف.
  2. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي قبيل حيي بن هانئ المعافري، الصفحة أو الرقم: 4، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
  3. ^ أ ب عمر العمري (24-2-2010)، “محمد الفاتح بين العلم والعلماء”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-3-2018. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث راغب السرجاني (2-9-2013)، “محمد الفاتح وفتح القسطنطينية”، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-3-2018.
  5. “محمد الفاتح وفتح القسطنطينية”، islamstory.com/، 16-5-2012، اطّلع عليه بتاريخ 18-3-2018. بتصرّف.