مظاهر الحضارة في مملكة الفونج

حضارة مملكة الفونج

شهدت الأراضي السودانية وعلى مختلف العصور الكثير من الأمم، مثل الرومانية والإسلامية، وتعتبر السودان من الدول التي حافظت على هويهتها القومية، ولكن في فترة أواسط القرن السادس الميلادي نجح المبشرون في تنصير ملوك النوبة، وفي فترة القرن العاشر كانت السودان تضم ثلاث ممالك رئيسية، هي: مملكة المقرة في الشمال، ومملكة علوة على النيل الأزرق، ومملكة البجة في الشرق، وفي الفترة ذاتها توافدت القبائل العربية إلى سهول السودان وبدأت تعريب السودان من خلال التزاوج.

في عام 1317 في عهد الفتوحات الإسلامية في أواخر الخلافة العباسية تم القضاء على مملكة المقرة المسيحية التي كانت مدينة دنقلا عاصمتها، وتم تحويل الكنائس إلى جوامع ومعها انتهت المسيحية، ثمّ تدفق العرب إلى مملكة علوة التي فتحت أبوابها للقبائل العربية التي كان يقودها القائد عبد الله جماع الذي اتحد مع الفونج بقيادة الحاكم عمارة، وكان نتيجة هذا التحالف القضاء على مملكة علوة، وبهذا وفي عام 1504 ظهرت في السودان قوة إسلامية عربية جديدة وهي مملكة الفونج تحت حكم السلطان عمارة دوقنس، ووزيره عبد الله جماع، وشملت مملكة الفونج في تلك الفترة السودان ووادي النيل، ويذكر أنّ كلمة الفونج أو الفُنج تشير إلى السكان السود الذين كانوا يقطنون في النيل الأزرق جنوب السودان.

مظاهر حضارة مملكة الفونج

كان ظهور مملكة الفونج من الأحداث المهمة التي غيرت التاريخ السوداني، حيث انتشر الدين الإسلامي والسيطرة العربية على مستوى البلاد، ثمّ امتدت إلى أفريقيا، وكأي حضارة جديدة تميز الفونج بمظاهر جديدة على السودانيين ونذكر منها:

النظام السياسي والحربي

كان نظام الحكم في الفونج نظام ملكي وراثي بقيادة عمارة، وعاصمتها مدينة سنار، ولكن ما كان يميز نظام الحكم هو نظام الشورى واللامركزية شأن أي نظام إسلامي، وهذا ما ساعد على نجاح المملكة لعقودٍ عديدة ضمن إطار الحرية والاستقلال الذاتي داخل المملكة. كما تميز جيش مملكة الفونج بالقوة العظمى التي انتصرت على طلائع الدولة العثمانية عام 1517، حيث كان الجيش هو مصدر قوة هذه المملكة حتى كان بالنهاية السبب الرئيسي في القضاء على ملوك الفونج بقيادة الشيخ محمد أبولكيك قائد الجيش، وتحولت السلطة إلى الهمج عام 1821م.

النظام القضائي

مع ظهور هذه الدولة الإسلامية كان القضاء على أساس النظام الإسلامي، من حيث تطبيق العدالة، والشريعة الإسلامية، فكان مذهب المالكية هو المذهب السائد في السودان.

النظام الاقتصادي

  • كان من أبرز مظاهر الحضارة اعتمادها على الزراعة؛ لوفرة الأراضي الخصبة، ووجود المياه من خلال نهر النيل وفروعه.
  • تحويل ملكية الأراض من النظام الإقطاعي الذي يملكه الملك إلى أراضي تملكها الدولة.
  • إنشاء بيت المال في جميع أقاليم المملكة.
  • اعتماد معاملات البيع والشراء على النظام الإسلامي.
  • قيام النظام الضريبي على الزكاة، والعشور، والضرائب المختلفة.
  • تنظيم التجارة وانتعاشها بين الفونج والبلاد العربية والإسلامية.

النظام الاجتماعي

  • القضاء على نظام العبودية، وعودة الحرية للرعية.
  • انتشار العادات والتقاليد الإسلامية بين السكان.
  • غلبة اللغة العربية على اللهجات المحلية.
  • قيام مجتمع إسلامي متماسك.
  • غياب الطبقات الاجتماعية.
  • نمو اتجاه فكري جديد نحو أنّ الفونج جزء لا يتجزأ من البلاد العربية.
  • عدم التدخل في الحركة الفكرية لمصلحة مذهب ديني معين.