قربت من الفعل الكريم يداكا – الشاعر البحتري
قَرُبَتْ، من الفِعلِ الكَرِيمِ، يَداكا،
وَنأَى على المُتَطَلّبينَ مَداكَا
فَاسْلَمْ، أبَا نُوحٍ، لتَشييدِ العُلا،
وَفِداكَ مِنْ صَرْفِ الزّمانِ عِدَاكَا
إنّي لأُضْمِرُ للرّبيعِ مَحَبّةً،
إذْ كُنْتُ أعْتَدُّ الرّبيعَ أخَاكَا
وَأرَاكَ بالعَينِ التي لمْ تَنْصَرِفْ
ألحَاظُهَا، إلاّ إلى نُعْمَاكَا
مَا للمُدامِ تَأخّرَتْ عَنْ فِتْيَةٍ،
عَزَمُوا الصّبُوحَ، وَأمّلُوا جَدوَاكَا
بكَرَتْ لهمْ سُقيا السَّحَابِ وَقَصّرَتْ
عَنهُمْ، أوَانَ تَعِلّةٍ، سُقْيَاكَا
مَا كانَ صَوْبُ المُزْنِ يَطمَعُ قَبلَها
في أنْ يَجيءَ نَداهُ، قَبلَ نَداكَا
وَلَدَيْكَ صَافِيةٌ، كأنّ نَسيمَها
مِن طيبِ عَرْفكَ، أوْ جَميلِ ثَناكَا
وَكَأنّ بِشرَكَ في شُعاعِ كُؤوسِها،
لَمّا تَوَالَتْ في الأكُفّ دِرَاكَا
تَجْلُو بِرَوْنَقِها العُيُونَ، إذا بَدََتْ
رَسْلاً، وَنَشرَبُها على ذِكْرَاكَا
يُغني النّديمَ عَنِ الغِنَاءِ حَديثُنا
بمِحَاسِنٍ لَكَ، لمْ تَكُنْ لسِوَاكَا