ما هي مراحل تطور الخرائط الجغرافية
الجغرافيا
تفكير الإنسان بالجغرافيا يعتبر قديماً، قدم البشرية نفسها، بل وتعتبر الخرائط الجغرافية أقدم من التاريخ عينه؛ لأنّه قد سبق عمل الخرائط المعرفة البسيطة بالكتابة، وهذا الذي أكده الكثير من الرحالة، والذي طافوا بالقرى البدائية والمجتمعات الأولى التي عرفت فن رسم الخرائط، فمثلاً إذا سأل أحد الرحالة هؤلاء البدائيون عن طريق قريب أو عن مكان مقصود، سارع أحدهم وبطريقة غير مقصودة إلى تصنيع بعض من أكوام الحجارة والرمال، حيث يرسم بهذه الاشياء رسومات تخطيطية توضح مقصده، وهذه الطرق البدائية جداً هي خرائط بسيطة توضح معالم الطريق.
الكثير من المؤرخون والعلماء يؤكدون أن معرفة المواقع وتصميم الخرائط أنها فطرة بشرية في الجنس البشري، وتتطوّر الأساليب والطرق الخرائط حسب متطلباته وكذلك إمكانياته وخاماته وحسب توافرها لديه.
مراحل تطور الخرائط عبر التاريخ
الخرائط في الحضارت القديمة
الخرائط البابلية
للتجارة الخارجية سبب هام ورئيسي في تقدم ودفع الحضارة السومرية إلى الأمام، حيث كان لدى السومريين تضخم زراعي، بالمقابل كانوا يفتقرون إلى المعدات البدائية ومواد الخام الصناعية، لذلك قاموا باستيراد هذه المواد من مصر والهند وسوريا مقابل ما ينتجونه من زراعات، ومن هنا تولدت الحاجة الماسة للخرائط التي تصف المكان، وتعينهم على ذلك، وتعتبر الجماعات البابلية من أوائل الجماعات التي صممت الخرائط، فقد رسم البابليون خرائط تفصيلية لسهل العراق، والهدف من ذلك هو وضع حدود للأراضي الزراعية، وتحديد ملكياتها.
وجد في العراق خريطة محفورة على لوح فخار، هذه الخريطة توضح قطعة أرض ومقسمة بشكل هندسي، وموضوع عليها مساحات وأرقام القسائم بالأيكو البابلي والذي يعادل 2500م مربع، وهناك خريطة للبابلين، موجودة في متحف الدراسات السامية في جامعة هارفرد بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد اكتًشفت هذه الخريطة في آثار مدينة أشور، والواقعة إلى الشمال من بابل، حيث صُممت على لوح من الصلصال، وتوضح هذه الخريطة وادياً لأحد الأنهار، مُحاط بالجبال، ويرجح الجغرافيون أنه الفرات، واستخدمت الصدف للدلالة على السلاسل الجبالية، وتم تمثيل الإتجاهات الأصلية للخريطة، وبالرغم من أن عمر هذه الخريطة يزيد عن الـ 4500عام، إلّا أنّ معالمها واضحة، هذه الخريطة اشتهرت بأنها أقدم خريطة، وهذا ما يرجحه الكثير من المؤرخين وعلماء الآثار.
- يخبرنا المؤرخون أيضاً أنّ البابلين هم الذين بدأوا محاولات تصميم الخرائط، وكذلك وضع وتحديد الاتجاهات الأصلية، أهل العراق القدامى لم يقتصروا على تصميم الخرائط المشاهدة والقياس في حدود ما يملكونه من أراضي زراعية، بل اهتموا بتصميم خرائط المدن.
خرائط الفراعنة
تعتبر الخرائط المصرية القديمة من أول الخرارئط في العالم، حيث كانت ترسم الخرائط على أساس مساحي؛ وذلك لجباية الضرائب، وكانت هذه الخرائط متقنة بشكل كبير، ويخبرنا المؤرخين وعلماء الأثار أنّ أول من قام برسم خريطة للإمبراطورية المصرية في القدم هو رمسيس الثاني، حيث وجدت بعض اللوحات التي تبين حدود المقاطعات، وكذلك خرائط المساحات الزراعية، هذه الخرائط تشمل الابعاد والمسافات كذلك، استفادة أحد جغرافيين الأغرايق من هذه الأبعاد في تحديد المسافة بين الإسكندرية وأسوان.
هناك أقدم خريطة مصرية، التي رسمت على ورق بردي، وهذه الخريطة موجودة في مدينة تورين بإيطاليا والتي ترجع إلى 1320 ق.م، هذه الخريطة ترسم أحد مناجم الذهب بشكل واضح، وظهر في الخريط كذلك الكثير من المعالم التي تحيط بالمنجم، كالطرق والأودية، والجبال، والمباني، وتظهر على الخريطة القناة الرابطة بين نهر النيل ببحيرة التمساح.
الخرائط الصينية
إنّ موقع الصين المنعزل عالمياً ساهم بشكل كبير في تكوين حضارة خاصة بالسكان، تتميز بالعديد من النواحي الجمالية والفنية، وتصاميم الخرائط، والتي كانت ترسم بشكلٍ دقيق ومتقن، في الوقت التي لم تكن فيه أوروبا على علم بالخرائط، والهدف من وراء تصميم هذه الخرائط، أنّه يجب أن يكون هناك خرائط توضح جغرافية المكان الخضاع للحاكم، حيث كانت الخرائط عبارة عن طاولة بدائية من الرمال، تشمل تضاريس المكان، وكان ذلك في 227 ق.م، لكن المؤرخون يجزمون أن العسكريون عرفوا رسم الخرائط الرملية قبل ذلك التاريخ، وأرجع معظم علماء الآثار بعض الخرائط الصينية إلى عام 500 ق.م،
تطوّرت مراحل تصميم الخرائط في الصين، فقد رسم الصينيون بعد مرور 4 قرون المناطق الممتدة من بلاد فارس وحتى جزر اليابان، ومن أهم الخرائط الصينية القديمة والمشهورة خريطة تصل مساحتها إلى 30 قدم مربع، التي كانت تضم شبكة إحداثيات حديد الموقع، اتجاهات الخريطة، المسافات بين المدن والأماكن بدقة شديدة، وغير ذلك من المحتويات المدهشة.
الخرائط الرومانية
لم يهتم الرومان بالخرائط بشكل كبير؛ لأنّهم لم ينظروا إلى الخرئط إلّا أنّها وسيلة جيدة في الحروب والعمليات الدفاعية، من أقدم الخرائط الرومانية الخريطة الملونة المرسومة على جلد رقيق، وهذه الخريطة محفوظة في مدينة فيينا.
خرائط العصور الوسطى
الخرائط الأوروبية
لقد استمر الاعتقاد الخاطئ عند الرمان بأنّ الأرض عبارة عن قرص يابس في محيط من ماء، ونظراً للسطوة المسيحية الكبيرة في أوروبا، فقد كانت الخرائط تمتاز بتوضيح الأماكن المقدسة، وما إلى ذلك، لكن كان تصميم الخرائط غير دقيق، فقد رسمت الكثير من الخرائط بمقياس رسم تقريبي وغير حقيقي.
الخرائط العربية
على الرغم من أن أوروبا كانت تعيش في عصور مظلمة، إلّا أنّ هذه العصور كانت تتضمن فترات ازدهار بالنسبة للعرب، فقد كانوا يهتمون بالخرائط بشكل كبير نوعاً ما بسبب التجارة. قام الجغرافيون العرب بإضافة العديد من المزايا الجديدة إلى الخريطة في هذه الفترة، مثل: إضافة الأنهار بشكل واضح، رسم أطراف أوروربا، توشيح مناطق جنوب أسيا ووسطها بشكل دقيق.
خرائط عصر النهضة
في هذا العصر تطورت الخرائط بشكل ملحوظ، حيث كانت خرائط تمثل المسافات والحدود والأشكال الهندسية بطريقة واضحة جداً ودقيقة، وعندما اقترب عصر النهضة للنهاية، شهد القرن التاسع عشر وقرن العشرين تطور علمي رهيب في رسم الخرائط وتصميمها، حيث كانت أغلب العلوم والمعرف تستخدم هذه الخرائط وتبنى عليها أفكارها وأعمالها، فظهرت في هذه السنوات الخرائط الجغرافية، والجيلوجية، والسياسية، المناخية، وغير ذلك.
الخرائط الحديثة
الخرائط في عصرنا هذا تمثل ضرورة لابد منها في شتى ميادين العلم والعمل المختلفة، لذلك تعدد استخدام الخريطة، فزداد علم الخرائط تفصيلاً، فهناك الخرائط العالمية، الخرائط العامة، الخرائط التفصيلية.
- خرائط حسب مقياس الرسم: هي الخرائط التي توضح ظهور الأشياء الطبيعية أو صناعية على الخرايطة بشكل نسبي، وتختلف هذه النسبة، فقد تكون كبيرة، أو متوسطة، أو صغيرة.
- الخرائط المساحية: هي الخرائط التي توضح أملاك الدولة العامة، والملكيات الخاصة، فهذه الخرائط تهتم برسم رقعة صغيرة من الأرض فقط.
- الخرائط الجغرافية: هي الخرائط التي توضح تفاصيل سطح الأرض لمنطقة ما، ويجد منها الخرائط الكنتورية: وهي الخرائط التي يُستعان بها لتمثيل مظاهر الأرض، وفي هذه الخرائط ترسم خطوط مع اتجاه الأرض.
أنواع الخرائط في العصر الحديث:
هناك الخرائط التفصيلية، خرائط أشكال سطح الأرض، الخرائط الجغرافية والتي تُرسم للأقاليم الكبيرة، وهناك الخرائط الخاصة، والخرائط العسكرية والتي تتضمن: خرائط استراتيجية، خرائط دفاعية وهجومية، خرائط التعبئة، خرائط تكتيكية، خرائط سير والالتقاء، ويوجد أيضاً الكثير من الخرائط المقسمة نوعياً، منها: الخرائط المصورة، والخرائط المجسمة، وخرائط الرمال الحديثة.