مميزات اللغة العربية
اللغة العربيّة
اللغة العربيّة واحدةٌ من أكثر اللغات انتشاراً في العالَم؛ فهي واحدة من لغات العالم الست حسب تصنيف الأُمَم المُتَّحدة، كما انتشرَت اللغة العربيّة مُكاتَبة لا مُحادَثة فقط، وقد ساهمت جامعة الدُّول العربيّة في الحِفاظ على اللغة العربيّة، وذلك بحوسبة مادّة اللغة العربيّة، ونَشرِ برامج عربيّة تُواكب العَصرَ، وتَستوعبُ المادّة العربيّة، ومهاراتها المُتنوِّعة من مُحادثة، وقراءة، وكتابة، واستماع.[١]
اللغة العربيّة لغة الدِّين
لا يخفى على كلِّ مُسلم ما للّغة العربيّة من أهميّة؛ فقد اختارَها الله تعالى؛ لتكونَ لغةَ الوحي، لغةَ القرآن، ولغةَ الحديث الشريف؛ إذ لا تَصِحُّ قراءة القرآن الكريم إلا باللغة العربيّة، وهي ضروريّة لفَهمِ معانيه، ولا تَصِحُّ بعض العبادات، كالذِّكر، والصلاة إلّا بها؛ فالصلاة كلّها لا تتمّ إلّا باللغة العربيّة، إضافة إلى أنّ القرآن الكريم ركنٌ من أركان الصلاة.[٢]
لغة الضاد
اشتُهِرَت اللغة العربيّة بأنّها لغة الضاد، وصوت الضاد يخرجُ من التقاء إحدى حافّتَي اللسان: اليمنى، أو اليسرى، مع ما يقابلُها من الأضراس العُليا، وقِيل إنّ حرف الضاد اختصَّت به العَرب، وبالأخصِّ قريش، كما قِيل إنّها سُمِّيت بلغة الضاد؛ لأنّ العَرب لا يجدون صعوبةً في نُطقِ حرف الضاد، وقِيل إنّها لغة الظاء وليست لغة الضاد؛ لأنّ العَرب قد اختصُّوا بحرف الظاء، ويرى ابن دُريد أنّ الثاء، والظاء على سبيل المثال، حرفان قد اختصَّ بهما العَرب، ويرى فريق آخر أنّ الضاد المقصودة ليست الضاد التي نَنطِقُ بها في عَصرِنا، بل كانت مزيجاً من الظاء واللام، ثم اندمجَ الصوت مع حرف الظاء، وهي ليست الضاد التي وَصفَها المُتنبِّي في قوله:
لا بقومي شرُفْت بل شَرُفوا بي —— وبنفسي فخرتُ لا بجدودي
وبهم فَخرُ كلِّ من نَطقَ الضاد ——- وعوذ الجاني وغوث الطريدِ
وفي ما يأتي بعض الأقوال لشعراء وَصفوا اللغة العربيّة بأنّها لغة الضاد:
- قال أحمد شوقي: إنّ الذي ملأ اللغات مَحاسِناً —– جَعلَ الجمال وسِرَّه في الضاد.
- ويَصفُ خليل مطران العَرب ببني الضاد، في قوله: وُفود بني الضاد جاءَت إليك —— وأثنَت عليك بما وَجبْ.
- وقال إسماعيل صبري: أيّها الناطقون بالضاد —– هذا مَنهلٌ صفا لأهل الضاد.[٣]
مُميِّزات اللغة العربيّة
تمتاز اللغة العربيّة بمزايا جعلَتها من اللغات الفريدة في العالَم، وضمنَت استمراريّتَها عَبرَ القرون المُتتالِية، ومن هذه المزايا ما يأتي:[٤]
- لغة فخيمة؛ حيث تتّصِفُ بعض حروفها بالتفخيم، والتفخيم هو صفة للحرف، ويُسمَّى الاستعلاءَ كذلك، وهو ارتفاعُ اللسان إلى الحَنك الأعلى عند النُّطق بالحَرف، وأحرُفُه مجموعةٌ في (خُصَّ ضَغطٍ قِظ)، أي إنّ كلّاً من الخاء، الصاد، الضاد، الغين، الطاء، القاف والظاء حروف مُفخَّمة،[٥] وفي اللغة العربيّة حروف حلقيّة ليست كلُّها موجودة إلّا في العربيّة، مثل: الهمزة، والعين، والحاء.[٥]
- لغة مُوجِزة، ويتَّضحُ ذلك من خلال ما يأتي:
- قواعد الإعراب، والنَّحو العربيِّ؛ فالإعراب هو أهم خصائص العربيّة، وهو تشكيلُ نهاية الكلمات وِفقَ موقعِها في الكلام على الوجه الصحيح، وسواء أكانت العلامات الإعرابيّة حركات، أم حروفاً،[٦] فإنّ العلامات الإعرابيّة تُغني عن تغيير ترتيب الجملة، ولها دورٌ في توضيح المعنى، فعلى سبيل المثال، عند القول: أوصلْنا سعيداً، فإنّ بناء الفعل الماضي (أوصل) على السكون، ونَصْبَ المفعول به (سعيداً) بتنوين الفتح، هو الذي دلَّ على موقع سعيد من الإعراب، وبالمُقارنة مع الجملة: أخبرَنا سعيدٌ، فإنّ رَفْعَ (سعيد) بتنوين الضم، يدلُّ على أنّه الفاعل.
- الاشتقاق؛ فاللغة العربيّة غنيّة باشتقاقاتِها؛ إذ تُشتَقُّ الكلمات من الحروف نفسِها، وتتغيَّر من وَزنٍ إلى آخر دون الحاجة إلى كلمة مُساعِدة، مثل: كاتِب، مَكتوب، مَكتب، ومَكتبة.
- غنى أفعالِها؛ فالفعل العربيُّ يحافظُ على حروفه مهما تغيَّر زمنُه، ولكلِّ حَدَثٍ أو معنى لفظ خاصّ به، ويدلُّ عليه بإيجاز، ومثال ذلك من يستيقظُ مريضاً مثلاً فيقول: أصبحتُ مريضاً، أي استيقظتُ صباحاً، أمّا إذا قِيل مثلاً: أصبحَت الأمور أفضل، فإنّ المقصود أنّ الأمور صارَت أفضل في وقت الصباح؛ فالفعل الواحد قد يُؤدّي معانٍ مُختلِفة حسب الجملة.
- غنى حروفِها؛ فحروف اللغة العربيّة كثيرة ومُتعدِّدة المعاني، ولكلِّ حرفٍ في اللغة العربيّة معنى مقصود، يفيدُه، ويُوجِزه، ومن الحروف ما يحملُ عدّة معانٍ، مثل: أعطني من مالِك، فحرف الجرِّ (مِن) يفيد التبعيض، أي أعطني بعضاً من المال، فقد أوجز المُتحدِّث المعنى المُراد، أمّا إذا قِيل: خرجْنا من الخامسة، فحرف الجرِّ (مِن) يفيد ابتداء الغاية الزمانيّة للخروج.
- بعض الأساليب اللغويّة، مثل: تقدير الفاعل من خلال الضمير المُستتِر، والتقديم، والتأخير، والحذف، كتقديم المفعول به على الفاعل، أو تقديم الخبر على المُبتدأ؛ بغَرَض التفاخُر، كأن يتفاخرَ أحدهم بنَسَبِه، أو أَصلِه، أو قبيلته، أو بَلَده، فيقول: عربيٌّ أنا[٦].
- أشعار العرب، وحديثهم، وأمثالهم الشائعة، التي تدلُّ على المعنى بأقلِّ لفظ؛ وذلك لأنّهم لا يُحبّون التطويل بلا غَرَض.
- لغة شاعرة، أي ما تتركُه في النفس من شعور مُؤثِّر، ويَظهرُ هذا جليّاً واضحاً من خلال الصورة الشعريّة، التي تَتّضحُ من خلال التشبيه، والاستعارة، والمجاز، والكناية، والإشارة، وكثرة مُترادِفاتِها، وجزالة وفخامة ألفاظها، ورقّتها، ووضوحها، وتناسُب مخارج حروفها وأصواتها مع المعنى، كما يشعرُ السامع عند لفظِه لكلمة (حقّ) مثلاً؛ ففي القاف تفخيم، ويشعرُ السامع بها بتأثير قوّة الصوت وفخامته.
- لغة مُعرَبة، أي تتضمَّن الإعراب والحركات الإعرابيّة؛ حيث يُظهِرُ الإعراب المعاني بسهولةٍ ويُسرٍ، كما يزيد من جماليّة الكلمات، ويربطها بمعانيها الصحيحة، وهذا أمرٌ لا يُوجَد في اللغات الأخرى، ولقرينة الحركات الإعرابيّة أهميّة بالِغة، وفائدة عُظمى، والحركات الإعرابيّة هي: الفتحة، والكسرة، والضمّة، وتُعتبَر أكثر الحروف في العربيّة مفتوحة، ومن شاعريّة اللفظ أنَّ الفتح هو الأكثر؛ لأنّه الأخفّ، والخِفّة تُكسِب الحرف جمالاً، وشاعريّة أكثر، تليها الحروف المكسورة، أمّا الضمة ففيها ثِقَل.
- لغة مُعجِزة؛ إذ يتعذَّر نَقلُ، أو ترجمة كثير من مُفرداتِها، وخاصّة مُفردات القرآن الكريم، إلى لغة أخرى تُؤدّي المعنى المُراد نفسه، فإذا كانت العرب قد عجزَت عن الإتيان بمِثل القرآن في كلامه ومُفرداته، فكيف بغير العَرب؟ّ؛ لذلك فإنّ بعض المُترجمين استخدموا الكلمات نفسها عند الترجمة من العربيّة، إلى الإنجليزيّة.
- لغة مُعبِّرة؛ فاللفظة العربيّة تُعبِّر عن المعنى المُراد بأوضح وأفضل صورة، وبأدقِّ وأبهى معنى، وعلى سبيل المثال، فإنّ لكلمة (العيد) في اللغة العربيّة معنىً لم تستطِع أيُّ لغة أن تُؤدِّيَه كما أدَّته اللغة العربيّة؛ فكلمة (عيد) تدلُّ على الإعادة، بإعادة العيد وتكراره أعواماً وأعواماً، وهذا ما عجزَت عن وَصفِه أيُّ لغةٍ أخرى، كما وُصِف العيد عند بعض الديانات بالوليمة، وهذا يخرج عن المعنى الدقيق للعيد.
- سعة اللغة العربيّة؛ فمفرداتها كثيرة، ولكلِّ مُفرَدة دلالة، أو معنى يختلفُ عن الآخر، فهناك معانٍ عدّة للحزن، كالأسى، والتَّرَح، والشَّجَن، والغَمّ، والوَجْد، والكآبة، والجَزَع، والأسف، واللهفة، والحسرة، والجوى، والحُرقة، واللوعة.[٢]
- تناسُق الأوزان العربيّة؛ فالأوزان في أغلبها مُتشابِهة، فقد تأتي على وزن مُعيَّن، مثل: فرِح يفرَحُ افرحْ، ولعِب يلعَبُ العَبْ، أو على الوزن الآتي: خرجَ يخرُجُ اخرُجْ، ودخلَ يدخُلُ ادخُلْ.[٢]
- قدرة اللغة العربية على التمييز بين المُذكَّر، والمُؤنَّث في اللفظ، وذلك بزيادة التاء المربوطة؛ إذ يُقال: قارئ، وقارئة، أمّا اللغة الإنجليزيّة، فهي تستخدم اللفظ ذاته للمُذكَّر، والمُؤنَّث، كما في كلمة (reader)، وفي المُثنّى والجَمع؛ إذ يُقال في العربيّة: قارئان، وقُرّاء، بينما تَرِدُ في الإنجليزيّة في الحالَتين readers . [٢]
- عِلم العَروض : وهو عِلم تُعرَف به أوزان الشعر العربي.
- الثبات الحُرّ؛ فقد امتازَت اللغة العربيّة بثباتِها عبر العُصور؛ فهي صالحة لكلِّ زمان، ومكان؛ إذ ما زال العربيُّ قادراً على قراءة النصوص القديمة، وفَهمِها، على عَكس اللغة اللاتينيّة التي اندثرَت، ونشأَت منها اللغات الأوروبيّة.[٤]
- التخفيف؛ فقد لجأ العرب للحَذف أحياناً؛ بهدف التخفيف في النُّطق، مثل: كلمة (ميعاد)؛ حيث إنّ أصلَها بحسب الميزان الصرفيّ (مِوْعاد)، إلّا أنّهم حَذفوا الواو، وأبدلوها بالياء؛ لتسهيل، وتخفيف النُّطق.[٤]
حافظ إبراهيم يَصِفُ اللغة العربيّة
من أجمل ما قِيل في وَصفِ اللغة العربيّة، قصيدةٌ للشاعر حافظ إبراهيم، تَنعى فيها اللغة العربيّة نفسَها؛ لما آلت إليه، وفي ما يأتي مُقتطَفات من أبيات القصيدة؛ ممّا يُؤكِّد على أهميّة ما تميَّزت به اللغة العربيّة:[٧]
- وَسِعتُ كتابَ الله لفظاً وغايةً ——— وما ضِقتُ عن آيٍ به وعِظاتِ، وهنا يَصِفُ اللغة العربيّة بأنّها لغة القرآن، فإذا كانت اللغة العربيّة قادرة على استيعاب ألفاظ القرآن المُعجِز، فكيف بقدرتها على استيعاب مُفردات الحياة اليوميّة.
- فكيف أضيقُ اليوم عن وَصفِ آلة ———– وتنسيق أسماء لمُخترَعات؛ حيث يُبيِّن أنّ العربيّة لغة واسعة، ولغة اشتقاقيّة، وقد تُشتَقُّ منها أسماء الآلات أيضاً، مثل: مِفكّ، وسِكّين.
- أنا البحر في أحشائه الدرُّ كامن ——- فهل سألوا الغوّاص عن صدفاتي، وهنا يشبّه اللغة العربيّة ببحرٍ واسعٍ؛ حيث يَجِد المُتأمِّل في مكنوناتها كلّ ما هو ثمين[٨].
- أيهجرُني قومي -عفا الله عنهمُ- ——– إلى لغةٍ لم تتَّصل برواةِ، وفي ذلك إشارة إلى أنّ اللغة العربيّة أخذَها الخَلَف عن السلَف بالرواية.
وختاماً، فإنّ اللغة العربيّة تُعَدُّ لغة رسميّة في كلِّ دُول العالَم العربيّ، وهي أقدم اللغات الحيّة، وهي معروفة عند أهل العرب بلَقب لغة الضاد، وعلى كلِّ عربيٍّ أن يعتزَّ بلغته، شأنه شأن كلِّ إنسان ينتمي إلى لغته.[٢]
المراجع
- ↑ أ. د. عبد المجيد عمر (1437)، منزلة اللغة العربية بين اللغات المعاصرة دراسة تقابلية (الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، صفحة 79. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج صادق الهادي (19-11-2011)، “أهمية اللغة العربية ومميزاتها”، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 21-4-2018. بتصرّف.
- ↑ محمد القوصي (2016)، عبقريـة اللغـة العربيـة، المملكة المغربية: إيسيسكو، صفحة 32-37. بتصرّف.
- ^ أ ب ت محمد القوصي (2016)، عبقريـة اللغـة العربيـة، المملكة المغربية: إيسيسكو، صفحة 63-78. بتصرّف.
- ^ أ ب الشيخ إسماعيل الشرقاوي (25-12-2012)، “في مخارج الحروف وصفاتها”، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 21-4-2018.
- ^ أ ب أ. د. عبد المجيد عمر (1437)، منزلة اللغة العربية بين اللغات المعاصرة دراسة تقابلية (الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، صفحة 177-188. بتصرّف.
- ↑ أحمد أمين، أحمد الزين، إبراهيم الأبياري (1987)، ديوان حافظ إبراهيم (الطبعة الثالثة)، صفحة 253-255. بتصرّف.
- ↑ د. عثمان مكانسي، “سويعة مع الموهوب المرحوم حافظ إبراهيم”، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 21-4-2018. بتصرّف.