الأساليب الحجاجية في اللغة العربية

الحِجَاج

تتميَّز اللغة العربية بتنوُّع وتعدد أساليبها، وفنونها التعبيرية في ذات الوقت، فضلاً عن بلاغتها وفصاحتها، ومن هذه الأساليب أسلوب الحجاج، وهو إيراد الحجَّة، والحُجَّة تعني الإقناع والمحاجَّة والمخاصمة المتعلِّقة برد الرأي الخاطئ والانتصار للحق.

من هنا جاء قوله تعلى: (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [آل عمران:66]، أي لم تأتوا بأدلة ضعيفة تجادلون وتحاجُّون بها بهدف الانتصار الأعمى لرأيكم الّذي لا دليل عليه، وهناك عدة أساليب حجاجيَّة في اللغة العربية، كما وهناك فائدة لهذه الأساليب.

أساليب الحجاج في اللغة العربية

للحجاج في اللغة العربية عدة أساليب وصور منها:

  • الندوة، فالندوة أحد أشكال وفنون التعبير وتتضمن الحجاج المقرون بالدليل.
  • الحوار، فالحوار المرَّتب جيداً والمعدُّ له بعناية يعد أسلوباً حجاجياً.
  • المحاضرة، والمحاضرة كذلك شكل من أشكال التعبير وفيها قدر كبير من الحجاج.
  • الخطابة، حيث إن الحجاج من إحدى عناصرها لأنَّها تتعلق بالرد على الباطل والانتصار للحق.
  • بعض الفنون الكتابية كفن المقالة، فالمقالة تتضمّن إيراداً للحجج وتبليغاً لها للطرف أو الجهة المعنيَّة بوصولها إليه، وقد تكون جهة رسميَّة خاصة، أو عامّة أو فكرة يراد إيصالها ونشرها، وتحقيق الاقتناع بها.
كذلك المسرحيَّة أحياناً تحمل رسالة وهدفاً حجاجيّاً معيَّناً حول قضيَّة معيَّنة سياسيَّة أو تعليميَّة، أو تربويَّة، حيث يتمُّ التعبير عنها من خلال مجريات أحداث المسرحيَّة، وكذلك القصَّة القصيرة والرواية، فيعالج الكاتب بالقصّة القصيرة ومجريات أحداثها، والعلاقة بين عناصرها قضيَّة معيَّنة، وإيراد الحجَّة والدليل.
أما بالنسبة للرواية، فإنَّ فرص استخدام الأسلوب الحجاجي فيها أكثر من القصة؛ لتعدد فصولها، وتشعب أحداثها، ثمَّ إنَّ مطاردة قوى الاحتلال على مرّ العصور لهذه الأنماط من التعبير ولأصحابها، ما كان إلا لقوّة وبلاغة أسلوبهم الحجاجي في رفض الاحتلال والاستعمار بكافَّة أشكاله.

فوائد الأساليب الحجاجيَّة في اللغة العربية

يترتب على الحجاج في اللغة العربية وأساليبه المتعددة فوائد منها:

  • إيصال الفكرة المراد الحجاج حولها للطرف الآخر.
  • تنمية مهارة الإقناع وتشجيعها.
  • تعزيز لمبدأ الحوار كأحد عناصر الحجاج.
  • الرد على الأفكار والآراء الخاطئة.
  • تحقيق غرض الإقناع والأخذ بالرأي الصحيح ، متى تجرَّد الطرف الآخر من التعصُّب.

آداب الحجاج

هناك أيضاً آداب تتعلق بأساليب الحجاج منها:

  • احترام الرأي المعارض والاجتهادات الأخرى.
  • الابتعاد عن التجريح الشخصي أو الشتم.
  • الاستناد على الأدلَّة الصحيحة، كالحجاج المتعلِّق ببعض الفنون الأدبيَّة، أو النحو وبعض مسائل الخلاف فيه، أو عقلية في المسائل الّتي تحتاج إلى الإقناع العقلي.
  • ترك التعصب الأعمى المجرد من الأدلَّة الصحيحة.

أمور فنِّيَّة تتعلق بالحجاج

هناك أمور فنيَّة تتعلق بالحجاج منها  :

  • دقة العبارات وحسن ترابطها.
  • سلامة اللغة نحواً وبلاغة.
  • الإيجاز في التعبير.

إنَّ الحجاج متى قام على عناصره الصحيحة، تصل رسالته للطرف الآخر، وفي المقابل متى تجرَّد منها فلن يفيد في ذلك بشيء، والحجاج الصحيح يعبّر عن قدرة صاحبه في الإقناع وعن سلامة الفكرة الّتي يحاجج بها.