مفهوم اللغة عند العرب
مفهوم اللغة عند العرب
من الأمثال التي وردت في الأثر: كل الأولاد لغا أي لغو إلا أولاد الإبل فإنّها لا تلغي، المعنى المراد من هذه العبارة أنّ كلّ الأولاد لا يعتمد عليهم، إلا أولاد الإبل تولد راشدة بالغة، وهذا يتفّق مع معنى اللغو في لسان العرب، اللغو: ما لا يعتدّ به من الكلام وغيره ولا يحصل منه فائدة، ومن الغريب والملفت للنظر أن تصبح المفردة المشتقة من اللغو ألا وهي اللغة تستخدم للدلالة عن تعبير البشر عما يدور في خلجاتهم وهذا يتفّق مع ما قاله أبو الفتح ابن جني: “اللغة أصوات يعبّر بها كل قوم عن أغراضهم”، وما قاله ابن خلدون في تعريف اللغة: “ملكات في اللسان للعبارة عن المعاني”، وكلا التعريفين يدلّان على فطنة العلماء القدماء وعلى شغفهم وسعيهم الدؤوب في فهم ماهية اللغة وعوامل تشكّلها وتطوّرها.
القرآن والنحو
عندما عزم أبو الأسود الدؤلي على وضع قواعد اللغة العربية، توجّه إلى الإمام علي في مجلسه، وقد كان وقت ذاك أميراً للمؤمنين وقال له: عزمت يا أمير المؤمنين أن أضع قواعد للغة العربيّة، فقال له الإمام علي: لقد نحوت نحواً طيباً أي لقد اتجهت اتجاهاً طيباً، ومن هنا سمّي علم النحو نحواً، وتدلّ هذه العبارة البسيطة أنّ تسمية أهمّ علم من علوم اللغة العربية ألا وهو علم النحو جاء من كلمة قالها الإمام علي في تشجيع أبي الأسود في مشروعه اللغوي.
من المتفّق عليه أنّ الدين الإسلامي في بدايته أي في مراحل نزول الوحي، ارتكز بشكل أساسي على اللغة في إيصال مضامينه وتعاليمه، ولكن بعد رسوخ تعاليمه في قلوب مريديه من العرب وغيرهم، ارتكزت اللغة على القرآن الكريم، وأصبح هو عمودها الفقري، ومادتها الخام، التي ساعدت في نشأتها الفتية وانتقالها الي سنّ الرّشد مبكراً، ومن المتفق عليه أيضاً أنّه لولا وجود القرآن الكريم الذي يمثّل دستور الدولة الإسلامية، والذي خطّت سطوره باللغة العربيّة، والذي استمدّت منه اللغة قداستها لما هرع وتفرّغ علماء الأمة الإسلامية في حفظ اللغة ورعايتها.
مميّزات اللغة العربية
- أقدم اللغات السامية.
- لغة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
- سعة مفرداتها وغزارتها وتشعب معانيها.
- وجود ظاهرة الإعراب فيها.
- هيمنتها على اللغات الأخرى في قدرتها على اشتقاق مفردات جديدة.
أشهر علماء اللغة العربية
- أبو الأسود الدؤلي واضع علم النحو.
- ابن جني مؤلف كتاب “الخصائص “في فقه اللغة.
- الزمخشري مؤلف كتاب “الكشاف” في علم البلاغة.
- الخليل بن أحمد الفراهيدي واضع علم العروض.
- سيبويه أوّل من بسط علم النحو في كتابه “الكتاب”.
اللغة العربية إرث عظيم خلده الله في القرآن الكريم، وحفظها بحفظه لكتابه، ونطق بها كي يثبت هيمنته وجلاله وجزيل رحمته، نظر لها أسلافنا بعين الأم الساهرة على رعاية أطفالها، وواجب علينا نحن أن نعظم ما عظمه الله، وأن نحفظ ما حفظه أجدادنا.