الفرق بين العام والسنة

اللغة العربية

إنَّ الُّلغة العربية بجمالها، ووَفرةِ ألفاظها، وقوّة دلالتها ودقتها تحملُ مُعجزاتٍ بيانيّةً بين طيّات حروفها؛ فكم من الكلمات المتشابهة في ظاهر معناها والمختلفة في مضمونها ودلالتها، وفي ذلك إثراءٌ للعقل والفكر، ومن أجَلِّ ما تفتخر به هو نزول القرآن الكريم بأرقى وأنقى اللّغات؛ إذ جاء بالفصاحة التّامة الكاملة مُظهراً جمال لغة الضاد وقدرتها على استيعاب المعاني المختلفة.

العام والسنة

إنّ العام والسَّنة كلاهما مفردتان زمنيّتان تمثّلان اثني عشر شهراً من حيث التعداد، والعام أخصُّ من السَّنة فكُل عامٍ سنة وليس كلُّ سنةٍ عام، كما ارتبط في التأريخ استخدام كلمة السّنة مع الأرقام كقولنا سنة 1987 ميلادية، وكذلك استخدام كلمة العام كما في عام الحزن وعام الوفود ولا يصح عكس ذلك. يرى أهل اللّغة العربية أنّ العام لا يكون إلّا شتاءً أو صيفاً، أمّا السّنة فمن أي يومٍ عددته إلى مثله، ويرى أهل تفسير القرآن الكريم أنّ الفرق في استخدامهما هو كالآتي:

مفهوم السَّنة

إنّنا إذا استقرأنا المواضع القرآنية التالية، والتي استخدمت لفظ السَّنة والسّنين فسيتضح لنا أنّ استخدام السنة يكون للمعاناة والتعب سواءً كانت معاناة شرٍ أم خير:

  • ( فإنّها مُحَرَّمةٌ عليهم أربعينَ سنةً يتيهون في الأرض ) المائدة : 26. أشارت هذه الآية إلى معاناة بني إسرائيل في التّيه الذي استمرَّ أربعين سنة.
  • ( فَلَبِثَ في السِّجن بضعَ سنين) يوسف: 42 . تُشير إلى معاناة سيدنا يوسف -عليه السلام- في السّجن وما تحمّله من اتّهامٍ بالفاحشةِ وهو منها براء.
  • ( وَلبثُوا في كَهفهم ثَلاثمائةٍ سنينَ وازدادوا تِسعاً )الكهف: 25. تَصِفُ هذه الآية حال أهل الكهف إذ كانوا أحياءَ يعانون ما يعانيه النّائم من تَقلّبٍ جهة اليمين واليسار، وقد استيقظوا طويلةً أظفارهم وشعُورهم، وكانوا قد لجؤوا إلى الكهف خوفاً؛ فاتّخذوه ملجأً.

مفهوم العام

لفظ العام فيُستدَلُّ به على الرّخاء سواءً كان الرّخاء في ظاهر الشّيء أو في باطنه، وهذه الآياتُ القرآنيّة تُوَضّحُ ذلكَ:

  • ( ثُمّ يأتِي مِن بَعدِ ذَلكَ عَامٌ فيه يُغاثُ النَّاسُ ) يوسف : 49. ذُكِرَ العامُ مُقترِناً بالغَيثِ وكم في الغيثِ مِن بشاراتٍ وفَرحٍ ورَخاءٍ.
  • ( فَلَبِثَ فيهم ألفَ سنةٍ إلاّ خمسين عاماً ) العنكبوت : 14. تُشيرُ الآيةُ الكريمةُ إلى معاناةِ سيّدنا نوح -عليه السلام- في دعوة قومه ليلاً ونهاراً، سرّاً وجَهراً ألف سنة إلّا خمسين عاماً إذ كانت تلك الخمسين أعوام رَخاءٍ عليه .
  • ( فلا يَقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) التوبة: 28. تُشير الآية إلى انتهاءِ الفترة التي سيُجاور فيها المشركون المسجد الحرام وبذلك تنتهي لهم أعوام الرخاء.