أمثلة عن الكناية

تعريف الكِناية

تعود كلمة الكِناية في مادّتها الّلغويّة إلى الفعل (كَنَى)، وكنى بالشّيء أيّ دلّ عليه بإيراد غيره، وذُكِر في مُعجم (لسان العرب) لابن منظور تعريفاً للكناية يقول: “هي أن تتكلّم بشيء وتُريد به غيره”، أمّا في اصطلاح الُّلغة فقد عرّفها العديد من عُلماء اللغة، ومِنهم عبد القاهر الجرجانيّ الذي عرّفها في كتابه (دلائل الإعجاز) بأنّها إيراد معنى ما دون ذِكره بلفظه صريحاً، مع التّدليل عليه بمعنى آخر يتشابه معه في نقطة ما، مِثل: (أحمد طويل النّجاد) أي: طويل القامة، والنِّجاد هو بيت السّيف، فمن يملك بيت سيفٍ طويل عليه أن يكون طويلاً.[١]

هُناك تعريف آخر عند ابن الأثير في كِتابه (المَثل السّائر في أدب الكاتب والشّاعر) ذَكَر فيه أنّ الكِناية هي مُفردة تحمل معنيين اثنين أحدهما حقيقيّ والآخر مجازيّ، كما تشابه تعريف العلويّ اليمنيّ في كتابه (الطّراز) مع تعريف ابن الأثير بالإضافة إلى إيراده أنّ المعنيين لا يكونا بالتّصريح بهما، ويجب الإشارة إلى أنّ التّعريفات الواردة في الكِناية تدلّ على أنّها تقع في الألفاظ لا الأفعال، ولا الكتابة، ولا الإشارات، ولا أيّ وسيلة من وسائل التّعبير الأخرى، وهذا ما اتّفق عليه عُلماء البيان.[١]

أنواع الكِناية مع أمثلة عليها

قُسِّمت الكِناية إلى ثلاثة أنواع، وذلك بحسب المعنى المُراد الإشارة إليه، وهي كالتّالي:[٢]

الكِناية عن الصّفة

هي الكِناية التي يُذكر بها الموصوف بصِفة مُلازمة للشّيء المُكنّى عنه، سواء كان ذِكر الموصوف بالّلفظ أو أن يُلاحظ ويُفهم من سِياق الكلام، كما يُقسّم هذا النّوع إلى قسمين بحسب طريقة إيصال المعنى المُراد، وهُما:[٢]

  • الكِناية القريبة: هي الكِناية التي لا يحتاج إيصال المعنى المُراد فيها إلى واسطة بين المعنى المُراد والمعنى الظّاهر، فيصل القارئ للمعنى دون تحليلي ذِهنيّ له، مِثل قوله تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا)،[٣] ففي هذه الآية قُصِد باليد المغلولة إلى العُنُق بـ: (البُخل)، أمّا اليد المبسوطة فهي: (الإسراف).[٢]
  • الكِناية البعيدة: هي الكِناية التي يحتاج إيصال المعنى المُراد فيها إلى وُجود واسطة يتمّ من خلالها انتقال المعنى من الظّاهر إلى الباطن (المقصود)،[٢] مِثل قول عمر بن الخطّاب: “هذا عدوٌّ شديدٌ كَلَبُه، قليل سَلَبُه”، وفي هذا المِثال في جُملة: (عدوٌّ شديد كَلَبُه)، كان هُناك انتقال بين وسائط مُختلفة حتّى الوُصول إلى المعنى المقصود وهو: (النّهي عن التّعرض للعدو)، وفيما يلي ترتيب هذا التّحليل الذِّهنيّ لهذه الكِناية: (الكلب)–>(الحيوان مُفترس)–>(الحيوان المُفترس المريض، أو المجنون)–>(شِّدّة الحيوان وقسوته)–>(الحرب الشّديدة)–>(النّهي عن الحرب ضدّ هذا العدو).[٤]

أمثلة على أنواع الكِناية عن الصّفة
نوع الكِناية الجُملة التّوضيح (تحديد الكِناية)
كِناية قريبة

– بدأ يقلِّبُ كفّيه على ما أنفقه هباءً.

– مدحتُها فاحمرّ وجهُها.

ألقى الفارس سلاحه.

– كِناية عن النّدم.

– كِناية عن الخجل.

– كِناية عن الاستسلام.

كِناية بعيدة – خليل ناعمُ الكفّين.

– خالد كثير الرّماد.

– هذه المرأة نؤوم الضُّحى.

– كِناية عن عدم العمل؛ لأنّ نعومة اليدين تستلتزم –> قِلة استخدام اليدين –> وقِلّة استخدام اليدين تسلزم –> قِلّة العمل.

– كِناية عن الكرم؛ لأن كثرة الرّماد تستلزم –> كثرة الطّبخ، وكثرة الطّبخ تستلزم –> كثرة الضّيوف، وكثرة الضّيوف تستلزم –> كثرة الكرم.

– كِناية عن أنّها التّرف، والخدمة؛ لأنّ بقاء نوم المرأة حتّى انتهاء وقت الضُّحى يستلزم –> كثرة تفرُّغها، وكثرة تفرُّغها تستلزم –> من يخدمها، ووجود من يخدمها يستلزم –> ترفها.

حدّد/ي الكِناية في الجُمل الآتية:
الجُملة الكِناية
قال تعالى: (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها).[٥] (…………………………………….)
قال تعالى: (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً).[٦] (…………………………………….)
بيت إيليا أبو ماضي:[٧]

وترى الشّوك في الورود، وتعمى

أن ترى فوقها النّدى إكليلا
(…………………………………….)
بيت الخنساء:[٨]

طَويلَ النِجادِ رَفيعَ العِمادِ

قد سادَ عَشيرَتَهُ أَمرَدا
(…………………………………….)

الكِناية عن النّسبة

هي الكِناية التي يتمّ فيها ذِكر المُكّنى عنه مع الصّفة التي تُسند إليه من خلال ما يُمكن أن يتّصل به أو يُعدّ جزءاً منه، فتكون الصِّفة غير مُلاصقة للموصوف إنّما بما يتعلّق به، وتكون هذه النّسبة إمّا إثباتاً لصفة أو نفيها، وفي هذا النّوع قد يُذكر صاحب النّسبة (الموصوف) فيها، ومِثال ذلك الحديث النبويّ الذي يقول: (الخيلُ معقودٌ في نواصيها الخيرُ)،[٩]، ففي الحديث لم يتمّ نسب الخير إلى الخيل، إنّما تمّ نسبه إلى نواصيها -وهي مُقدّمة الرأس- والنّاصيّة لا تنفكّ عن الخيل، وهُنا الصِّفة هي (الخير)، والموصوف ذُكِر وهو (الخيل)، ولكنْ تمّت الكِناية عنه بالنّسبة بين (الخيل-نواصيها)، أمّا كِناية النِّسبة التي لا يُذكر فيها الموصوف فهي مِثل جُملة: (الفضلُ يسير حيث سار) كِناية عن نسبة الفضل إليه دون ذِكره مع نسبة الفضل إلى المكان الذي يتواجد فيه وليس إليه مُباشرةً، وفيما يلي أمثلة توضيحية:[٢]

أمثلة على الكِناية عن النّسبة
الجُملة التّوضيح (تحديد الكِناية)
الكرم بين ثوبيه. كِناية عن الكرم.
الفصاحة في بيانه والبلاغة في لسانه. كِناية عن الفصاحة والبلاغة.
أحمد رأسهُ عالٍ. كِناية عن الفخر والاعتزاز.
المؤمن يرضى بالقليل. كِناية عن القناعة.
وليد طَلْقُ اليدين. كِناية عن الكرم.

حدّد/ي الكِناية في الجُمل الآتية:
الجُملة الكِناية
الصِّدقُ في لِسانه. (…………………………………….)
المجدُ بنى بيتاً أعمدته أنتم. (…………………………………….)
علاء واسع قلبه. (…………………………………….)
الخيرُ في يُمناه. (…………………………………….)

الكِناية عن الموصوف

هي الكِناية التي تُذكر بها الصّفة بشكل بشكل مُباشر، فإمّا أن يكون للمكنيّ عنه فيها معنى واحداً يُوصف به، مِثل: (ضربتُ الرَّجُل في موطن أسراره)، ويكون القصد بموطن أسراره: (القلب)، والحالة الثّانية أن يكون المُكنّى عنه موصوفاً بعِدّة معانٍ، مِثل: (جاءني حيٌّ مستوي القامة، عريض الأظفار)، والكِناية في الجُملة السّابقة: كِناية عن (الإنسان)، لأنّ هذه المعاني كُلّها أوصاف ثلاثة تجتمع في الإنسان، كما أنّ هذه الكِناية لا يُذكر الموصوف فيه، وفيما يلي مجموعة من الأمثلة التّوضيحيّة على الكِناية عن الموصوف:[٢]

أمثلة على الكِناية عن الموصوف
الجُملة التّوضيح (تحديد الكِناية)
سُئل رجل عن شيبه، فقال: هذه رغوة الشباب. كِناية عن الشّيب.
تعمل مصر في إنتاج الذّهب الأسود. كِناية عن البترول.
تعلّم الرَّجُل لغة الضّاد. كِناية عن تعلّم اللغة العربيّة.
لم أزُر مدينة النُّور من قبل. كِناية عن باريس.
الإكثار من ذِكر هادم الّلذات يعِظ الإنسان. كِناية عن الموت.

حدّد/ي الكِناية في الجُمل الآتية:
الجُملة الكِناية
قال تعالى: (وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ).[١٠] (…………………………………….)
لوّح الجُنديّ بغصنِ الزيتون. (…………………………………….)
اللهمّ إنّا نسألك ابن الغمام؛ ليحيى الزّرع. (…………………………………….)
قال تعالى: (الْقَارِعَةُ*مَا الْقَارِعَةُ).[١١] (…………………………………….)

خصائص الكِناية

هُناك العديد من الخصائص للكِناية، وذلك بحسب الغرض المُراد منها، ومن هذه الخصائص:

  • التّهذيب: من خلال التّعبير عمّا لا يستطيع الإنسان التّصريح به سواءَ لعدم الرّغبة باستخدام ألفاظ قبيحة، أو احتراماً للمُخاطب.[١٢]
  • ذكاء الوصف: مِثل الإيقاع بالخصم والنّيل منه دون أن يكون هُناك مأخذ يستطيع الخصم أن يتّخذه سبيلاً للانتقام.[١٢]
  • التّعظيم ورفع الابتذال: يشتهر هذا في (الكُنية)، مِثل: “أبو الأنبياء”، كِناية عن سيدنا إبراهيم -عليه السّلام-.[١٣]
  • التّحسين البلاغيّ: يكون في إيضاح المعاني على هيئة مُحسّنة وبليغة من خلال الألفاظ المُستخدمة.[١٣]
  • الإيجاز: يكون في إيراد المعنى مع التّدليل عليه أو بالإشارة إلى ما يتعلّق به.[١٣]
  • التّخصيص: يكون في إخراج المعنى من الإطار العامّ إلى تخصيصه، مِثل: (أحمد كريم)، هُنا أحمد يتّصف بالكرم، لكن في جُملة: (أحمد كثير الرَّماد) تمّ تخصيص كرم الضِّيافة، فليس كُلّ كريم سيكون مِضيافاً.[١٤]
  • القوّة: يكون في إيراد المعنى مع ما يتعلّق به، وهذا الإيراد أقوى من التّصريح بالشّيء وحده.[١٤]

أهميّة الكِناية وسِرّ بلاغتها

تتميّز الكِناية في كونها أحد الأساليب البلاغيّة في اللغة، وبما أنّها تندرج تحت عِلم البيان فإنّها تختصّ بالمعنى وبكيفيّة إيراده بأسلوب قويّ وجميل في الوقت ذاته، ومن المعاني البلاغيّة التي تتميّز بها الكِناية عِنايتها بالمعنى بأسلوب مُبالغٍ يُضفي قوّة له؛ وذلك لعنايته بالّلفظ الواحد وما يتعلّق به ممّا يُشابهه في المعنى، أو ما يتعلّق بثوابته وأجزائه، كما أنّ للكِناية القدرة على إضفاء الحِسّ الحركيّ والحيويّ للمعنى من خلال إسقاط المعنى الموجود في ذهن الإنسان إلى ما يُشبهه واقعاً، ويجب الإشارة إلى أنّ الكِناية تعمل على تقديم الحقيقة مع ما يُدلل عليها؛ لأنّ إيراد المعنى وحده قد لا يُصدّق، أمّا إيراده مقروناً بدليل أقوى من ناحية الإثبات والتّصديق في نفس المُخاطب، ومن الجدير بالذِّكر أنّ الكِناية تملك أسلوباً بلاغيّاً مُميّزاً في التّعبير عن المعاني بألفاظ تتناسب مع مُتلقّيها، فلا يتمّ إيراد المعنى ثقيلاً وقبيحاً، إنّما تُعطي المعنى المُراد بشكلٍ راقٍ.[١٤]

تدريبات على الكِناية

حدِّد/ي الكِناية ونوعها في الجُمل الآتية:
الجُملة نوع الكِناية التّوضيح (تحديد الكِناية)
بيت حاتم مفتوحٌ دائماً. كِناية عن صِفة (قريبة، بعيدة) / كناية عن موصوف / كِناية عن نسبة (………………………)
المُسلم لا يلبس ملابس الهوان. كِناية عن صِفة (قريبة، بعيدة) / كناية عن موصوف / كِناية عن نسبة (………………………)
أحمد نقيُّ الثّوب. كِناية عن صِفة (قريبة، بعيدة) / كناية عن موصوف / كِناية عن نسبة (………………………)
صُهيب حارس على ماله. كِناية عن صِفة (قريبة، بعيدة) / كناية عن موصوف / كِناية عن نسبة (………………………)
أبناء النّيل أذكياء. كِناية عن صِفة (قريبة، بعيدة) / كناية عن موصوف / كِناية عن نسبة (………………………)
لبستُ لهم جلد النّمر. كِناية عن صِفة (قريبة، بعيدة) / كناية عن موصوف / كِناية عن نسبة (………………………)
سامي جامد الكفّ. كِناية عن صِفة (قريبة، بعيدة) / كناية عن موصوف / كِناية عن نسبة (………………………)
مخلوع فؤاده. كِناية عن صِفة (قريبة، بعيدة) / كناية عن موصوف / كِناية عن نسبة (………………………)
ركب عليّ جناحي نعامة. كِناية عن صِفة (قريبة، بعيدة) / كناية عن موصوف / كِناية عن نسبة (………………………)

استخدم/ي الكلمات الآتية لِكتابة جُمل على أنواع الكِناية الثّالثة:
العرب الضّيوف الكرم ديارهم
نوع الكِناية الجُملة
الكِناية عن الصّفة (………………………………………………)
الكِناية عن النّسبة (………………………………………………)
الكِناية عن الموصوف (………………………………………………)

المراجع

  1. ^ أ ب سليمان بن عبد الله بن محمد العبري (2005)، قواعد الكناية عند الأصوليين وتطبيقاتها الفقهية، الأردن: جامعة آل البيت، صفحة 6،7،8،9. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح أحمد الهاشمي (26-1-2017)، جواهر البلاغة: في المعاني والبيان والبديع، مصر: مؤسسة هنداوي سي آي سي، صفحة 345،346،347،348. بتصرّف.
  3. سورة الإسراء، آية: 29.
  4. د. أحمد فتحي رمضان الحياني (2014)، الكناية في القرآن الكريم (الطبعة 1)، الأردن: دار غيداء للنشر والتّوزيع، صفحة 26. بتصرّف.
  5. سورة الكهف، آية: 42.
  6. سورة الإسراء، آية: 24.
  7. “فلسفة الحياة”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-3-2020.
  8. “أعينيّ جودا ولا تجمُدا”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-3-2020.
  9. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1249، أخرجه أحمد (14833 )، والطحاوي في (شرح مشكل الآثار) (323 )، والطبراني في (المعجم الأوسط) (8982 ).
  10. سورة القمر، آية: 13.
  11. سورة القارعة، آية: 1،2.
  12. ^ أ ب عصام الدين إبراهيم بن محمد عربشاه الإسفراييني ، شرح العصام على متن السمرقندية في علم البيان، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 15،16. بتصرّف.
  13. ^ أ ب ت عبد العزيز عتيق (1982 )، كتاب علم البيان، لبنان: دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 204،205،206،207،209. بتصرّف.
  14. ^ أ ب ت د. سندس عبد الكريم هادي، “الأسلوب الكنائي في القرآن الكريم”، مجلة كلية الآداب، العدد 97، صفحة 214 ،216. بتصرّف.