ما هي الديانات السماوية
الديانات السماوية
يوجد لَغطٌ في مُصطَلح الدّيانات السماوية، ولذلك يُمكن استبدالُ المُصطلح بمُسمّى الشرائع الإلهية، أو الرّسالات السماويّة؛ لأنّ الله عز وجل بَعثَ بِجَميع الرِّسالات والشّرائع لتَوحيده وعِبادته، واختار الإسلام ديناً لكلّ أهل الأرض قاطبة، وهذا ما بشّر به جميعَ الرسل والأنبياء؛ حيث أمرَهم الله عز وجل بدعوة الناس لدينه وطاعته وعبادته وحدَه لا يُشركون به شيئاً.[١] قال جلّ في علاه: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ).[٢]
تعريف الدين لغةً واصطلاحاً
الدين لغةً من دان، يدين: أي تَعبّد بدينٍ مُعيّنٍ،[٣] واصطلاحاً هو التعاليم التي شرعها الله عز وجل لعباده؛ لتنظيم العلاقات بين بعضهم البعض، ومع خالقهم، وهو عقيدة التّوحيد التي جاء بها الأنبياء والمُرسلون من آدم عليه السلام إلى محمّدٍ صلى الله عليه وسلّم، وقد بُعث به للبشر كافّةً على وجهِ التّكليف.[٣]
مفهوم الدين
الدين هو النظام الشامل الذي يَخضع الفرد فيه لسلطةٍ عليا، ويتبع أوامرها، ويُطيعها، ويتقيّد بقَواعدها وقَوانينها، ويَأمل في طاعته الفوز بالجنّة، وحُسن الجزاء، ويَخاف عِصيانه وسوء عقابه. [٤]
الديانات السماوية
تقوم الدّيانات السماويّة على وحي الله لأنبيائه ورُسله من البشر، وتَدعو إلى توحيد الله عزّ وجل، وعبادته، وتنفيذ جميع أوامره، وإفراده بجميع صُنوف العِبادات ومسائل العقيدة دون تبديلٍ أو تغيير.[٥]
الدين الإسلامي
رسالة الإسلام رسالةٌ مُكمّلةٌ للرّسالات السماويّة كافّةً؛ إذ أكّدت على توحيد الله عز وجل، حيث بعث الله عز وجل رسله الكرام لدعوة الناس لعبادته وتوحيده، فكانوا أوّل العابدين له،[٦]، ويقسم التّوحيد إلى نوعين:[٦]
- توحيد الربوبيّة: هو اعتقاد المُسلم بأنّ الله خلقه وحده من غير الاستِعانة بأحدٍ، وأنّه قريبٌ منه، يَحميه ويرعاه.
- توحيد الألوهيّة: هو اتّباع منهج المُشرّع، واتباع أوامره، واجتناب نواهيه، والتضرّع له، وطَلب مَغفرته.
مِن مُميّزات رسالة الإسلام تنوّع العِبادات وامتِزاجها بجَميع جوانِب الحياة؛ فالتعامل بخيرٍ وإحسانٍ يُعتبر من العِبادة، ورسالة الإسلام لا تُقرّ ولا تَعترف إلا بعبوديّة مطلقة لله تعالى،[٦] ويُنكر الإسلام عبوديّة البشر لبعضهم البعض أو للأحجار أو للنار وغيرها، فالله سبحانه وتعالى خلق الناس أحراراً ليس لهم إلهٌ غيره متفرّداً بالتّشريع والخلق.[٧]
إنّ الالتزام بتعاليم الإسلام لا يَعني بأيّ حالٍ من الأحوال الانقطاع عن الدّنيا وأهلها؛ بل يجب التّفاعل والاختلاط بالناس وفق مَنهجه وتعاليمه التي ترفض التشدّد، والرّهبانية المبتدعة مثل: صيام الدّهر، وترك الزواج بحجّة التفرّغ للعِبادات.[٦]
العبادة في الإسلام
- الصلاة: هي حركاتٌ تفتتح بتكبيرة الإحرام وتختتم بالتّسليم، ويشترط قبل البدء لفظ النيّة، وقراءة سورة الفاتحة والصلاة الإبراهيمية أثناء تأديتها، كما تُشترط الطهارة والوضوء قبل المثول لها، وهي فَرض عينٍ على كلّ مُسلمٍ ومن أقامها أقامَ الدين.[٧] توجد خمس أوقاتٍ في النهار مخصّصةٍ للصلاة:[٧]
- صلاة الفجر: ركعتان تبدأ من بزوغ الفجر إلى شروق الشمس.
- صلاة الظهر: أربع ركعاتٍ تبدأ عندما تصير الشمس في كبد السماء، وتستمر حتى يصير الظل مُماثلاً لنفسه.
- صلاة العصر: أربع ركعات تبدأ عندما يسبق الظل نفسه إلى غروب الشمس، وتُسمّى بالصلاة الوسطى.
- صلاة المغرب: ثلاث ركعات، تبدأ من مَغيب الشمس إلى غياب حُمرة السماء.
- صلاة العشاء: أربع ركعات تبدأ من غياب حُمرة السماء إلى انتصاف الليل.
- الزكاة: تُعرف الزكاة على أنّها تزكية وتطهير النفس من ذنوبها، وتُطلق على ما يُخرجه الإنسان من حر ماله إلى الفقراء، ويُشترط في قبولها الكسب الحلال.[٧]
- الصيام: الإمساك عن الطّعام والشراب من طلوع الشمس إلى غروبها، وتأديته فرضٌ على كلّ مسلمٍ، ويُشترط النية قبل الصيام.[٧]
- الحج: خُصّص شهر ذي الحجة لأداء فريضة الحج، ومن شروط الحج الآتي:[٧]
تتّضح رسالةُ الإسلام لتشمل جميع جوانب الحياة، فتُصبح حينئذٍ المَنهج المتكامل للحياة، تنشرح بها الصدور، وهي جوهَر الرّسالات كافةً.[٦]
الدين اليهودي
اليهوديّة هي ديانة مُحرّفةٌ مزوّرةٌ بعيدةٌ عن ما جاء به موسى عليه السلام، وهي ديانة الأسباط من بني إسرائيل الذين يَنتسبون إلى إبراهيم عليه السلام، وقد أرسل الله عزّ وجل إليهم موسى عليه السلام نبيّاً ونَذيراً وأنزل معه التوراة؛ ليُعلّمهم الاستِسلام والخضوع وعبادة الله وحده لا شريك له، وهذا هو المَفهوم العام للإسلام فهو دين الأنبياء والرسل جميعاً،[٨]قال تعالى: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).[٩]
الدين اليهوديّ دينٌ سماويٌّ مقدّسٌ، وعقيدته الصحيحة تقرّ وتَعترف بوحدانية الخالق وتشريعاته وتؤمن باليوم الآخر وأحداثه، وقد أًُنزلت التّوراة على موسى عليه السّلام لتنظيم حياة اليهود الدينيّة والتربويّة، ويبيّن علماء الأديان أنّ أول كتاب سماوي بعث هو التوراة، وأنّه يختلف عن الألواح المختصرة إذ تشمل التوراة على أقسامٍ علميّةٍ وعمليّةٍ.[١٠]
مصادر الفكر الديني اليهوديّ
العهد القديم
العهد القديم هو النّص الأساسي الذي تقوم عليه عقيدة اليهود، ويحتوي على ثلاثة أقسام: [٤]
- التّوراة.
- الأنبياء.
- الكتب.
إنّ العهد القديم مقدّسٌ لدى اليهود والمسيحيين، ويتضمّن العهد القديم التراث اليهوديّ مثل: الشعر، والنّثر، والقصص، والفلسفة، والأساطير، والأمثال، والغزل، والرثاء، ويَدّعي اليهود بأنّ مؤلّف العهد القديم هو الرّب، على الرّغم من أنّه كُتب على يد البشر.
الأسفار
عَدد أسفار الكنيسة البروتستانتية تسعة وثلاثون سفراً، أمّا الأسفار المُعتمدة لدى الكنيسة الكاثوليكيّة ستة وأربعون سفراً.[٤]
التلمود
يعتقد اليهود بأنّ التلمود هي الأحاديث الشفويّة التي أرسلها الله على يد موسى عليه السلام، ولكن تضطرب آراؤهم أحياناً؛ حيث يُعلنون أنّ التلمود هي أقوال الحاخامات.[٤]
العبادات في الديانة اليهودية
خالط اليهود شعوباً كثيرةً فتأثّروا بطقوسهم وغيّروا نظرتهم للآلهة، وأخذوا منهم الكثير من العقائد التي دمجوها مع منهاج عباداتهم، ففي بداية الأمر كانوا يؤمنون بالتوحيد لكنّهم سرعان ما ابتعدوا عن طَريق الصواب وأشركوا الأصنام والحيوانات في الألوهيّة.[١٠] تتفاوت فرائض الديانة اليهودية الدينيّة بتفاوت فرقهم وطوائفهم؛ فمثلاً السّامريون يؤمنون بالأسفار الخمسة، والقراؤون يؤمنون بالعهد القديم، والربّانيون وهم أكثرية اليهود يؤمنون بالعهد القديم والتلمود.[١٠]
- الصلاة: الصلاة عند اليهود هي ركنٌ أساسيٌّ يَستطيع من خلاله الفرد الاتصال بربّه والتضرّع له بالدعاء وتمجيده والثناء عليه وشكره على عظيم نعمه.[١١]
- الزكاة: يطلق عليها بالعبريّة مُسمّى الصداق، وهي تُشير إلى الرحمة.[١٢]
- الصوم: الصوم من أقدم التّشريعات اليهوديّة، وتتعدّد مفاهيم الصيام عند اليهود نظراً لتعدّد أنواعه حسب ما نتج عن طبيعتهم العدائية للأمم مِمّن حولهم.[١٣]
- الحج: هو زيارةٌ إلى مكانٍ ديني مقدّسٌ لأداء الصلاة بطريقةٍ خاصّةٍ، ويتمّ التمهيد للحج بمراسم تطهير.[١٤]
الدين المسيحي
الديانة المسيحية أو النصرانيّة هي الرّسالة التي جاء بها عيسى عليه السلام ليُكمِل ما جاء به موسى عليه السلام، مُصدّقةً لما جاء في التوراة من تعاليمٍ وجّهها الله عزّ وجل لبني إسرائيل، ودعاهم فيها إلى التوحيد والفضيلة، لكنّها سُرعان ما فقدت أصولها، واختلطت بأفكارٍ ومُعتقداتٍ وثنيّةٍ.[١٥]
تحتوي الديانة المسيحيّة على ثلاث فرقٍ رئيسيةٍ:[١٦]
- الكاثوليك: يرأسهم بابا الفاتيكان في روما، وينتشرون في أوروبا.
- الأرثودكس: يتّبعون كنائس اليونان، وينتشرون في روسيا، وآسيا، ومصر.
- البروتستانت: هي حَركة إصلاحٍ مسيحيّة ينشقّون عن الكاثوليكيّة، ويَنتشرون في ألمانيا، وأمريكا، وكندا، وأسكتلندا، والنرويج، وهولندا.
تنحدر الدّيانة المسيحيّة من أصولٍ شرقيّةٍ مُرتبطةٍ بالديانة اليهوديّة، لكنّها تنفصل عنها بطَبيعتها الفكريّة، وتتناقض معها بالعقائد الأساسيّة المُتمثّلة بالمُعجزات التي جاء بها عيسى عليه السلام وبعض الأمور التي كُتبت في إنجيل متّى وكُتبهم المقدّسة.[١٧]
يَعود سبب تَميّز المسيحيّة عن الديانات الأخرى إلى أنّها تَعود في أصلها إلى اليهوديّة؛ بل وجاءَت المسيحيّة لتُكمل ما دعت إليه اليهودية الصّحيحة وتؤيّده، ولتُصلح ما أفسده بنو إسرائيل من تعاليمها وعباراتها، ومكانة عيسى عليه السّلام عند قومه وواقعه الإنساني،[١٧] وقد واجه عيسى عليه السلام رفضاً من قبل اليهود لكنّه استمرّ بدعوته، وبعد رفعه إلى السماء حمل تلاميذه الحواريّون رسالته وأخذوا يَنتشرون بين النّاس، فانقسموا إلى ثلاث بيئاتٍ مختلفةٍ، وهي: [١٧]
- بيئة يهوديّةٍ تتعصّب بالتوراة وتكفّر بالمسيحية.
- بيئةٌ مسيحيةٌ تؤمن بالتوراة والإنجيل معاً.
- بيئةٌ مسيحيّةٌ تكفّر بالتوراة، ومن أتباعها الفلاسفة والحكماء الذين عملوا لجَعل المسيحيّة فكرة عالميّة لا ترتبط بشعبٍ أو عرق.
العبادات في الديانة المسيحية
- الصلاة: تعرّف الصلاة في المسيحية على أنّها: “رفع الروح إلى الله”، أما القديس أوغسطينوس يعرفها أنها “حديثٌ موجّهٌ إلى الله”، وتقسم الصلاة إلى نوعين: عقليةٌ، ولفظيةٌ؛ فالصلاة العقلية صلاة تأملٍ وتفكّرٍ في القلب، أما الصلاة اللّفضيّة هي حركاتٌ عمليّةٌ يؤديها القلب واللّسان معاً، وهي تُقسم إلى ثلاثة أقسام: التمجيد، والشكر، والطّلب.[١٨]
- تختلف صلاة الرّهبان عن صَلاة المسيحيين العاملين، فالرّهبان يُصلّون سبع صلوات ويتفرّغون للعبادة ويسكنون الكنائس ويَنعزلون عن مخالطة النّاس، أمّا العاملون ينشغلون بالعمل ويكتفون بتأدية صلاة الصباح والمساء فقط.[١٨]
- الزكاة: وردت الزكاة في الإنجيل بمُسمّى الصدقة.[١٩]
- الصيام: لم يرد ذكر الصّيام في الإنجيل كفرضٍ واجب تأديته، بل ذُكر كركنٍ أساسيّ مُستحب تأديته.[٢٠]
- الحج: عُرف الحج في المسيحيّة على أنّه رحلةٌ أو زيارةٌ إلى قبر قدّيس أو مكانٍ مقدّسٍ بهدف تأدية صيام شكرٍ أو القيام بفعلٍ تكفيريّ أو الحصول على الراحة النفسيّة.[٢١]
المراجع
- ↑ “تعبير الديانات السماوية غير دقيق”، اسلام ويب، 30/11/2002، اطّلع عليه بتاريخ 9/8/2017.
- ↑ سورة ال عمران، آية: 19.
- ^ أ ب “أهمية التدين في حياة الفرد والمجتمع للسنة الثالثة إعدادي”، تعليمي 24، 1/12/2016، اطّلع عليه بتاريخ 9/7/2017، بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث د. طارق خليل السعدي (2005)، مقارنة الأديان (الطبعة الأولى)، بيروت: دار العلوم العربية، صفحة 10،64،65،73،54،55. بتصرّف.
- ↑ “Post الفرق بين الدين السماوي والدين الوضعي، وموقف الإسلام من الأديان الأخرى”، جامعة المدينة العالمية، 14/1/2013، اطّلع عليه بتاريخ 9/7/2017. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج عبد الرزاق الموحى (2001)، العبادات في الأديان السماوية (الطبعة الأولى)، دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع، صفحة 229-233. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح عبد الرزاق الموحى (2001). العبادات في الأديان السماوية (الطبعة الأولى)، دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع، صفحة 231/237/253/276/300/314/323.
- ↑ “موسوعة الأديان/ تعريف اليهودية”، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 9/8/2017.
- ↑ سورة ال عمران، آية: 67.
- ^ أ ب ت عبد الرزاق رحيم الموحى (2001)، العبادات في الأديان السماوية (الطبعة الأولى)، دمشق: الاوائل للنشر والتوزيع، صفحة 59-62، بتصرّف.
- ↑ عبد الرزاق الموحى (2001)، العبادات في الأديان السماوية (الطبعة الأولى)، دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع، صفحة 74.
- ↑ عبد الرزاق الموحى (2001)، العبادات في الأديان السماوية (الطبعة الأولى)، دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع، صفحة 95.
- ↑ عبد الرزاق الموحى (2001)، العبادات في الأديان السماوية (الطبعة الأولى)، دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع، صفحة 100.
- ↑ عبد الرزاق الموحى (2001)، العبادات في الأديان السماوية (الطبعة الأولى)، دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع، صفحة 116.
- ↑ سامي بن عبدالله بن المغلوث (2007)، أطلس الأديان (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة العبيكان، صفحة 173.
- ↑ د. منقذ بن محمود السقار (2007)، سلسلة الهدى والنور (3)/ الله جل جلاله واحد أم ثلاثة؟ (الطبعة الأولى)، مصر: دار الإسلام للنشر والتوزيع، صفحة 13-19، جزء 1.
- ^ أ ب ت عبد الرزاق الموحى (2001)، العبادات في الأديان السماوية (الطبعة الأولى)، دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع، صفحة 143/144.
- ^ أ ب عبد الرزاق الموحى (2001)، العبادات في الأديان السماوية (الطبعة الأولى)، دمشق: الاوائل للنشر والتوزيع، صفحة 154-158.
- ↑ عبد الرزاق الموحى (2001)، العبادات في الأديان السماوية (الطبعة الأولى)، دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع، صفحة 176.
- ↑ عبد الرزاق الموحى (2001)، العبادات في الأديان السماوية (الطبعة الأولى)، دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع، صفحة 181.
- ↑ عبد الرزاق الموحى (2001)، العبادات في الأديان السماوية (الطبعة الأولى)، دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع، صفحة 195.