أول من تكلم العربية

تعريف اللغة

اختلفَ العُلماء في تعريفِ اللغة؛ إذ لا يوجدُ اتّفاقٌ كاملٌ على تعريفٍ محدّدٍ للُّغة؛ ويعودُ السّبب في ذلك إلى ارتباط الّلغة بكثيرٍ من العلوم، فمن هذه التّعاريف:

  • تعريفُ العالمُ اللّغوي فرديناند دي سوسير؛ إذ يقول: (اللّغة هي نظام متناسق من العلامات المتمايزة فيما بينها، وهي موجودة في أذهان أبناء الجماعة جميعهم، ويكتسبها الفرد اعتباطاً، وتتجلّى من خلال النشاط الفعلي للفرد المُتكلّم).[١]
  • تعريفُ العالم النّحويّ ابن جني؛ إذ يقول: (حد اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عـن أغراضهم).[٢]
  • تعريف ابن خلدون؛ إذ يقول: (اللغة في المتعارفِ هي عبارة المتكلّم عن مقصوده، وتلك العبارة فعلٌ لسانيّ ناشئة عن القصد لإفادة الكلام، فلا بدّ من أن تصير ملكة متقررة في العضو الفاعل لها وهو اللسان، وهو في كلّ أمةٍ بحسب اصطلاحاتهم).[٢]

اللغة العربية

تُعرّف اللّغة العربية التي يتكلّم بها العربُ حاليّاً باللّغة الباقية؛ إذ نشأت في الحجاز وانتشرت فيما بعد، وإنّ أقدَم ما وصلَ منها بعضُ العلامات والنّقوش التي ترجعُ في تاريخها إلى القرن الثاني الميلاديّ، كما وصلنا أرقى آثارها من الشّعر والنّثر الذين أُلِّفا في الجاهلية وجُمعا في القرن الأول للهجرة؛ حيثُ يُبيّنان كمالَ هذه اللّغة وعظمتها ومرونتها،[٣] ولكن ما هي اللغة؟ ومن أوّل من تكلّم بها؟

تعريف اللّغة العربية

تُعدّ اللغة العربية من أكثر اللغات السّامية تحدُّثاً، كما تُعدّ إحدى أكثر اللغات انتشاراً حول العالم؛ حيثُ يَنطِقُ بها ما يزيد عن 422 مليون شخص باعتبارها اللغة الأمّ لهم، كما يُنطقُ بها العدد نفسه تقريباً من المسلمين غير العرب باعتبارها لغة ثانية، وتعتبرُ اللغة العربيّة لغةً رسميّة في جميع دولِ الوطن العربي بالإضافة لدولة تشاد وإريتريا وفي الكيان الصهيونّي على الأراضي الفلسطينية، كما تُعتبرُ إحدى اللغات السامية الستة في هيئة الأمم المتّحدة.[٤] للّغةِ العربية أهميّة دينية بوصفها لغة مُعجزة وخالدة، ولغة القرآن الكريم، ولغة الموروث الإسلاميّ منذُ ظهورِ الإسلام؛ ممّا مدّها بصفةٍ قدسية،[٤] فقد قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا).[٥]

أول من تكلّم العربية

روت الكثير من المصادر التاريخية أنّ يَعرُب بن قحطان بن عابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشذ بن سام بن نوح هو أوّل من تكلّم اللغة العربية؛ لأنه أولّ من انعدل لسانه من اللغة السيريانية إلى اللغة العربية؛ حيثُ قال الجوهريّ في الصِّحاح: (أولُّ من تكلّم العربيّة يعرب بن قحطان)،[٦] كما قال ابن دريد في كتاب الوشّاح: (أوّل من نطق بالعربيّة يعرب بن قحطان، ثمّ إسماعيل)،[٧] وقد قال علي بن محمّد: (قال الدعبل بن علي: يقال: إنه أول من تبحبح بالعربية الواسعة، ونطق بأفصحها، وأوجزها، وأبلغها. والعربية منسوبة إليه مشتقة من اسمه)،[٨] وهو من ذكره الصحابيّ حسّان بن ثابت الأنصاريّ في شعره؛ إذ قال:[٨]

تعلمتمُ من منطق الشيخ يعرب

أبينا فصرتم معربين ذوي نفر

كما قال في ذلك علقمة ذو جدن:[٨]

ومِنّا الذي لم يُعربِ الناسُ مثله

وأعربَ في نجدٍ هناكَ وغارا

كما قصدَ الشّاعر البحتريّ يعربُ بن قحطان بقوله:[٩]

نحن أبناء يعربٍ أعربُ النّاس

لساناً وأنضرُ النّاسِ عوداً

تكلُّم العربية وعلاقتها بصفة العروبة

اختُلِفَ في تعريفِ العربيّ، فقال البعضُ أنّ العربية لسانٌ بينما العروبة انتسابٌ لهذا اللسّان، ويتّخذون حديثاً يُنسَبُ لرسولِ الله في ذلك دليلاً لهم،[٩] فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (يا أيُّها الناسُ إن الربَّ واحدٌ، والأبَ واحدٌ، وليستِ العربيةُ بأحدِكم من أبٍ ولا أُمٍّ، وإنما هي اللسانُ، فمن تكلم بالعربيةِ فهو عربِيٌّ)؛[١٠] إلّا أنّه حديثُ ضعيفٌ جداً.

ينظرُ البعضُ إلى أنّ العروبة تتعلّق بالبقعة الجغرافية المسمّاة بأرض العرب وبلادهم وجزيرتهم، فإن هاجروا منها سُمُّوا بغير العرب كالأنباط والأمازيغ والكنعانيين والفينيقيين، كما يعتقد آخرون أنّ العروبة متعلّقة بالإسلام من مُنطَلَقِ ارتباط اللغة والدّين، فيرون العروبة شعاراً ذي توجّهاتٍ إسلامية، بل يتعدّون ذلك لينظروا إلى أنّ اللغة العربية ذاتها من الدّين الإسلاميّ، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك: (اللسان العربيّ شعارُ الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميّزون)، كما قال: (فإنّ نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب…).[٩]

حقائق عن اللغة العربية

  • تتوقّع إحصائياتٌ للأمم المتّحدة أن يزيدَ عدد المتّحدثين باللغة العربية ليبلغ عددهم نحو 647 مليوناً بحلولِ عام 2050م، وهو ما سيُشكِّل 6.94% من سكّان العالم.[١١]
  • يأتي ترتيبُ اللغة العربيّة في المركز الرابع بين أكثر اللغات انتشاراً في الكرة الأرضية بعدَ اللغة الإنجليزية والصّينية والهندية.[١٢]
  • تُعدّ اللغة العربية من أكثر لغات العالم غناءً ودقّةً؛ وذلك من حيث سعة الكلمات والمعاني ومرونتها؛ إذ يفوق القاموس العربيّ ما عدده 12 مليون كلمة؛ وذلك بحسب قاموس المعاني الإلكتروني.[١١]
  • تتكوّن أبجديّة اللغة العربيّة من 28 حرفاً، وتأتي في المرتبة الثانية من حيث أكثر الأبجديّات انتشاراً حول العالم؛ إذ تُستعمل لكتابة الكثير من اللغات غير العربيّة؛ كالكرديّة، والفارسية، والأفغانية.[١١]
  • تتميّز اللغة العربية بنظام تنقيطٍ وحركاتٍ فريد، إذ كانت تُكتب قديماً بلا تنقيط أو حركات، وقد تم تطوير نظام الحركات فيها في القرن السابع الميلاديّ، بينما اعتُمد التنقيط في القرن الثامن الميلاديّ.[١١]
  • يحتَفلُ العالم أجمع باليومِ العالميّ للّغة العربية في تاريخ 18 ديسمبر كلّ سنة، وذلك بعد قرار اليونسكو عام 2012م بإفراد هذا اليوم للاحتفال باللغة العربية.[١٣]

المراجع

  1. “تعريف اللغة”، University of Babylon ، 15-6-2011، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2017. بتصرّف
  2. ^ أ ب حسن بربورة (2011)، بحث حول نشأة وتطور اللغة العربية، الجلفة- الجزائر: جامعة زيّان عاشور- كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، صفحة 6.
  3. حسن بربورة (2011)، بحث حول نشأة وتطور اللغة العربية، الجلفة- الجزائر: جامعة زيّان عاشور- كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، صفحة 3،
  4. ^ أ ب أ.محمد أمارة (2013)، لغتنا العربية، رؤيا وتحدّيات، الناصرة- فلسطين: دراسـات- المركزالعربي للحقوق والسياسات، صفحة 18.
  5. سورة يوسف، آية: 2.
  6. محمود عكاشة‎ (2006)، علم اللغة: مدخل نظري في اللغة العربية (الطبعة الأولى)، مصر: دار النشر للجامعات، صفحة 40.
  7. عبدالكريم بن صالح بن عبدالله الزهراني (2000)، المصابيح في تفسير القرآن العظيم، السعودية: جامعة أم القرى-كلية اللغة، صفحة 187، جزء الأول.
  8. ^ أ ب ت “وصية يعرب بن قحطان”، المكتبة الشاملة، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2017. بتصرّف
  9. ^ أ ب ت بودفلة فتحي (14-1-2011)، “ماهية العروبة في فكر وشعر أحمد سحنون”، ملتقى أهل التفسير، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2017. بتصرّف
  10. رواه الألباني، في السلسلة الضعيفة، عن أبو سلمة بن عبدالرحمن بن عوف، الصفحة أو الرقم: 926، خلاصة حكم المحدث : ضعيف جداً.
  11. ^ أ ب ت ث ” في يومها العالمي.. حقائق مثيرة عن اللغة العربية”، الحرة، 21-12-2015، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2017. بتصرّف
  12. “ترتيب لغات العالم من حيث الانتشار”، RT، 27-6-2015، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2017. بتصرّف
  13. “5 حقائق لا تعرفها عن اللغة العربية في يومها العالمي”، صدى البلد، 18-12-2016، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2017. بتصرّف