الثقافة والفكر الحر

مفهوم الثقافة

تُعد الثقافة أو كما يُطلق عليها في الإنجليزية (The Culture) من أبرز المفاهيم العصرية المتداولة حالياً، والتي يسعى البشر إلى تطويرها وتنميتها والنهوض بها؛ لأنّها تُشكل عاملاً رئيسياً في نهضة الأفراد، والمجتمعات، والدول، وتُعرف بمفهومها العام بأنّها القدرات المعرفية والفكرية لدى المفكرين والدارسين والقارئين التي تمنحهم إدراكاً وإحاطة جيدة بالأمور، وتتيح لهم الفرصة لفهم الواقع الذي يعيشون فيه بشكل جيد والإحاطة به.

تختلف الثقافة من شخص إلى آخر ومن دولة إلى أخرى، ولها العديد من المعاني التي يتمثّل أبرزها في القدرة على التذوق الجيد لكافة أشكال الفن والعلوم الإنسانية، والحصول على أقصى قدر ممكن من المعارف الإنسانية، كما تمّ إطلاق مسمى الثقافة على نمط السلوك والحياة الرمزي والاجتماعي الذي يقوم على التفكير الرمزي والاعتقاد، فضلاً عن أنّه يدّل على جُملة من الاتجاهات المشتركة، والقيم، والأهداف، والسلوكيات التي تتميز بها مجموعة من البشر، أو المنظمات، أو الدول.

مفهوم الفكر الحُر

يُشير مفهوم الفكر الحُر إلى الفكر القائم على عدم أخذ الأمور الحياتية كمسلمات، ومحاكاة العقل والتفكير السليم الناقد للأمور، والذي ينظر إلى جوهر وأعماق الأشياء ولا يكتفي أبداً بالقشور، بل يبحث وراء الأسباب المباشرة وغير المباشرة، ويذهب إلى التحليل والتمحيص للكشف عن كافة الجوانب المُتسببة بحدوث الحالات المختلفة، ولا يقبل بكل ما يتنافى مع المنطق والعقل الإنساني.

عوامل ظهور الفكر الحُر

ظهر الفكر الحُر كأحد الثورات الفكرية الحديثة التي رافقت حملات التصدي للموروثات الاجتماعية البالية التي أثرت بصورة سلبية جداً في معتقدات الناس وأنماط وأساليب التفكير لديهم، مما جعلهم غير قادرين على فهم الواقع والتعامل معه بطريقة سليمة، وجعلهم أقل تقبلاً لبعضهم، الأمر الذي قلّل إلى حد كبير حدة المشكلات الاجتماعية المبنية على أساس التعصب والعنصرية، والتي تجعل الأشخاص يهاجمون بعضهم لمجرد الاختلاف دون وجود أي نوع من رحابة الصّدر.

مفهوم الفكر الحُر في الفلسفة

يمُثّل هذا الاتجاه أحد أبرز الاتجاهات الفلسفية التي ترى الأمور بعين العلم والمعرفة فقط بمعزل عن وجهات النظر الشخصية التي تؤثر في موضوعية الحقائق ودقتها وصحتها، بحيث تسعى إلى عزل المعرفة عن السلطات، والعادات والتقاليد، أو أي نوع من أنواع الدوغما، ويُطلق على هذا النوع من الفكر اسم التفكير الحُر، أي الذي لا يتبع لغيره بأي شكل من الأشكال، ولا يتأثر إلا بكل ما هو مُثبت صحته ودقته، ويصنف ضمن أنواع التفكير العميق الجيد، ويأخذ من بنفسج الثالوث رمزاً له.

الثقافة والفكر الحُر في المجتمعات الإنسانية

إننا نجد كلاً من مبادئ الثقافة وتيارات الفكر الحُر بشكل أوسع في المجتمعات والبيئات التي تؤمن باستقلالية وحرية الفكر، بالمقارنة مع المجتمعات التي تقوم على التسلط وتتبع لسيطرة مجموعة من الأفراد، أو تخضع لحكم الموروثات الاجتماعية والتقليدية المختلفة، وينطبق ذلك على وجود هذه المفاهيم في الدول المتقدمة حالياً كما هو الحال في معظم الدول الأوروبية بشكل أكبر من دول العالم الثالث أو الدول النامية.