مفهوم الثقافة فلسفياً
الثقافة
للثقافة مجموعة من المُكونات والعناصر المُتعددة، والمدلولات والاتجاهات المُتنوّعة، لذلك يصعب أن تندرج ضمن إطار تعريف مُبسّط ونهائي، وهي تترادف أحياناً وتتداخل مع مصطلحات أخرى، مثل المدنية، والحضارة، وغيرها، ولكن يمكن تعريفها بالشكل المُبسط على أنّها الكُلّ المُركب من مجموعة الفكر، والأدب، والعادات، والفنّ، والأخلاق، والسلوك، وغيرها، من خلال تفاعل الإنسان في بيئته ومُحيطه، مُؤثراً ومُتأثراً فيها، صانعاً لها ومُنصهراً بداخلها في نفس الوقت.
الثقافة والفلسفة
تُعرف الفلسفة على أنّها مجموعة من الاهتمامات التي تدور حول الطبيعة، وما وراء الطبيعة، وحول المُطلق، وتصوّرات للطبيعة، والكون، والوجود، بنسقٍ يتميّز بأنّه مُغلق، ونظري، وتجريديّ، إن الفلسفة قد تُعدّ مُكوناً ثقافياً يندرج في إطار الثقافة العامّة، ويمكننا أن ندعم هذا القول بتعبير “هيجل” الخاصّ عن الفلسفة، بأنّ شرط وجود الفلسفة في الثقافة، فالفلسفة بتصوّره هي روح الثقافة ومرتبطة بها ارتباطاً أساسياً.
مفهوم الثقافة فلسفيا
تُعتبر الثقافة ُ مُكوّناً للشخصية والفرد، وتُعتبر أيضاً مُكوّناً للمجتمع، من خلال هذه الفكرة يمكننا القول إن الإنسان صانعٌ للثقافة، وفي الوقت ذاته هو مصنوعٌ بها، وبهذا فإنّ الثقافة هي فلسفة الحياة.، وبناءً على ذلك فإنّ الفلسفة التي ترسمها الثقافة للحياة ولنفسها، تظهر جلياً على عدة أُطر في جوهرها ومضمونها، هذه الأُطر تنقسم إلى إطار خارجي “كمصطلح وتعريف الثقافة” والذي يحمل في طياته صُعوبات ومُتناقضات، وإطار داخلي له مجموعة من المُتناقضات أيضاً، وبما أنّ الثقافة دائماً في حالة من الخلق، والحركة، والإبداع، والانتشار، سيكون فيها ما هو تقليديّ وما هو تجديديّ، وما هو عام، وما هو خاصّ، وهنا تُبرز الثقافة فلسفتها باستمرار،” فعموميّات الثقافة” تتمثل في العادات، والتقاليد والأفكار، واللغة، وأنماط السلوك، أمّا “خصوصيات الثقافة” فترتبط في ثقافة الفرد، والفئة، والطبقة، والثقافة الفلسفيّة، والصناعيّة، والتقنية، وهذا ما يُشكل نواة الثقافة.
دينامية الثقافة
لقد أصبح للثقافة وظيفة أكثر تأثيراً وفعاليّة في الوجود الاجتماعي، فصار هدفها تغيير المجتمع، من خلال الأفكار والدينامية التي تتمتع بها، ومن خلال مُحتوياتها المتعدّدة المُرتبطة أولاً، بالتكنولوجيا، والوسائل الماديةّ، التي يستعملها الإنسان، والمُتعلّقة ثانياً، بالمحتوى الاجتماعي من أنشطة، ومؤسّسات، وغيرها، وثالثاً، المُحتويات التي تختصّ بالموضوع الأيديولوجيّ من معارف، ومعتقدات، وقيم، ومن هنا بدت الثقافة وكأنها الأم، للعديد من المواضيع الإنسانية، من سياسة، وتربية، وفلسفة، وعلوم، وفنّ، وغيرها الكثير من المجالات، ممّا جعل من كل هذه المواضيع تتطوّر بتطوّر الثقافة، ومن هنا فإنّ الثقافة مزيج ومُركب، من مجموعة من التفاعلات البشرية، على المستويات الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، التي تخصّ حياة الأفراد في المجتمع، فتخلق معها فلسفة للمجتمع على نفس المستويات التي ذكرت، فالأدب في مجتمع ما، هو فلسفة، والشعر فلسفة، وقد يكون للاقتصاد، والسياسة، فلسفة أيضا.