الثقافة والحضارة

الثقافة والحضارة

الثقافة والحضارة هما مفهومان اختُلِف عليهما من قبل الدارسين والباحثين، حيث إنّه بعد تعريفهم للمفهومين واستخلاص الفروقات بينهما، نتج عن هذا الأمر ثلاثة آراء سنذكرها بعد التعريف بكل مفهومٍ على حدة.

مفهوم الثقافة

الثقافة بالمعنى المطلق عند العرب، وكما وردت في المعاجم جاءت من اللفظ (ثقف)، ويطلق على الفهم والإدراك والحذق، فعند القول (هو غلامٌ ثقف) تعني أنه ذو ذكاءٍ وفطنة.

أمّا بعد إضافة كلمة أُمّة للثقافة (ثقافة أمّة)، فإنها تعني التراث الحضاري والفكري للأمّة من كافة الجوانب العمليّة والنظريّة التي تميّز تلك الأمّة، حيث يشكل هذا التراث ثقافة الأمة بطريقةٍ مترابطة ومتداخلة مشكلةً محيطاً وإطاراً يحكم الأسر والأفراد والمجتمع بشكلٍ عام.

عرّف بعض الباحثين الثقافة على أنها أسلوب الحياة السائد في الأمّة، بحيث إنّ الإنسان يتشرّب هذه الثقافة منذ اللحظات الأولى لميلاده، مكوّنةً تقاليده وعاداته، ولن يحظى بأي نوعٍ من الرضا إن تجاوز هذه الثقافة المتوارثة، حتى إنّه يمكن أن يتجاوز الأمر من عدم الرضا إلى نوعٍ من الأذى.

مفهوم الحضارة

الحضارة عند العرب تقابل البداوة، حيث إنّ الحضارة هي حياة المدن المقابلة لحياة الصحراء في البداوة.

توسّع مفهوم الحضارة عبر العصور ليصبح المعنى يشمل مدلولاً آخر، وهو التعبير عن رقي المجتمع عن المستويات البدائيّة، ويطلقون على هذا المجتمع اسم (مجتمع متحضّر)، وهذا المجتمع يعرّف على أنّه المجتمع الذي له قيمة روحيّة رفيعة، وأساليب ماديّة متطوّرة في سبيل مواجهة الحياة الطبيعيّة.

الفرق بين الحضارة والثقافة، والعلاقة بينهما

هناك العديد من الآراء حول الفروقات بين الحضارة والثقافة، وهذه الآراء هي:

  • الرأي الأوّل يعتبر أنّ مفهوم الحضارة أوسع وأشمل من مفهوم الثقافة، بمعنى آخر أنّ الحضارة تشمل الثقافة، بينما الثقافة لا تشمل الحضارة، حيث إنّ الحضارة هي مفهومٌ شامل للجانبين (المادي والمعنوي)، بينما الثقافة فهي تقتصر على الجانب المعنوي بما يحويه من تراثٍ فكري.
  • الرأي الثاني جاء مخالفاً للرأي الأوّل، فهو لا يفرق بين المفهومين، ويعتبر أنّ مفهومي الحضارة والثقافة متساويان.
  • جاء الرأي الثالث متفرّداً بالحضارة، حيث يعتبرها -أي الحضارة- سبباً شاملاً لما توصّل إليه أيُّ مجتمعٍ من ابتكارات واختراعات.
ومن هنا تأتي نتيجة تلك الآراء لتوضيح العلاقة الوثيقة بين مفهومي الثقافة والحضارة، حيث إنّه يمكن أن تكون الثقافة شيئاً والحضارة شيئاً آخر، وإمّا أن تكون الثقافة عبارة عن ركيزة لقيام الحضارة، وذلك عندما تكون الثقافة هي الجانب المادي، فيما الحضارة هي الجانب المعنوي.