كيف تغير حياتك للأفضل
كيفية تغيير الحياة للأفضل
التغيير للأفضل في حياة الفرد يقتضي وجود مجموعة من الأمور المتشابكة المترابطة كل أمرٍ يُكمّل الآخر، كالدوافع مثلاً للتغيير، فأي فردٍ قادرٍ على التغيير وليس لديه الدافع أو الأسباب لذلك، فإن الفشل سيكون نتيجة حتمية له، والإخفاق مصيره.
لذلك فإنّ قرار التغيير في الحياة ليس فقط شعاراً برّاقاً يتردّد على ألسنة الكثيرين، وتُنادي به المجموعات النشطة فحسب، بل هو منهج حياة يرافقهُ اعتقادٌ قلبي، هدفهُ التغيير للأفضل، والتقرب إلى الله تعالى، يقوم على قواعد ثابتةٍ وراسخةٍ، تضمن له النجاح والاستمرار في مشواره وتقدمه، الذي يطلب فيه العون والتوفيق من الله سبحانه وتعالى أولاً وأخيراً.
- إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى
- فأوّل ما يقضي عليه اجتهادُهُ.[١]
معرفة أهمية التغيير
كثيراً ما تُصيب الإنسان الكآبة والضجر من الحياة وروتينها، ويتمنى أن يُحدِث التغيير في حياته، وأن تُكسّر جميع القيود التي تعيق حركته، إلا أنّه يبقى ساكناً يتساءل كيف ومتى ولماذا التغيير، وهل بمقدوره التغلب على ما يمر به من أزمات. والحقيقة أنّ المرء بإرادته وقوة صبره يتغلب على كافةِ الظروف والصعاب المحيطة به مهما كانت صعبة، بل هو الذي يُكرّس هذه الصعاب لخدمته، ويستفيد منها لتكون دافعاً ومجالاً خصباً لخبراته وتجاربه.
فالإنسان القوي الذي يشعر بأهميته وبأنَّ الحياة وظروفها ومصاعبها هي وسيلة تزيد من قوته وإنسانيتهِ، فهو يدرك أنَّ قواه الكامنة تستطيع أن تفعل الكثير، وأن تصنع الكثير، فلا ينتظر الخلاص من أحد، ولا مجال لإبطاءٍ أو انتظار، فالعمر يمضي، وعجلة الزمن تدور.
فما أجمل أن يُعيد المرء تنظيم نفسه بين وقتٍ وآخر، وأن يجلس معها ليرى مواطن الضعف والركود، فينتقدها ويقويها، وأن يضع السياسات قصيرة المدى وطويلة المدى ليُنقذ ما يمكن إنقاذه، ويتخلص من الركود والجمود، ويبدأ من جديد بكل حيويةٍ ونشاطٍ متسلّحاً بالأمل، والسعادة والتفاؤل بمستقبلٍ واعد.
إن التغيير يبدأ من الفرد فهو الأساس، ثم يأتي بعد ذلك نهوض وتغيير المجتمع الذي يعيش فيه، فالفرد في علاقات تبادلية مع مجتمعه، فالفرد الفاعل والمفكّر يأخذ مجتمعه إلى القمة والمجد، والمجتمع القوي الناجح يقدّم لأفراده كل الظروف المعينة على التطوّر والنجاح.[٢][٣]
إدراك دوافع وأسباب التغيير
يسأل المرء نفسه لماذا قررت التغيير في حياتي، وما الدافع وراء التغيير، التغيير الناجح هو الذي يقوم على أسبابٍ أو مشكلاتٍ أو أهدافٍ يُرجى تحقيقها دفعته للتغيير ومن هذه الأسباب ما يلي:[٤]
- المسلم القوي ذو الفائدة أعظم درجةٍ وأرفع قدراً عند الله تعالى؛ فهو يفوق منزلة من الذي اكتفى بنفسه، وابتعد عن الآخرين؛ فلم ينشر الفائدة، ولم يترك أثراً، وعملاً ينال به الأجر والثواب.
- في التغيير استجابة لأمر الله سبحانه وتعالى، عندما دعا المؤمنين إلى الاجتهاد والعمل، وكي لا يكونوا عالة على غيرهم، وأنّ الله سبحانه وتعالى سيجازيهم على عملهم هذا يوم القيامة، قال تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إلى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).[٥]
- لتحقيق الذات والتميز والنجاح في الحياة؛ وهذا ما يسعى إليه كل إنسان بأن تكون له قيمته ووزنه ونجاحه بين الناس، فإن أقدم على عمل نفع به غيره من البشر، حاز خيري الدنيا والآخرة، فهو بذلك حقق ذاته ونجاحه في الدنيا، والفوز برضا الله وثوابه في الآخرة، ولا تعارض بين نجاح الدنيا ونجاح الآخرة؛ فكلاهما يسلكه الناس في طريق واحد، يحرص في ذلك على تجديد النية لله وإفادة البشرية من أعماله.
- ولعل من أهم أسباب التغيير الذي يسعى له الإنسان، السعادة والهناء في الدنيا، فكم من بائسٍ مضطربٍ كئيبٍ أقدم على الانتحار أو الهلاك بسبب ما هو فيه من وضعٍ نفسيٍ وعاطفيٍ وقف أمامه مكتوف الأيدي، حتى تجتمع عليه الصعاب وتستهلك قواه الكامنة، فيصبح ضعيف الإرادة هزيل النفس، مضطرب الفوائد فهذه الصفات إن اجتمعت في فرد أهلكته، ولذلك كان من الضروري له التغيير للأفضل، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من نفسه التي تستحق أن يحيا وينجح من أجلها.
- التخلص من المشكلات، فوقوع الإنسان في مشكلةٍ، يجعله يقف حائراً لا يعرف ماذا يفعل، وفي أي اتجاهٍ يسلك، ويكون حل هذه المشكلات هو التغيير؛ الذي يشكل نقطة الانطلاق.
- القضاء على الملل؛ فالحياة تحتاج إلى تغيير مستمر، لإبعاد شبح الملل عنها، فإذا بقيت العادات اليومية في المنزل مثلاً دون تغيير، والجلسة كذلك بالطريقة نفسها، والعمل بالنمط ذاته، أصبحت الحياة ما هي إلا أيام مكررة، طغى عليها الملل، وأصاب صاحبها الإحباط والاكتئاب، فلا يضر الإنسان إن أحدث شيئاً من التغيير، كالأكل خارج المنزل، أو تغيير وضع أثاث المنزل، فهذه الأمور على صغرها إلا أنّها لها الفائدة الكبرى في تغيير نفسية الإنسان للأفضل، وشعوره بالراحة والنشاط، وتمد الإنسان بطاقةٍ تدفعه إلى العمل بسعادة.
استعمال وسائل التغيير
وسائل التغيير التي يحتاجها الإنسان هي آخر خطوة يجب أن يتعرف عليها عند عزمه على تغيير حياته للأفضل، فيكون قد حدد الدوافع والأسباب التي من أجلها كان التغيير، وأدرك أهمية التغيير في حياته والثمرات التي سيجنيها من ذلك، والآن جاء وقت الانطلاق للسير بنشاط في طريق النجاح، فعليه أن يتسلّح بالوسائل التي تعينه على ذلك ومن هذه الوسائل:[٦][٧]
تحديد الأمور المراد تغييرها
وضع قائمة تتضمن تحديد المشكلة المراد علاجها أو التغيير من أجلها، فكثيراً ما يبحث الأشخاص عن وسيلةٍ للخلاص من الوضع القائم، دون تحديدٍ دقيقٍ للمشكلة التي سببت الإرباك للفردِ، وبعد تحديد المشكلة، يضع الأسباب التي أدَّت لظهورها إلى حيز الوجود، وما الحلول الممكنة لهذه المشكلة.
كتابة الأحلام
من الجميل أن يعرف الإنسان ما يريد من الحياة، وأن يحدد أهدافه التي ينوي تحقيقها، والأحلام التي يتمناها، ويرسمها في مخيلته؛ فالأحلام الوردية كثيراً ما تكون سبباً في سعادة الإنسان، وتجدد نشاطه، وانطلاقه للعمل بجد واجتهاد، دون كللٍ أو ملل.
ومهما واجهته الصعوبات، والعوائق فإنَّه يستهين بها، ويتخطاها مبتسماً، ليمضي في طريق الأحلام الذي يراه في يقظته، ليجعله واقعاً ملموساً تظهر آثاره سعادة وهناء.
القوة الكامنة
كل إنسان يتمتع بقوى كامنة في داخله متعددة الجوانب، تميزه عن غيره من البشر، قوةٌ تستمتع بالحياة، وتشعُّ بالنور، وعليه استثمار هذه القوة الداخلية، لتمده بالطاقة لمواصلة طريق التغيير والنجاح، وإخراج أفضل ما لديه من إبداعاتٍ ومواهب كامنةٍ تنتظر من يكتشفها.
حلِّق مع النسور
الاستفادة من نجاح الآخرين وخبراتهم يُعتبر أكبر معين في طريق النجاح والتغيير فيستفيد الإنسان من تجارب الآخرين، ومن الأخطاء التي وقعوا فيها ليتلاشاها ويبتعد عنها، ويتعرف إلى نقاط القوة التي كانت سبباً في انطلاقهم وتميزهم؛ فالأشخاص المتفوقين في حياتهم مكسبٌ يجب استثماره، والفوز بالقرب منه، أما الضعفاء أصحاب الهمم الواهية والإخفاقات المتكررة على الإنسان الابتعاد عنهم وتجنبهم، وتذكر دوماً القول المأثور: (إذا أردت أن تكون نسراً فيجب أن تطير مع النسور).
ويُضيف إبراهيم الفقي بعضاً من الوسائل المفيدة في التغيير للأفضل مثل:[٨]
تقييم الذات
وذلك بأن يبدأ الإنسان بوضع نقاط القوة ونقاط الضعف له، وأن يحدد ما يحبه، وما لا يحبه، وعليه أن يتذكر دوماً، أن الكمال لله وحده، ولا يوجد إنسانٌ كاملٌ على وجه هذه الأرض، وبعد تحديد نقاط القوة والضعف فيه، يأخذ على نفسه عهداً بالتغيير للأفضل وإصلاح ما يمكن إصلاحه في شخصيته فإن كان الضعف لديه في عدم قدرته على مواجهة الآخرين، يزيد من فُرص التواصل الاجتماعي معهم، ويسعى لتعزيز ثقته بنفسه، والاستعداد لمثل هذه المواقف وهكذا.
شجاعة التغيير
يتطلب التغيير شجاعةً وتصميماً من الفرد، ومثابرة كافية توصله إلى النهاية، فمن الصعب أن يتحول الشخص من إنسانٍ سلبي أو محايد إلى إنسانٍ ناجحٍ ومفكرٍ إيجابي، لأنه بذلك يسير عكس تيار القواعد والمفاهيم العامة، المنتشرة بين الناس فالتغيير للأفضل والنجاح والسعي للتميز لا يفكر به إلا الأقلية من الناس، ولذلك من أراد التغيير عليه أن يتحلى بالشجاعةِ المطلقةِ ليكون مختلفاً عن الآخرين.
الثقة بالنفس
إن للثقة بالنفس أثراً كبيراً وعجيباً في جذب انتباه الآخرين إلى الشخص، فهم يتقدمون بأعمالهم وينجحون بها بصورةٍ سريعةٍ، ويجدون النجاح أينما ذهبوا، ذلك أن ثقتهم بأنفسهم تكون نتيجة العمل المتواصل والاجتهاد المستمر، فتتوالى نجاحاتهم، وتزدهر أعمالهم، ويتركون أكبر الأثر خلفهم.
المراجع
- ↑ عبد الكريم بكار (2010م)، من أجل النجاح (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار السلام، صفحة 11، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد الغزالي (2005م)، جدد حياتك (الطبعة التاسعة)، مصر: نهضة مصر، صفحة 12 – 14، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الكريم بكار (2010م)، من أجل النجاح (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار السلام، صفحة 9، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ وليد فتحي (2011م)، قررت أن أغير حياتي (الطبعة الثالثة)، صفحة 61 – 66، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 105.
- ↑ جوديت برايت، الثقة تصنع النجاح (الطبعة الثانية )، الرياض: العبيكان، صفحة 72، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ دونا واتسون (2007م)، 101 طريقة بسيطة لتكون ناجحا مع نفسك (الطبعة الأولى)، الرياض: العبيكان، صفحة 21 – 23، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ إبراهيم الفقي (2007م)، الثقة والاعتزاز بالنفس (الطبعة الأولى)، صفحة 14 – 25، جزء 1. بتصرّف.