عدم الثقة بالنفس وعلاجه
الثقة بالنفس
تنبع الثقة بالنفس من تقدير الذات والقدرة على تحقيق الأهداف، إذ يكتسب الشخص الشعور بالكفاءة الذاتية عندما يجد نفسه قادراً على إتقان المهارات وتحقيق الأهداف في مختلف المجالات، مما يجعله يُقبل على قبول التحديات الصعبة، ومواجهة النتائج والانتكاسات التي تعترضه دون خوف أو ضعف.[١]
أسباب عدم الثقة بالنفس
من أهم أسباب عدم الثقة بالنفس ما يلي:[٢]
إهمال الوالدين
تتأثر مشاعر الأبناء خصوصاً في مرحلة الطفولة بمشاعر الآباء تجاههم، بل تتعداها لأن تكون مصدر الدعم الأول لهم وسبب استقرارهم النفسي والعاطفي، لذا فإنّ الأطفال الذين يعيشون ضمن بيئات أسرية تفتقر إلى تقدير ذات الطفل، أو البيئات التي تعاني من مشاكل أسرية، أو سلوكية، أو مشاكل في الصحة العقلية، وتنعدم فيها المسؤولية تجاه توجيه الأطفال، والاهتمام بهم، وإرشادهم نحو السلوكيات السليمة، فتؤثر في الأطفال بشكل كبير، فتنعدم لديهم ملكة الثقة بالنفس، وتتولد لديهم مشاكل نفسية تشاركهم طوال فترة حياتهم.
رفاق السوء
إنّ الفرد جزء من منظومة اجتماعية متكاملة، فأي خلل يحدث في هذه المنظومة سيؤثر حتماً في نفسية الطفل وأدائه السلوكي، كما أنّ معاملة الآباء تؤثر في سلوكيات الطفل، كذلك يتأثر الأخير بمعاملة أقرانه تجاهه، فإذا همشت احتياجاته ووجه بالإكراه والضغط نحو تنفيذ مهام لا يفضّل هو القيام بها أثر ذلك في سلوكه وتقديره لذاته، فتكون ردود أفعاله عدوانية كرد فعل على ما يواجهه من ضغوط، أو انطوائية ومنكمشة لا تتجاوز القيام بسلوكيات مترددة وغير مسؤولة.
الصدمة
إنّ الأطفال الذين تعرضوا لمواقف صادمة في حياتهم، أو لأي نوع من الإساءة سواء أكانت إساءة لفظية، أم سلوكية، أم جسدية، أم جنسية هم أكثر الأطفال المعرضين للاكتئاب، وسوء تقدير الذات، فقد يغلب عليهم الخجل السلوكي، والانطوائية، وحب العزلة، وتجنب المشاركة بأي حدث اجتماعي، مما يولد لديهم أمراض نفسية حقيقية تصعب معالجتها إذ أهملت، أو مضى عليها وقت طويل من الزمن.
شكل الجسم
يؤثر شكل الجسم أو الجمال الشكل والجسد بمعنى أدق على تقدير الفرد لذاته، فلقد نشرت جامعة واشنطن استطلاعاً في صفحة الويب الخاصة بالصحة والشباب بينت فيه أنّ 53% من الفتيات اللاتي خضعن لهذا الاستطلاع غير راضيات عن شكلهن الخارجي، وهذه النسبة ترتفع إلى 78% عند الوصول إلى سن 17 عاماً، كما تؤكد ديان نيومارك سزينتاير على أنّ 50% من الفتيات و30% من الفتيان في سن المراهقة، يلجأون لممارسات سلوكية غير صحية لمحاولة فقدان الوزن، كتخطي بعض الوجبات، والصوم، والتدخين، والقيء بعد الأكل، واستخدام المليّنات وغيرها.
إنّ المجتمع في هذا الوقت ساهم بشكل كبير في انتشار هذه المشكلة، فالجسد وخصوصاً بالنسبة للإناث هو معيار التقدير الأول لديهن، فالإعلانات المتكررة في وسائل الإعلام الداعية للحصول على الجسم المثالي، ونظرة المجتمع للفتاة الجميلة وتقديرها على أنها إيقونة جمالية بغض النظر عن الاهتمامات الفكرية، أو النفسية لديها، تخلق مشاكل نفسية عميقة للإناث الآخريات اللواتي يفتقدن تلك المقومات، وتتكرر نفس المشكلة مع الشباب الذين يظنون أنّ جمال الجسد، والمظهر الخارجي هو مفتاح تقدير المجتمع واحترامه له.
الأهداف غير الواقعية
عندما يتأثر الفرد بمعاملة الآباء، أو الأقران، أو يهزم من تقاليد المجتمع والنمط المعيشي المنتمي له سيحاول أن يهرب إلى تحقيق إنجازات يظنّ أنّها تمنح له الاستقلالية الاجتماعية أو تقدير الذات، فالشباب الذين ينغمسون في تحقيق أهداف أكاديمية، أو يمارسون نشاطات شعبية، أو مجتمعية بغرض فرض الاحترام لهم من قبل المجتمع سيواجهون بالتأكيد فشلاً حتمياً في تحقيق تلك الأهداف غير الواقعية، خصوصاً إن لم يجدوا تقديراً لكلّ تلك الجهود التي بذلوها من المجتمع، أو المحيط الذي يعيشون فيه، وستكون النتيجة سيئة أكثر مما لو حاولوا علاج أصل المشكلة التي يعانون منها.
جراء كلّ ما سبق، ونتيجة للخيبة التي يشعر بها الفرد بسبب كل الإحباطات التي تعرض لها، سيلجأ الأخير إلى القيام بسلوكيات سلبية كتعاطي المخدرات، أو ممارسة الجنس غير الآمن، أو القيام بتصرفات عدوانية لتغطية الضعف الذي يعيش فيه، مما يجعله منبوذاً أكثر من قبل نفسه، ومن قبل المجتمع.
أنماط التفكير السلبي
إنّ شعور الفرد بأنه ضعيف، أو اعتياده على التفكير بأنّه غير قادر على القيام بالمسؤوليات تجاه عائلته، أو مجتمعه سيؤثر بشكل كبير في مدى احترامه لذاته، فالنمط السلبي في التفكير يكبر تلقائياً كلما زادت المشاعر السلبية نحو الذات، ونحو الجهد المبذول، فتصبح الاهتمامات، والإنجازات بدون قيمة، ويصبح أي تفكير نحو التغيير أيضاً بدون جدوى طالما أنّ النمط السلبي في التفكير لا زال قائماً لديه، وعدم ثقته بنفسه أصبحت حقيقة لا يستطيع الفرار منها.
علاج عدم الثقة بالنفس وبناء الشخصية
يمكن للشخص أن يستعيد ثقته بنفسه، ويقدر ذاته من خلال إتباع النصائح التالية:[٣]
- يجب على الشخص تقبل جميع نتائج الأعمال التي قام في حياته، ويتحمل المسؤولية الكاملة تجاهها، ويتجنب القيام بدور الضحية، أو الجلاد تجاه ما حصل معه، فتقدير الذات ينبع من مسؤولية الإنسان الكاملة عن جميع ما يقوم به، ومن تقبله لمصيره أياً كانت النتيجة، وبذلك يمكنه وحده تقرير ما سيأتي، وإنجاز المهام التي كان يظن أنها صعبة دون أن يراوده أدنى شك بقدرته على فعلها.
- يجب تقبل الذات واحترام كينونتها، حتى لو كانت تحتوي على جوانب مضيئة ومظلمة، أو قوية وضعيفة، فاحترام أو تقدير الذات يأتي من شعور الإنسان العميق بثقته بنفسه، وعدم إلقاء اللوم عليها تجاه الخيبات التي تصادفه، بل عليه تجنب الحكم السلبي، وتعزيز الأفكار الإيجابية التي من شأنها أن تدعم خطواته الأساسية لبناء شخصية ناجحة.
- يجب تعزيز النفس ذاتياً، وتكرار الكلمات الإيجابية التي تزيد من قيمة الذات واحترامها مثل: أنا قادر على إتمام المهمة المطلوبة مني، أنا أستطيع خوض التحدي، فالتحدث عن النفس بإيجابية يخلق مشاعر تقدير حقيقية لدى الفرد، ويعيد له الثقة بالنفس.
- إدراك الفرد بأنّه محبوب ومهم لدى مجموعة من الأشخاص المؤيدين و الداعمين له؛ لأنّ ذلك يعزز الشعور بالانتماء، ويجعل تحقيق الهدف يبدو أسهل، خصوصاً إن كان أولئك الأشخاص إيجابين في حياتهم، ويمكنهم مشاركته في تحقيق الهدف بحرية، ودون خوف من النقد المدمر.
- القيام بجميع المهام التي قد تبدو صغيرة، لكنّها هامة وتحدث فرقاً لدى الشخص، كتعليق الصور على الحائط، أو تصليح رف مكسور، أو إتمام الأعمال المنزلية، وغيرها من الأعمال التي تساعد على بث روح المشاركة الإيجابية لدى الفرد، والتي من خلالها يدرك الأخير بأنه ذو أهمية كبيرة في بيئته، أو أسرته، أو حتى مع شريكه، وهذا يساعد على خلق الشعور بالفخر، والاعتزاز بالنفس، ويقود للتعامل مع أشياء أكبر وأكثر أهمية بنفس القدر من الإقبال والثقة على القيام بتلك الأعمال الصغيرة.
المراجع
- ↑ “Building Self-Confidence”, www.mindtools.com, Retrieved 27/3/2018. Edited.
- ↑ M. Scott Peck, “8 Common Causes of Low Self-Esteem”، www.goodchoicesgoodlife.org, Retrieved 26/3/2018. Edited.
- ↑ HAROLD E. SCONIERS (AUG. 13, 2015), “How to Build Confidence & Self Esteem”، www.livestrong.com, Retrieved 27/3/2018. Edited.