قوة الكلمة والتفكير
قوّة الكلمة والتفكير
يتمتّع الإنسان بمجموعةٍ من القوى في حياته، تضفي عليه قبولاً، وحسن اندماج مع غيره من الناس، ويواجه بها بعض صعوبات التعامل، فإلى جانب قوّة الإنسان النفسيّة والصحيّة والبدنيّة، فهناك قوَّة الكلمة وتأثيرها، وقوَّة العقل وطرائق التفكير، فما هي قوّة الكلمة؟ وما هي قوَّة التفكير؟ وما العوامل المساعدة في ذلك؟
قوّة التفكير
يُعَدُّ التفكير الإيجابيّ من أهمّ القوى التي يتمتّع بها الإنسان، والتفكير بشكلٍ عام هو خواطر وعملياتٌ تجول في الذهن تتقدّم القول والفعل، تعبّر عمَّا يحيط بنا إحساساً، أو تذكراً، أو رؤيةً، وصولاً إلى تقييم ذلك كلِّه، ووضع حلولٍ مناسبةٍ للمشاكل التي تواجهنا، وحتّى يكون التفكير فعّالاً وإيجابيّاً فلا بدَّ من اتباع منهجيّةٍ سليمةٍ فيه، تتضمن الأساليب المناسبة، ولا بدَّ كذلك من وفرة المعلومات وصحتها ودقتها في ذات الوقت.
الفرق بين التفكُّر والتفكير
هناك فرقٌ بينهما كما ذكر الدكتور سلمان بن فهد العودة، الذي برّر الخلط في المعنى بين الكلمتين عند البعض؛ لتقارب الاشتقاق بين الكلمتين فهما تتكوّنان من ذات الحروف، وقد ذكر الدكتور بأنَّ التفكُّر عمليّةٌ وجدانيّةٌ قلبيّةٌ، في حين أنَّ التفكير عمليّةٌ عقليّة، والتفكُّر انطلاقٌ من معنى قائمٌ وموجودٌ، في حين أنّ التفكير هو بحثٌ عن معنى غير موجودٍ، والتفكُّر يحمل في مدلوله وبنيته اللفظيّة معنى التدرُّج، بينما التفكير عمليةٌ متكاملةٌ، واالصيغة على وزن (التفعّل) في كلمة (التفكُّر) تفيد بذل جهدٍ في التفكير وأنَّ انطلاقه ذاتيٌّ، وتشترك فيه معظم حواس الإنسان الإدراكيّة: كالسمع، والبصر، والوجدان.
مجالات تأثير قوّة التفكير
إنّ لقوّة التفكير تأثيرٌ مباشرٌ على الذهن، والجسد، والمشاعر، والأحاسيس، والسلوك وما ينتج عنه من نتائج، وينجح في رسم صورةٍ ذاتيّةٍ عن نفس صاحبه، وعلى ثقته بنفسه سلباً او إيجاباً، وكذلك يختصر المسافات والأزمان، ويؤثر سلباً أو إيجاباً في النتائج حسب طريقة التفكير ومنهاج صاحبه، ويؤثر كذلك على حالة الإنسان الصحيّة والنفسيّة وغير ذلك من النتائج التي تتبع نهج الإنسان وطرق تفكيره.
طرق الوصول إلى قوّة التفكير
- ثقة الإنسان بنفسه واعتداده بقدراته.
- استغلال الإنسان لعظيم ما ميّزه الله به، وهو العقل والتفكير.
- استضاءة الإنسان في تفكيره بنور العقيدة والإيمان.
- استماع الإنسان بكلّ شفافية لكلّ الأصوات الإيجابيّة لديه من قبيل أنا أستطيع أن أعمل كذا، وأحقق كذا، وترك كلّ الإيحاءات السلبيّة.
قوّة الكلمة
تعدُّ الكلمة أعظم ما في الوجود، بعد الله سبحانه وتعالى، ويظهر ذلك جلياً عندما نعلم أنَّ الله خلق هذا الكون بكلمة (كن)، وتستمدّ الكلمة قوَّتها من المصدر الذي تنتسب إليه، فكلام الله ليس ككلّ كلامٍ، وكلمات الحقّ المستمدة جذورها منه ليس ككلام الباطل، ومن هنا جاء قوله تعالى مقارناً بين كلمةٍ طيبةٍ تمثل الحقّ ونهجه، وأخرى خبيثة، تمثل الباطل وسبله، فقد قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ* وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ)[إبراهيم:24ـ26]. وهكذا يظهر لنا ما تتقوّى به الكلمات وما تضعف به.
عوامل قوّة الكلمة
- قوّة استنادها على الحقّ.
- اتباع الدليل والبرهان والمنطق.
- حسن صياغتها، وخلوّها من التناقض.
- استنادها على الصدق دائماً.
- تمتُّع صاحبها بالقوَّة والشجاعة والثقة بالنفس.
- اتباع صاحبها الحكمة وأدب الخطاب، فكلمات الأب لأبنائه أو الأم لأبنائها يجب أن تقوم على الحكمة والتعزيز، والبعد عن الشتم والتجريح، فإكثار الأب أو الأم بوصف أبنائهما بعبارات التخذيل، والفشل، والتقريع، يحطّم نفسيتهم ويدفعهم إلى السلبيَّة والانزواء، ويقتل كلّ إبداعٍ لديهم، والعكس من ذلك تماماً، فعبارات التعزيز والمدح والثناء فيها بناءٌ لشخصيّة الأبناء وتشجيعٌ لهم على الإبداع وتطوير الذات.
عوامل ضعف الكلمة
- اتّباع الهوى والظنًّ وقد وصف سبحانه اتباع الظنّ بأنَّه لا يفيد بشيء، حيث قال تعالى: (وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) [النجم : 28].
- انتهاج نهج الكذب فيها.
- عدم اتباع صاحب الكلام اللين الحكمة، وقد عبَّر سبحانه وتعالى عن ذلك في قوله: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ…) [آل عمران:159].
- افتقارها إلى الدليل عندما يستلزم وجوده.