مقالة عن خيانة الأصدقاء
خيانة الأصدقاء
تعتبر علاقة الصداقة من أكثر العلاقات تأثيراً في الإنسان؛ فهي تسهم بشكل كبير في تشكيل شخصيّته، وتحديد سلوكاته، وإثراء خبراته الحياتيّة، وإضفاء معنى على حياته.
من شروط الصداقة الحقيقيّة أن يُلِمَّ الإنسان بأحوال أصدقائه، ومسالكهم، فعدم قيامه بذلك قد يجعله فريسة سهلة لهم إن كانوا من أصدقاء السوء، وقد يُعرِّضه للانزلاق إلى الأسفل، بعد أن كان في القمّة؛ فالمرء على دين خليله. من ناحية أخرى، فقد يتعرَّض الإنسان إذا ما رافق الشخص الخطأ إلى أشد أنواع الخيانة، وهي خيانة الأصدقاء، والتي نستعرض بعض أبرز جوانبها فيما يلي.
أسباب خيانة الصديق لصديقه
هناك العديد من الأسباب التي قد تُزيِّن الخيانة في عيون بعض الناس، من بينها امتلاك نفس ضعيفة، تُطوِّع صاحبها كيفما شاءت، ومن أبرز ملامح هذه النفس أنها نفس طمّاعة، لا تقنع بما لديها، وتسعى دائماً للحصول على ما يخصُّ الآخرين.
من هنا فإن أغلب حالات الخيانة ناتجة عن وجود أطماع، أو شهوات، أو رغبات لدى الخائن، ممّا يجعله يلهث وراء تلبيتها، وإشباعها، حتى لو كان الثمن هو خيانة الصديق، أو ربما من هم أقرب منه في بعض الأحيان.
إلى جانب ذلك، فإنّ الحسد قد يلعب دوراً كبيراً في خيانة الصديق لصديقه، وهذا مرض نفسيّ آخر، يدفع بالإنسان إلى التخلُّق بأكثر الأخلاق رداءة، وسوءاً، والحسد مرض إبليسي خبيث، وهو أساس معاداة إبليس للإنسان، ومن هنا فإنه يمكن القول أنّ الحسود يتوفر على ملمحٍ إبليسي خفي، وأنّه إن لم يتخلَّص منه بمجاهدة النفس، وتنقية القلب، والتزام النهج القويم في هذه الحياة، فإنّه سيكون من الخاسرين.
أثر خيانة الصديق على الإنسان
الخيانة بشكل عام تعتبر من أكثر ما قد يتسبب للإنسان بآثار نفسيّة عميقة، لا يمكن أن تشفى بسهولة، أمّا خيانة الأصدقاء فلها خصوصيتها؛ ذلك أنّ الصديق يُفترَض أن يكون من الأشخاص المُقرَّبين، الذين جمعتنا بهم علاقة روحيّة جميلة، فإذا حدث وجاءت الخيانة منهم، فهذا سيكون له أعظم الأثر على نفس الإنسان، إلى درجة أنّ الشخص الذي تعرَّض لخيانة الصديق، قد ينقلب شخصاً آخر، حيث يُغيِّر من نظرته إلى من حوله، ومن طريقة تعامله مع الآخرين.
إذا ما تعرَّض أحدٌ ما للخيانة من أعزِّ الناس على قلبه، وأقربهم إليهم، فإنّه يُنصح بالنسيان، والثبات، والمسامحة، إذ يمكن النظر إلى الخيانة بعين الإيجابيّة، من خلال اعتبارها فرصة جاءت للإنسان على طبق من ذهب، ليرتقي بمكانته عند الله تعالى، ويُثبت أنه أفضل ممّن خانه، وأن قلبه لا يزال نقيّاً، وأنّ نفسه لا زالت جميلة لم تتلوث، ولم تفسد بعد. قال تعالى: (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النور:22].