كيف نفهم الأشياء من حولنا
الإنسان وتفاعلاته اليومية
لم يُخلق الإنسان وحده على هذه الأرض؛ فهناك الملايين من الأشياء حوله، خُلقت معه، وتناسلت، وتطورت، واندمجت، وعاودت التفكك، وتلاشت، وربما أُعيد إحياؤها مرّةً أخرى، وكلّ هذه الأمور تُشكّل في مجموعها محيط الإنسان الواسع الذي لن يستطيع أن يحيا حياةً هانئة طيبة دون أن يفككه، ويحاول تسخيره لأهدافه، وراحته؛ فالفهم هو أول تحقيق مفهوم خلافة الله في الأرض.
يولد بعض الناس، ويحيون، ويموتون دون أن يتفاعلوا مع المحيط بالشكل الأمثل والمطلوب، فتفاعل الإنسان مع ما حوله، ومن حوله هو ما يحقق إنسانية الإنسان، ولولا هذا التفاعل لما كان الإنسان إنساناً.
فهم الأشياء من حولنا
- يجب أولاً امتلاك الرغبة الأكيدة والجامحة لذلك؛ حيث يميل الإنسان غالباً خاصّةً في المجتمعات التي يسود فيها الجهل، والتخلف، والتبعية إلى المسارعة في إصدار الأحكام؛ إذ يفتقر هذا الصنف من الناس إلى رغبة مُلحّة في فهم الأشياء من حوله، فهو قادر فقط على تصنيفها واختيار ما يوافق هواه منها، وهذا ضرب من ضروب التخبط، والأنا، والتمركز حول الذات لا طائل منه ولا جدوى.
- التعلم ولا شيء غير التعلم يساعد على فهم الأشياء المحيطة بنا؛ فالتعلّم يكسب الإنسان أدوات الفهم، ويعطيه فكرةً واسعة عن الأنماط التي تتبعها الأشياء من حوله سواءً في تفاعلها معه أو مع الأشياء الأخرى، أو في تطورها، ومن هنا فكلما زاد الإنسان من حصيلته العلمية المعرفية امتلك عُمقاً أكبر في تعامله وتفاعله مع ما يحيط به.
- السير في الأرض يساعد بشكل كبير على تفاعل الإنسان مع أكبر قدر من البيئات، على عكس الجلوس في المكان ذاته دون الخروج والسعي، ومن هنا فقد حثّنا رب العالمين في كتابه الحكيم على انتهاج هذا النهج في غير موضع منه، وكنتيجة لذلك اشتهر الرحالة العرب بشكل كبير عبر التاريخ الإسلامي من خلال رحلاتهم العديدة، وحِكمهم التي لا تنضب.
- التحلي بالصبر، والشجاعة، ومختلف الصفات الداخلية اللازمة للفهم؛ فبعض الأشياء قد تبدو معقّدةً وبحاجة إلى مجهودات عظيمة حتى يتم تفكيكها وفهمها، والبعض الآخر يتطلب جرأةً كبيرةً عند الاقتراب منها، والبعض قد يتطلّب ذكاءً منقطع النظير، أو ربما قلباً رحيماً رؤوفاً يسع كل شيء بما يشع منه من رحمة وعطف. كما يجدر بمن يريد الفهم أن يتواضع، وأن يُخفّف من نزعاته الداخلية، فلا فهم مع الكبر، والتعجرف.
- الاستعانة بالآخرين في محاولة لإكمال المسيرة التي ابتدؤوها من قبل؛ فإذا أراد كل إنسان أن يبدأ من عنده هو لما وصلت الإنسانية إلى ما وصلت إليه اليوم من تقدّم على كافة المستويات والصعد.