كلما شاءت الرسوم المحيله – الشاعر البحتري
كُلّما شاءَتِ الرُّسُومُ المُحيلَهْ،
هَيّجَتْ مِن مَشوقِ صَدْرٍ غَليلَهْ
وَد َخيلاٍ مِنَ الصّبَابَةِ مَا يَتْـ
ـرُكُ مَاءَ الدَّمُوعِ، حتّى يُسيلَهْ
قد سألنا سُعدى، على أنّ سُعدَى
بالذي يَسألُ المُحِبُّ بَخِيلَهْ
حلأَتْنا عَنْ زَوْرَةٍ في مَنَامٍ
مُبْتَغَاهَا ،وحَاجَةٍ مَمْطَولَهْ
شَدّ مَا تُخلِفُ الظّنُونُ وَما يَكْـ
ـذِبُ وِدُّ الخَليلِ مِنّا خَليلَهْ
إنْ تُجَرِّبْ بني الزّمانِ تَجِدْهُمْ
إخْوَةً فيهِ كالشِّفَارِ الكَليلَهْ
وَالفَتى كَادِحٌ لفَعْلَةِ دَهْرٍ،
يَرْتَضِيها، أوْ عيشَةٍ مَمْلُولَهْ
خَائِفٌ، آمِلٌ لصَرْفِ اللّيَالي،
وَاللّيَالي مَخُوفَةٌ مَأمُولَهْ
رَاحَ أهْلُ الآدابِ فيها قَليلاً،
وَحُظُوظُ الأقْسَامِ فيها قَليلَهْ
فَعَلَيْكَ الرّضَا بِمَا رَضِيَتْهُ
لكَ هَذي المطَالِبُ المرْذُولََهْ
لَنْ تُلاَقي المَزْوِيَّ عَنْكَ بتَدْبيـ
ـرٍ، وَلَنْ تَصْعَدَ السّمَاءَ بحيلَهْ
وَإذا ما اعتَبرْتَ ظاهرَ أَمْري،
كانَ خَطباً مِنَ الخُطوبِ الجَليلَهْ
أطْلُبُ المَالَ في البِلادِ، وَمالي
في حُرُورِيّةِ ابنِ طُولونَ دَوْلَهْ
ناقِهُ للسَّمَاعِ ،والغَبْنُ مِنْهُ
حَشَفُ رَادِفٌ لَهُ سُوءُ كِيلَهْ
خُلُقٌ، أبْقَتِ المَذَمّاتُ مِنْهُ
خُبْثَ بَاقي الفَرِيسَةِ المَأكُولَهْ
كاثَرَتْ أُمُّهُ النّجُومَ، ولَمْ تَرْ
ضَ بضعفٍ منها عِداداً بُعُولَهْ
أتَأنّاهُ كَيْ يُنيبَ وَيَأبَى الـ
ـفَسْلُ إلاّ خَسَاسَةً وَضُؤولَهْ
كَمْ تكَرّهتُ غِبَّ أمرٍ، فكانَتْ
عَادُة الدَّهْرِ فيهِ عِندِي جَميلَهْ
لَيسَ إلاّ فَضْلُ العَزِيمَةِ تُمْضِيـ
ـهَا، وَإلاّ المَطيّةُ المَرْحُولَهْ
مَا أرَى الرّكبَ دونَ أَبرٍوَجُرْدٍ،
نَازِلي حِلّةِ العَطَايَا الجَزِيلَهْ
بَاعَدَتْنَا مَنِ الغِنى، بَعدَ قرْبٍ،
مِنّةٌ مِنْ أبي عَليٍّ عَليلَهْ
لمْ يكنْ دونَ ناجزِ النُّجحِ، إلاّ
جَاهُهُ يَلتَقي، وَجُودُُ حُمُولَهْ
لَوْ تَرَى المَرْءَ منهُما لا تَرَاهُ
فَائِتاً أهْلَ دَهْرِهِ بفَضِيلَهْ
مِنْ لسَانٍ إلى البَيَانِ طَويلٍ،
وَيَمينٍ إلى العُفَاةِِ طَوِيلَهْ
نِعْمَ عَوْنيْ أُكْرُومَتَينِ، فَهَذا
عُمدَةٌ للنّدَى، وَذاكَ وَسيلَهْ
لَنْ يَبِيتَا إلاّ رَغيمَيْ ضَمَانٍ
للََذي، يَضْمنُ السّماءَ المَخيلَهْ
إِنَّ حَقِّي رَغْبُ النَّوالِ ، وحَقُّ النَّاسِ
أَنْ أَسْلُكَ القَرِيضَ سَبِيلَهْ
لَيتَ شِعرِي أفََاتَ نَصراً حِمامٌ،
أمْ تَأتّت لَهُ المتَالِف غِيلَهْ
يَنْقَضِي ذِكْرُهُ فَلا خيْرَ عَنْـ
ـهُ، وَلا أوْبَةٌ تُدَنّي قُفُولَهْ
وَعَلَيكُمْ كَفَالَةٌ أنْ تُثيبُوا
مُرْسِلَ المَدحِ، أوْ ترُدّوا رَسُولَهْ