مفهوم الإدارة وتطورها
حقل الإدارة
ظهرت حاجة مُلحّة وضروريّة لوجود حقل إداري في ظل التحديات والصعوبات التي رافقت الثورة المعلوماتيّة، والتكنولوجيّة، والتقنيّة في القرن الحادي والعشرين، والتي أحدثت تغيّرات جذريّة في مختلف المجالات الحياتيّة على صعيد الأفراد والجماعات والأمم.
يضم هذا الحقل قوانين وأنظمة وأحكاماً تصنع قادة إداريّين وخبراء استراتيجيّين في جميع مجالات الحياة، يمتلكون القدرة على دراسة المواقف بأسلوب علمي موضوعي، ووضع الحلول المبتكرة للمشكلات المعقدة التي يواجهونها، وتبنّي مواقف تلتزم بأسـس اتخاذ القرارات كما تقرّها نظريّات الإدارة وممارساتها، وتضمن تنفيذ تلك القرارات، وتضع نظاماً فعّالاً لتقييمها، علماً أنّ هذه المفاهيم يمكن تطبيقها على مستوى المجتمعات والمنظمات.
مفهوم الإدارة
يُعبّر مفهوم الإدارة عن تلك العمليّة الشاملة لجميع المستويات في التنظيم، والتخطيط، والتوجيه، والرقابة، والتي ترتبط بعلاقات متشابكة متداخلة مع كل الظروف والقوى، بما في ذلك العوامل الخارجيّة المحيطة كالظروف السياسيّة، والاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والحضاريّة، والثقافيّة. وهي عبارة عن اختيار منهجي للغايات والوسائل من خلال التقييم الرشيد للأحوال والظروف البيئيّة التي تحيط بأيّة منظمة.
كما أنها تعبر عن العملية التي تهدف بشكل مباشر إلى تسخير الموارد المتاحة، وتوظيفها لتحقيق الأهداف المختلف، أما فيما يتعلق بمعنى الإدارة كحقل من حقول الدراسة، فهي فرع من فروع العلوم الاجتماعيّة، الذي يقوم بوصف وتفسير الظواهر الإداريّة والسلوك الإنساني الذي يجري في المنظمات المختلفة لتحقيق أهداف معيّنة.
يضم هذا الحقل العديد من التخصّصات المختلفة، ومنها الإدارة الاستراتيجيّة، والإدارة التربويّة، وإدارة البنوك والمصارف، وهو حقل دراسي نما وتطوّر بشكل هائل في العقود الأخيرة، وفيما يلي سنتحدث عن تاريخ تطوّره.
مراحل تطور الإدارة
عند الحديث عن نشأة وتطور علم الإدارة منذ القدم حتى وقتنا الحاضر، لا بدّ من تقسيم ذلك إلى ثلاث مراحل رئيسيّة عبر التاريخ، والتي تتمثّل بصورة مباشرة فيما يأتي:
مرحلة ما قبل الميلاد
كان لدى الحضارات آنذاك نوع من الرقابة الإداريّة والإشراف على العمل، بما في ذلك الحضارة السومريّة التي قامت فوق منطقة الهلال الخصيب، وكذلك الحضارة المصريّة التي تركت خلفها واحدة من عجائب الدنيا السبع، والتي بدورها قامت على أسلوب إداري وتخطيطي وهندسي رائع، والذي يتجسد في فنّ الأهرامات، كما وتركت هذه الحضارة خلفها أسطول نهري.
كما أن الحضارة البابليّة اعتمدت أسلوب الرقابة على الإنتاج، وصناعة الغزل وغيره، وكذلك الحضارة الصينيّة والهنديّة التي اهتمّت في الأنهار وفي التنظيم العسكري.
مرحلة ما بعد الميلاد
أما عن هذه المرحلة، فتتمثّل فيما تركته الحضارة الإغريقيّة أو الرومانيّة، من العمل المؤسساتي، وكذلك الحضارة الإسلامية التي اعتمدت ما يسمى بالتسلسل الإداري.
مرحلة الوقت الحاضر أو التاريخ المعاصر
هذا وقد عرف العالم في القرن العشرين المنصرم قيام دول تطبق مفاهيم الإدارة على نطاق واسع، بما في ذلك كل من التخطيط والتنمية والحوكمة، والإدارة الاستراتيجية وغيرها، وقد بدأت ذلك الدول الاشتراكيّة؛ وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي السابق، وشمل ذلك الاقتصاد بجميع قطاعاته كقطاع الصناعة، والزراعة، والخدمات، وكذلك التعليم والتدريب، وقد قامت العديد من الدول العربيّة باتباع هذا النهج التنظيمي، ومن هذه الدول مصر زمن جمال عبد الناصر، والجزائر، وسوريا، والعراق.