يا ابنة العامري عما قليل – الشاعر البحتري
يا ابنَةَ العامرِيّ عَمّا قَليلِ
يأذَنُ الحَيُّ، فاعلَمي، بالرّحيلِ
قد سَمعتُ الغُرَابَ يَُوعَد بَيناً،
وَانْصِرَاماً لحَبلِكِ المَوْصُولِ
كَيفَ لي بالسّلُوّ لا كيفَ، وَالبَيْـ
ـنُ غَداً نازِلٌ بخَطْبٍ جَليلِ
إنّ يَوْمَ النّوَى لَيَوْمٌ طَوِيلٌ،
لَيسَ يَفنى، وَيوْمُ حزْنٍ طوِيلِ
يا هِلالاً أوْفَى بأعْلى قَضِيبٍ،
وَقَضِيباً عَلى كَثيبٍ مَهيلِ
ما شِفَاءُ المُتَيَّمِ الصّبّ، إلاّ
شَرْبَةٌ مِن رُضَابكَ السّلسَبيلِ
لا تَقِفْ بي على الدّيارِ، فإنّي
لَسْتُ مِنْ أرْبُعٍ وَرَسْمٍ مُحيلِ
في بُكَاءٍ عَلى الأحِبّةِ شُغْلٌ
لأخي الحبّ، عَن بكاءِ الطّلولِ
وَتَداني الدّارَينِ أحْسَنُ لوْ كا
نَ إلى رَدّ ظاعِنٍ مِنْ سَبيلِ
قَد لَعَمرِي أضْحى الزّمانُ حميداً
بابنِ طَوْقٍ، مُحَمّدِ المَأمولِ
بكَرِيمٍ يَستَغرِقُ الحَمدَ وَالمَجْـ
ـدَ بمَعرُوفِهِ العَرِيضِ، الطّوِيلِ
للنّدى عاشقٍ، وَبالمَجْدِ صَبٍّ
مُستَهَامٍ، وَللسّماحِ خَليلِ
وبَخِيلٍ بالعِرْض تصْدُرُ مِنْهُ
جُمَلُ النَّيْلِ عَنْ جَوَادٍ بَخِيلِ
وَأرِيبٍ، إذا الأرِيبُ تَصَدَّا
مِنْهُ فَهْمٌ، غَدا بفَهْمٍ صَقيلِ
مَلِكٌ شاكلتْ شَمائلُه الرّوْضَ الـ
ـمُخَلّى جارَ السّحابِ المَخيلِ
وَهلِ المَجدُ، إنْ تفَكّرْتَ فيهِ،
غَيرُ رَبْعٍ مِنْ فَعْلِهِ مأهولِ
إبْقَ وَقْفاً عَلى العُلا يا أبَا أيّو
بَ في ظِلّهَا عَلَيْكَ الظّليلِ
وَصَلَ الجُودُ رَاحَتَيْكَ بإفْرَا
طِ نَدًى خارِجٍ عنِ المَعقُولِ
وَكَأنّ الخُطُوبَ تَنشَقُّ من رَأ
يكَ عن صَدرِ أبْيَضٍ مَصْقولِ
أجزَلَتْ كَفُّكَ العَطَاياَ لعافِيـ
ـكَ، فَكَافَالاَ بالثّنَاءِ الجَزِيلِ
جُدْ بِما شئتَ، أنتَ أوْفَرُ حَظّاً
مِنْ مُرَجّي نَوَالِكَ المَبذولِ
فكَثيرُ العَطَاء غَيرُ كَثِيرٍ؛
وَقَليلُ الثّنَاءِ غَيرُ قَليلِ