ابن خلدون والعرب

ابن خلدون

ابن خلدون هو عبد الرحمن بن محمد أبو زيد ولي الدين الحضرمي الإشبيلي، وهو مؤرّخ تونسي المولد، أندلسي حضرمي الأصل، وقد اشتهر بكثرة ترحاله؛ حيث إنه عاش بعد تخرجه من جامعة الزيتونة في مختلف مدن شمال أفريقيا مثل بسكرة، وبجاية، وغرناطة، وتلمسان؛ كما أنه انتقل إلى مصر وتولى فيها قضاء المالكية، وقد بقي فيها إلى حين وفاته في عام 1406م تاركاً وراءه تراثاً وثقافةً ما زال تأثيرها قائماً إلى يومنا هذا، حيث يعدّ ابن خلدون هو المؤسّس لعلم الاجتماع الحديث، كما أنّه من أشهر علماء الاقتصاد والتاريخ.

العرب عند ابن خلدون

شن ابن خلدون هجوماً لاذعاً على العرب في مقدمته الشهيرة وعلى أحوالهم بشكل عام، حيث إنّه وصفهم بأسوأ الصفات والنعوت، ومما قاله عنهم:

العرب مصدر لخراب الأوطان

ورد هذا المعنى في الفصل السادس والعشرين تحت باب “أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب”، وقد استدلّ البعض على صحّة قول ابن خلدون في أنّ جميع الآثار القديمة والأحافير تدلّ على أنّ الصناع لم يكونوا من العرب، وممّا يشهد على ذلك الآثار الرومانية واليونانية التي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا، والتي تتميّز بدقّة صنعها ومتانة تركيبها، حيث إنّه لا يوجد من العمران ما يردّ أصله إلى العرب سوى مدينة البتراء، وقد اختلف البعض في أصل الأنباط الذين بنوها، وقد أرجع ابن خلدون السبب في ذلك إلى طبيعة العرب الوحشية؛ حيث استحكمت أسباب التوحّش فيهم فصارت جبلة لهم، كما أنّهم اتصفوا بعدم انسياقهم للسلطة السياسية، ممّا جعل هذه الطبيعة منافية للعمران ومناقضة له؛ لأنّ غاية الأحوال العادية عندهم الترحال، فمثلاً الحجارة عندهم لنصب الأثافي للقدر، وبالتالي هم ينقلون من المباني ويخربونها ويستخدمونها لذلك، كما أنّه رأى أنّ طبيعتهم تقتضي نهب ما في أيدي الناس من رزق وأموال، فكلّما امتدت أعينهم إلى مال أو متاع انتهبوه، فإذا استطاعوا فعل ذلك بالقوّة والغلبة بطلت عندهم السياسة التي تقتضي حفظ أموال الناس.

حب العرب الشديد للسلطة

جاء هذا المعنى في عبارة: “فهم متنافسون في الرئاسة وقل أن يسلم احد منهم الأمر لغيره ولو كان أباه أوأخاه أو كبير عشيرته إلا في الأقل وعلى كره.” حيث رأى ابن خلدون أنّ العربي يسعى إلى الزعامة ويتوق إليها، ويعتبرها تشريفاً له لا تكليفاً، وقد يشكل الزعيم في الدول العربية عبئاً ثقيلاً على الدولة بمتطلباته واحتياجاته، كما أنّ جميع من في الدولة يخضعون له دون محاكمة أو مسائلة لطريقته في الحكم.

الطابع الديني للدولة عند العرب

يقول ابن خلدون في الفصل السابع والعشرين: “إن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية”، حيث يرى ابن خلدون أن طبيعة العرب المتوحشة جعلتهم لا يخضعون لأحد إلا بتهديد القوى الغيبية العظمى، حيث لا يوجد في داخلهم انقياد منطقي أو وازع داخلي، ويتضح لك بالنظر إلى رجل الدين الذي يعتبر أوفر حظاً بالتابعين له؛ حيث إنّ هؤلاء الأتباع مستعدون للموت في سبيله، كما يتضح ذلك عندما يربط الزعيم طاعته بطاعة الله عزّ وجل.