ما هي ميكانيكا الكم

نظرية ميكانيكا الكم

نظرية الكم (أو فيزياء الكم) أو ما يُشار إليه عادةً بميكانيكا الكم هي جزء من الفيزياء، وتحديداً الفيزياء الحديثة، وهي النظرية التي تهتم بدراسة سلوك المادة والضوء في المستوى الذري والدون ذري (أي بأبعاد تُقاس بالنانومتر على الأكثر، حيث إن النانومتر الواحد يساوي 1×10-9 متر). تحاول ميكانيكا الكم تفسير سلوك الذرة ومكوّناتها الأساسية (مثل البروتونات، والنيوترونات، والإلكترونات) ومكونات مكوناتها الأساسية (مثل الكواركات (بالإنجليزية: Quarks)) مجتمعة أو كلٌ على حدة.[١][٢]

الفيزياء الكلاسيكية تهتم بدراسة العديد من الأمور منها الميكانيكا، وفي الميكانيكا تهتم الفيزياء في تحديد موقع الجسم بدقة، بالإضافة إلى تحديد زخمه، والزخم هو تعبير عن مقدار الحركة، وهو خاصيّة خاصة بالأجسام فقط (أي إنه لا يمكن للموجات أن تمتلك زخماً) وهذا الأمر ممكنٌ في الفيزياء الكلاسيكية، وهو يزودنا بمعلومات عن الأنظمة الفيزيائية في الحاضر والمستقبل وحتى في الماضي (مثل معرفتنا لموعد اقتراب مذنب هالي من كوكب الأرض). هذا الأمر غير ممكن في ميكانيكا الكم لأنه ليس من الممكن تحديد موقع الجسيمات الذرية ودون الذرية بدقة عالية مع زخمها بالوقت نفسه؛ الأمر الذي سوف يمنع التنبؤ بسلوك الجسم. عدم القدرة على تحديد خصائص النظام الكمي بدقة هو ليس إلا بسبب طبيعة السلوك الغريب الموجود في العالم الكمي.[٣]

مولد ميكانيكا الكم

الفيزياء علم قائم على التجربة بشكلٍ اساسي، وحتى يتم الاعتراف وقبول النظريات الفيزيائية فلا بد لها من أن تتوافق مع التجارب. وبما أن الفيزياء علمٌ تجربي فقد أظهرت بعض التجارب بعد نصف القرن التاسع عشر نتائج غريبة، هذه التجارب كانت متعلقة بدراسة سلوك الذرات والجزيئات وكانت النتائج غير موافقة للتفسير الكلاسيكي لهذه الظواهر، ومن هنا ظهرت الحاجة لإعادة التفكير في بعض مبادئ الفيزياء الأساسية وبرزت الحاجة لتفسير الظواهر الطبيعية بطريقة جديدة ومختلفة عن السابق، عُرفت فيما بعد بميكانيكا الكم.[٤]

الحاجة إلى نظرية الكم برزت من عجز الفيزياء الكلاسيكية عن تفسير بعض الظواهر، وكان من أبرز هذه الظواهر إشعاع الجسم الأسود، والظاهرة الكهروضوئية، وتأثير كومبتون، بالإضافة إلى خطوط الانبعاث لذرة الهيدروجين. الحاجة لتفسير هذه الظواهر وغيرها ولدت ميكانيكا الكم، وميكانيكا الكم بدورها ولّدت تفسيراً للعديد من الظواهر الأخرى الأكثر تعقيداً والتي لربما لم نكن لنتمكن من ملاحظتها لولا ظهور ميكانيكا الكم في الأساس.[٥][٦]

بعض الأفكار الأساسية في ميكانيكا الكم

يوجد العديد من الأفكار المهمة والأساسية جداً في ميكانيكا الكم، والتي يقوم عليها هذا العلم، وفي هذا المقال سوف نذكر بعض هذه الأفكار:[٧]

  • الطاقة تأتي على شكل حزم منفصلة تُعرف بالكمّات ولا يمكن أن تأتي على شكل حزمة متّصلة. هذا الأمر هو الذي توصل إليه العالم ماكس بلانك عندما قام بحل مشكلة الكارثة فوق البنفسجية المتعلقة بتفسير منحنى الطيف الكهرومغناطيسي المنبعث من الجسم الأسود، حيث كان حل هذه المشكلة في فكرة ماكس بلانك في تكميم الطاقة.[٨]
  • في المستوى الذري ودون الذري لا يمكن تطبيق الفيزياء الكلاسيكية على الظواهر الطبيعية (مثل قوانين نيوتن) فهي ستفشل في تفسير الظاهرة.
  • (مبدأ عدم التحديد): (بالإنجليزية: The Uncertainty Principle) وهو المبدأ الذي يخبرنا بعدم مقدرتنا على تحديد موقع الجسيم وزخمه بدقة عالية بشكلٍ متزامن (أيضاً يمكن تطبيقه على الطاقة وعلى الزمن، إذ إنه لا يمكن تحديد طاقة النظام بدقة وكم من الوقت سوف يبقى محتفظاً بهذه الطاقة).
  • لا يمكن معاملة النظام الفيزيائي (الضوء، أو الجسيمات المقاسة أبعدها بالنانومتر) كجسيمات أو موجات إلا بعد إجراء تجربة، وهذا هو ما يُعرف بالخاصية الجسيمية-الموجية للأنظمة الدون ذرية.[٨]

إنه لمن المهم التعليق على النقطتين 3 و4 وربطهما ببعضهما البعض، حيث إنه وكما ذكرنا في النقطة الرابعة فإن الأنظمة دون الذرية لا تكون موجة ولا جسيم قبل إجراء التجربة، وإنما الذي يحدد طبيعة سلوكهما سواء كان موجياً أو جسيمياً هو طبيعة التجربة التي يقوم بها الراصد؛ إذ إن الراصد لو أجرى تجربة على الإلكترونات تُظهر الإلكترونات كموجات (مثل تجربة شقي يونغ) فإن الإلكترونات سوف تسلك سلوكاً موجياً بينما لو قمنا بإجراء التجربة ذاتها وتلاعبنا قليلاً بأدوات الرصد فإن الإلكترونات سوف تسلك سلوكاً جسيمياً، إذاً التجربة هي من يحدد سلوك النظام الفيزيائي. الأمر المهم الآخر هو أن هذا التغير في سلوك النظام الفيزيائي المدروس بين موجةٍ وجسيم ناتج من الطبيعة نفسها، وليس الأمر أن الأجهزة التي لدينا ليست دقيقة كفاية، كُل ما في الأمر أن الطبيعة جاءت بهذا الشكل.[٨]

أخيراً عند الحديث عن طبيعة سلوك النظام الفيزيائي وبمبدأ عدم التحديد لهايزنبيرغ فإنه -وعلى سبيل المثال- لو قمنا بدراسة ذرة الهيدروجين فإن الإلكترون الذي يدور حول النواة يمكن أن يُرصد كأنه جسيم أو كأنه موجة، وهذا تبعاً للتجربة، لكن من الجدير بالذكر أنه لو تم رصد الإلكترون حول النواة كموجة فإنه يمكن تحديد زخمه (سرعته) بسهولة ودقة عالية لكن وبالمقابل، لن يكون بالإمكان تحديد موقعه بدقة. أيضاً لو حدد موقع الجسيم فإنه في هذه الحالة سوف يكون قد سلك سلوكاً جسيمياً، إلا أنه في هذه المرة لن يمكننا تحديد زخمه بدقة. هذا الأمر وهذه النتائج لم تُعجب آينشتاين، وكان له رأيه الرافض لبعض الأفكار في ميكانيكا الكم، وهذه واحدة منها، ولربما يمكن أن يُعذر لأن هذه الظواهر غريبة وشاذة جداً عما عهدناه في حياتنا اليومية، لكننا لا يمكننا أن نرفض ميكانيكا الكم لأنها تعمل بكفاءة عالية![٨]

المراجع

  1. Gordon Leslie Squires (20-3-2018), “Quantum mechanics”، www.britannica.com, Retrieved 13-4-2018. Edited.
  2. “nanoscale”, www.en.oxforddictionaries.com Edited.
  3. Arthur Beiser (2003), Concepts of Modern Physics, New York: McGraw-Hill, Page 75,76,161,162, Part 6th edition. Edited.
  4. “The History and Limitations of Classical Mechanics”, www..mit.edu, Retrieved 13-4-2018. Edited.
  5. “The Photoelectric Effect and the Compton Effect”, www.actforlibraries.org, Retrieved 17-5-2018. Edited.
  6. “Understanding the Physics of Our Universe: What Is Quantum Mechanics?”, futurism.com, Retrieved 17-5-2018. Edited.
  7. “Summary of Important Ideas in Quantum Physics “, faculty.wcas.northwestern.edu, Retrieved 14-4-2018. Edited.
  8. ^ أ ب ت ث “Quantum Mechanics”, www.pbs.org, Retrieved 15-4-2018. Edited.