تعريف الحي العتيق

الحيّ العتيق علميّاً وموضوعيّاً

يعرف الحي العتيق بأنه مجموعة من البيوت المتقاربة التي يقطنها أناس من ثقافات متشابهة، أو ديانات متسامحة، أو تجمعهم علاقة الدم والانحدار من نفس الأصول، ويتواجد في هذا الحيّ مؤسسات خدماتية توفر الخدمات المختلفة مثل: المدارس، والأسواق التجاريّة، وبيوت العبادة، والمراكز الصحيّة، والحدائق المختلفة، ومجموع الحارات يشكل أحياءً، والأحياء في مجموعها تشكّل المدن والدول.

الحيّ العتيق اصطلاحاً

هو المكان القديم الذي مضى فترة طويلة على بنائه وإنشائه، مع المحافظة على هيئته البدائية الأولية، والمحافظة على لمسات بُناتِه، ومن جانب آخر هو المكان الذي عاش فيه الفرد فترة من حياته قبل أن ينتقل منه إلى حيّ جديد لأسباب مباشرة أو غير مباشرة.

الحيّ العتيق من وجهةٍ إنسانية

الحي العتيق هو مجموعة الذكريات التي تنساب إلى الذاكرة فترسم تلك البيوت البسيطة في بنائها العظيمة بما تحويه من دفء وحنان ومشاعر حب رائعة، والجدران الملونة بأزهى الألوان، والأزقة الضيقة التي ينتشر على جانبيها الباعة المتجولون بكرمهم الفائق، وتستقر في القلب أصوات الأطفال أثناء لعبهم الكرة في شوارعه بأمان، وتتناهى للأنف روائح أطباق الطعام الشهية التي يتداولها الجيران بين بعضهم، فيما ينتشر صوت ضحكات النسوة اللائي جمعهنّ فنجان القهوة وماذا سيحضرن لوجبة الغداء اليوم في الأرجاء، وجلسات صنع الكعك المشتركة استعداداً للأعياد، واجتماع رجال الحي في بيت أحدهم لمتابعة مباراة كرةٍ لفريقهم المفضّل، فيما تتداعى أضواء الإنارة المستخدمة لإضاءة مساحات الأعراس وسط مشاركة أهل الحي كبيراً وصغيراً، فتنعش الروح، فالحي العتيق هو مستودع الذكريات وجزء الجمال الباقي في القلب مهما تقدّم بنا العمر.

إيجابيات وسلبيات الحي العتيق

للحياة في الحي العتيق إيجابيات وسلبيات عدّة كغيره من سائر الأمور الأخرى، ومن إيجابيات الأحياء العتيقة ما ينشأ بها من علاقات إنسانية صادقة في معظمها، بسيطة في شكلها، بعيدة عن مظاهر الزيف والتفاخر والترف، بالإضافة إلى حفاظها على العادات والتقاليد الموروثة بشكل أكبر، كما أنّ ضيق المساحة الجغرافية تتيح للفرد وعائلته مساحة من الأمان لا تتيحها الأحياء الأخرى، إلّا أنّ من سلبيات ذلك قلة الخصوصية التي يتمتع بها الفرد في هذا الحي، وضيق الشوارع، وقدَم المباني فيه، وعدم توافر المؤسسات الخدماتية فيه على الأغلب.

أهميّة الحيّ العتيق

للحيّ دورٌ في بناء شخصية الأفراد، وشخصية الأطفال على حد الخصوص، وذلك بما يبثه في النفوس من ألفة ومحبّة وتآخٍ، وما ينشأ عن قرب الجوار من راحة واستقرار في النفس، بالإضافة إلى الطمأنينة الداخلية والأمان اللذين يتشكّلان لدى الإنسان الاجتماعي بالفطرة مقارنة مع عيش الإنسان بمفرده، فسلامٌ على الحيّ العتيق، الذي فاق جماله كل دقيق، والذي بناؤه كان من فكرٍ رشيق، والذي نَحِنّ إليه بكل قلب رقيق.