ما معنى تغذية راجعة

التّغذية الرّاجعة

أصبح مُصطلح التّغذية الرّاجعة (بالإنجليزيّة: Feedback) مُتداوَلاً في الكثير من المجالات المختلفة، مثل: علم النَّفس، والتربية، وعلوم الاتّصال، والعلوم الاجتماعيّة، وفي الكيمياء، والفيزياء، وغيرها من المجالات الأخرى؛[١] فهي من ضرورات عمليّات الرّقابة، والتحكُّم، والتّعديل المُرافِقة لمختلف المجالات كما في التّعليم، وغيره، وتكمن ضرورتها في تطوير السّلوك، والقيام بالوظائف المختلفة، ودفع الأفراد نحو التعلُّم، وتعديل أعمالهم بصورةٍ مُستمرّةٍ،[٢] وتساعد التّغذية الراجعة على التعلُّم أثناء فترة قصيرة إذا وُجِدت الطريقة المُثلى لدفع المُتعلّم إلى ذلك مع توفير المعلومات اللازمة له باستمرار، وقد تكون هذه التغذية أحياناً غير ملفوظةٍ، مثل: الابتسامة، أو الإيماءة بالرّأس للموافَقة، أو الاعتراض على عمل مُعيَّن.[٣]

تعريفات التّغذية الرّاجعة

للتّغذية الرّاجعة عِدّة معانٍ وتعاريف حسب موضع استخدامها، فهي تُعرَّف في العمليّة التّعليميّة على أنّها شكل من أشكال التّصحيح والإرشاد والتّوجيه الفوريّ، وهي تُعبِّر عن تدخُّلات المُعلّم التي تهدف إلى التّصحيح عند تلقِّي جوابٍ من المُتعلِّم؛ فهي عبارة عن إجراء تصحيحيّ قائم على مبدأ توضيح الرُّؤيا، سواءً كانت للمُتعلِّم، أو المُعلِّم، أو أيّ شخص يُمارس التّغذية الرّاجعة بشكل عامّ.[٤]

التّغذية الرّاجعة هي مجموع المعلومات التي من الممكن تقديمها إلى المُتلقِّي أو المُتدرِّب وإن اختلفت وسائل نقلها، وتهدف هذه المعلومات إلى تعديل الأداء في المهارة التي يؤدِّيها لِيصل إلى درجة الأداء الأمثَل للمهارة نفسها، وقد اتّسع مفهومها وظهرت لها عدّة تعاريف؛ فقد عرّفها نجاح مهدي شلش بأنّها عامل مهمّ في تعديل العمليّة التعليميّة؛ بهدف المُحافظة على وجود المُدخَلات وتصحيحها أوّلاً بأوّل، أمّا بسطويسي أحمد فيرى أنّها مَعرِفة النتائج وتقويمها، ثمّ الاستفادة منها عن طريق المعلومات التي ترِد إلى المُتعلّم، والناتجة عن سلوكه الحركيّ، ويقول مفتي إبراهيم: إنّها عبارة عن أحاسيس مختلفة تصدر عن الإنسان، مثل: الإحساس بالمَلامة، أو الإحساس بقوّة معيّنة واقعة على جسمه، أو هي إحساس صادر عن حاسة اللّمس، أو ملاحظة أداء مهارةٍ معيّنةٍ.[٥]

وقد أدّى تداول مصطلح التّغذية الرّاجعة بكثرة وفي مختلف الجوانب إلى ظهور تعريفات مُتعدِّدة ومُتنوِّعة لها، ومن أهمّها:[١]

  • التّغذية الرّاجعة: هي عبارة عن أيّة معلومات ترجِع من مصدرها، وتُنظّم سلوك الفرد وتضبطه.
  • التّغذية الرّاجعة: هي إشارات يتلقّاها الشّخص تُعبِّر عن نتائج سلوكه، سواءً كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة؛ بحيث تُتيح له معرفة أثر سلوكه ونتائجه.
  • التّغذية الرّاجعة: هي مجموعة معلومات راجعة، وتكون شفويّةً أو غير شفويّةٍ، وتسمح هذه المعلومات لِمُرسلها أن يعرِف إذا استُقبِلت رسالته، وكيف فهِمها المُستقبِل.

نَشأة مُصطلَح التّغذية الرّاجعة

ظهر مفهوم التّغذية الرّاجعة في النِّصف الثاني من القرن العشرين، ولاقى ظهوره اهتماماً كبيراً وملحوظاً من علماء النّفس والتربويّين، وكان أوّل من وضع مُصطلَح التّغذية الرّاجعة هو نوبرت واينر وذلك في عام 1948م، وركّز في بداية ظهوره على معرفة نتائج عمليّةٍ ما، والتأكّد من تحقيق الأهداف السلوكيّة والتربويّة والمهاريّة أثناء عمليّة التلقِّي أو التعلُّم،[٤] ويرجع الفضل في تطوير مفهوم التّغذية الرّاجعة إلى العالِم الأمريكيّ ويتز، ومَن عاصَرَه من العلماء الآخرين، مثل: العالِم شينسون، وآنوخين، وبيرتا لانفي، حيث طبّقوه على مُختلف ظواهر السّلوك الإنسانيّ.[١]

والتّغذية الرّاجعة ليست من مُصطلحات علم النّفس، وإنّما يَرجِع أصل المصطلح إلى علم السّبرنيتيك؛ فقد أكّد العالِم المعروف باليتايف أنّها المبدأ العامّ في الطّبيعة الحيّة والسّبرنيتيك، فهي مبدأ أساسيّ من مبادئه، والسّبرنيتيك هو علم التحكُّم بالآلات وتوجيهها، وخاصّةً الآلات الأتوماتيكيّة المُعقَّدة، مثل: الآلات الحاسِبة، والطّائرات، والصّواريخ.[١]

أهميّة التّغذية الرّاجعة

إنّ للتّغذية الرّاجعة أهميَّةً كبيرةً، تتمثّل فيما يأتي:[١]

  • للتّغذية الرّاجعة علاقة وثيقة بموضوعات التلاؤُم، والتكيُّف، والتّعليم والتعلُّم، والاتّصال، وغيرها من النّشاطات المُوجَّهة بشكل ذاتيّ.
  • تُعدّ سرّ الحياة، وسرّ الانتظام العامّ فيها.
  • تُعدّ من أهمّ العوامل المُؤثّرة في عمليّة التعليم؛ فهي تسمح للمُتعلِّم أن يُدخِل التّعليمات اللازمة للاستجابة، وتصبح هذه الاستجابة أفضل بفضل التّغذية الرّاجعة، كما تُصحِّح الأخطاء، وتُوضّح المفاهيم غير الواضحة.
  • تزيد ثقة المُتعلِّم بصحّة نتائج تعلُّمه، كما تُوحِّد جوانب العمليّة التعليميّة وتجعلها أكثر عُمقاً.
  • تُيسِّر إيصال المعلومات إلى المُتعلِّمين، كما يَعرِف المُعلِّم عن طريقها إذا كانت طريقة تعليمه فعّالةً وسليمةً، وبهذا تتوفّر لديه معلومات عن سير العمليّة التعليميّة.
  • تُعدّ ضماناً لنجاح العمليّة التعليميّة؛ فهي تسمح للمعلّم والمتعلّم بتكييف سلوكهما بما يتناسب مع كلٍّ منهما، فيصبح التّفاعل بينهما أكثر إيجابيّة وتحقيقاً للأهداف المَرجُوّة من العمليّة التعليميّة.

أنواع التّغذية الرّاجعة

للتّغذية الرّاجعة أنواع مُتعدِّدة، منها:[٤]

  • التّغذية الرّاجعة المُحايِدة: هي التّغذية غير الصّريحة التي لا تحكم على أداء الشّخص سلباً أو إيجاباً، وإنّما تقترح حلولاً من أجل تحسين الأداء.
  • التّغذية الرّاجعة الإيجابيّة: هي التي تدعم التّغذية الرّاجعة المُحايِدة، وتهدف إلى تعزيز الأداء أو العمل، كأن يقول المعلم للمُتعلِّم: استمرَّ على أدائك، أو جزاك الله خيراً، أو أجبت إجابةً صحيحةً.
  • التّغذية الرّاجعة السلبيّة: يُؤكَّد فيها على أنّ الأداء الحاليّ غير مقبول، ويجب استبداله وتحسينه وتقديمه بطريقة أفضل، مثل قول عبارة: يجب أن تُغيِّر سلوكَك إلى سلوك أفضل، أو يجب أن تدرس بشكل أفضل.

ومن حيث توقيتها فتُقسَم قسمَين، هما:[٤]

  • التّغذية الرّاجعة الفوريّة: تُقدَّم في الحال، وتُسمّى دَعْماً فورِيّاً حينِيّاً.
  • التّغذية الرّاجعة المُؤجَّلة: تُقدَّم عقب الانتهاء من الأداء.

أمّا أنواع التّغذية الرّاجعة من حيث ما تنتج عنه أو تنعكس عنه، فهي:[٤]

  • التّغذية التي تنعكس عن الألفاظ.
  • التّغذية التي تنتج عن الإشارات و الإيماءات.
  • التّغذية التي تنتج عن الحَدْس.
  • التّغذية التي تنتج عن كلام مكتوب، مثل: مقال، أو كتاب، أو استِمارة.

وظائف التّغذية الرّاجعة في العمليّة التعليميّة

من وظائف التّغذية الرّاجعة في العمليّة التعليميّة ما يأتي:[٤]

  • وظيفة تعزيزيّة: تُحفّز المعلّم والمُتعلّم على العطاء؛ لِتصحيح مسار العمليّة التعليميّة، وإعادة توجيه المُتعلّمين.
  • وظيفة إخباريّة: يتمّ فيها إخبار المُتعلّم بِدرجة صحّة جوابه مثلاً، كما تسمح للمُعلّم بالتّصحيح وإعادة التّوجيه.
  • وظيفة تقويميّة: حيث تُعدّ التّغذية الرّاجعة من أشكال تقويم للعمل وتصحيح الأداء.

صفات التّغذية الرّاجعة الناجحة

لتؤدّيَ التّغذية الرّاجعة مُهمَّتها على أكمل وجه ويُستَفاد منها، فإنّه لا بدّ من أن يُخطَّط لها من قبل، ويجب أن تُحدَّد القضايا التي يُراد تناولها في جلسة التّغذية الرّاجعة مع التّدعيم الكامل لهذه القضايا، وتكون التّغذية الرّاجعة شاملةً للنّواحي جميعها، ومُحاطَةً بأهدافٍ تضبطها، ويجب أن تتّصف بالاستمراريّة، ويُخصَّص وقت كافٍ لعمليّة التّغذية، ويُنفرَد بالموظَّف حتى يكون مطمئنّاً من أنّه لن يُذاع ما يجري من تصحيحٍ وتقويمٍ لأدائه وسلوكه، وبالانفراد به يكون هناك ضمان بِعدم حدوث مُقاطَعات من قِبل طرف أخر أثناء التّغذية.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ضحى فتاحي (2009-10-13)، “ما هي التّغذية الرّاجعة”، موسوعة التعليم والتدريب ، اطّلع عليه بتاريخ 2017-7-12. بتصرّف.
  2. زينة جبار غني الأسدي (2017-1-4)، “التغذية الراجعة وأهميتها”، جامعة بابل-كلية التربية الأساسية، اطّلع عليه بتاريخ 2017-7-27. بتصرّف.
  3. سعاد محمد السيد (2009/11/1)، “التغذية الراجعة”، موسوعة التعليم والتدريب، اطّلع عليه بتاريخ 2017-7-27. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ أ. حنافي جواد (2015-6-10)، “أهميّة التّغذية الرّاجعة في العمليّة التعليميّة التعلميّة”، الألوكة الاجتماعيّة، اطّلع عليه بتاريخ 2017-7-12. بتصرّف.
  5. أ.د. أميرة عبد الواحد، “التّغذية الرّاجعة”، الأكاديميّة الرياضيّة العراقيّة، اطّلع عليه بتاريخ 2017-7-12.