ما معنى كرّ وفرّ
يعتبر القتال من أهمّ الأساليب المتّبعة في الدفاع عن النفس، وهناك خدعُ في القتال الّذي كان يستخدم في المناوشات أو الحروب الّتي كانت تقع بين القبائل أو الجيوش؛ فكلّ قبيلة أو جيش كان له قتال خاصٌ به يستخدمه إبّان اشتعال حرب أو مناوشة، وسنستعرض أهمّ أساليب هذا القتال وهو أسلوب الكر والفر؛ حيث يعتبر تكتيك الكر والفر من أهم الأساليب الفنيّة في القتال لتجنّب أكبر الخسائر، ولتحقيق نتيجة الفوز، ومعنى الكر هو الهجوم للقتال والفر هو الفرار من القتال، وذلك يعني أنّ هناك هجومٌ وتراجع في القتال خلال اشتعال الحرب .
أساليب القتال
اتّصفت الحروب والمناوشات ما بين القبائل باعتمادها على أكثر من أسلوب في القتال؛ حيث نذكر بأنّ القبائل العربية عندما تريد أن تقاتل قبيلةً أخرى يجتمع الطرفان في جهتين متقابلتين، ومن كلّ قبيلة يخرج أبطالها ليتبارزوا فإن فاز أحدهم على الآخر ينتهي القتال بين الطرفين وتنهزم إحداهما، وفي حال قيام حرب يبدأ القتال دون مبارزة ويبدؤون بالهجوم؛ حيث كانت تُستخدم الأسهم والرماح و السيوف والمنجنيقات خلال اشتعال الحرب، وكان عدد الجيوش كبيراً فيدور قتالاً شرساً؛ فعند شعور أحد الطرفين بالهزيمة يفرّ من المعركة إمّا فراراً لا رجعة فيه، أو فراراً لاستعادة صفوف جيشه.
ونذكر بأنّ القبائل العربيّة أي قبائل الجاهلية كانت تستخدم أسلوب الكر والفر، وبرع فيه العرب ولكن هذا لا يكفي؛ فعند بدء الفتوحات الإسلاميّة بالإضافة لهذا التكتيك برع جيش الإسلام بتعلّم فنون قتال خصمه، ومثال على ذلك: تعلّم أسلوب الغساسنة الّذين كانوا يتبعون لحكم الفرس، وكان أسلوبهم القتالي يعتمد على نظام الزحف والصف وأسلوب المناورة؛ حيث كان الفرس أكثر وأعظم الأمم في تقدّمها بأسلوب القتال والحرب .
ومع ذلك برز قادة عظماء وحكماء في قيادة الجيوش الإسلاميّة من الصحابة، ونذكر القائد خالد بن الوليد؛ حيث نجح بقيادة الكثير من المعارك والغزوات والفوز بها فكان محنّكاً مراوغاً حكيماً في توظيف خبرته القتاليّة؛ حيث اعتمد أسلوبه على استخدام الكرّ من دون الفر، وهو تجنيد وتدريب صفوف المشاة ورماة الأسهم والخيّالة ومبارزي السيوف، وهذ الأسلوب اعتمده باقي قادة معارك الفتوحات الإسلاميّة ممّا ساهم في فتح الكثير من بقع الأرض الّتي كانت تعيش في ظلام.
وإنّ أهم فرص النجاح في قتال أو معركة هو التدريب على القتال والتحلّي بالشجاعة؛ حيث كان المسلمون عندما يقاتلون لنشر دين الإسلام أولاً والدفاع عن الدين الإسلامي ثانياً ونيل الشهادة ثالثاً، فمع رباطة جأش الجيوس الإسلاميّة كان يهابها الروم والفرس والمغول الصليبيين، ولكن مع انقسام الدولة الإسلاميّة وتعدّد الأمم والشعوب واهتمامها بترف الحياة تغيّر أسلوب القتال؛ فهناك ضعف وعدم رغبة في نيل الشهادة فتمّت السيطرة على صفوفهم أثناء القتال، فكان أسلوب الكر دون الفر أحد أساليب القادة الناجحين في الفوز في المعارك مثل: خالد بن الوليد، وموسى بن نصير، وطارق بن زياد، وصلاح الدين الأيّوبي؛ فهم أعلامٌ في القتال.