خير يوميك في الهوى واقتباله – الشاعر البحتري

خَيرُ يَوْمَيكَ في الهوَى وَاقتِبَالِهْ،
يَوْمَ يُدنيكَ هاجِرٌ مِنْ وِصَالِهْ
كُلّما قُلتُ: ثَابَ للقَلْبِ رُشْدٌ،
عَاوَدَ القَلْبَ عائدٌ مِنْ خَبَالِهْ
إنْ تُبَالِ الصّدودَ تَكَلفْ، وَما أنْـ
ـتَ بحَيّ الأحْشاءِ، إنْ لَمْ تُبَالِهْ
شَرّدَ النّوْمَ عَنْ جُفُونِكَ ضَنٌّ
مِنْ حَبيبٍ بزَوْرَةٍ مِنْ خيَالِهْ
وَاعتِلالٌ مِنْ وِدّ أوْطَفَ لا يُعْـ
ـدَمُ بَثٌّ مِنْ طَرْفِهِ وَاعتِلالِهْ
تَتَكَفّا النْفُوسُ إثْرَ تَكَفّيـ
ـهِ امْتِثَالاً لمَيْلِهِ وَاعْتِدالِهْ
كادَ شَاكي الهَوَى يُعادُ، وكادَ الـ
ـخِلْوُ يُؤتَى مِلْكاً بِخَلْوَةِ بَالِهْ
رُبّ رَغْبٍ نَقّبْتُ عَنْهُ فَلَمْ يَبْعُدْ
ونُْجحٍ، أنشَطتُهُ من عِقَالِهْ
وَقَوافٍ أهْدَيْتُها لِمُراعٍ
حُسْنَ أمْثَالِها عَلى أمْثَالِهْ
هِبرِزِيٌّ، يَرَى، وَإنْ فاضَ غَزْراً،
لامتِداحي فَضْلاً عَلى إفْضَالِهْ
وَالغِنى في القُنوعِ، أوْ سَيبِ ما يُغـ
ـنيكَ وَشْكُ ابتِدائِهِ عَنْ سُؤالِهْ
كأخيك ابنِ صَالِح بْنِ عَليٍّ
في احتِمالِ الجَليلِ، وَاستِقلالِهْ
مُوسِرٌ مِنْ خَلائِقٍ، تَترَاءَى
مِنْ ضُرُوبِ الّربيعِ، أوْ أشكَالِهْ
يَتَصَرّعْنَ للرّجَاءِِ دُنُوَّ الـ
ـغيمِ، وَالوَدقُ خارِجٌ مِن خِلالِهْ
كَمْ عَداتٍ تَضَمّنَ الجُودُ فيها
رَدَّ إكْثَارَهُ إلى إقْلالِهْ
ألحَقَ المُقْطَعَ الرجّاء، وَأدّتْ
يَدُهُ آمِلاً إلى آمَالِهْ
شَغَلَ الحاسِدينَ أنْ لمْ يَبيتُوا
قَطّ مِنْ هَمّهِ، وَلا أشْغَالِهْ
فاضِحاً سَعْيُهُمْ إذا ما تَعَاطَوا
سَعيَهُ فُحشَ نَقصِهِمْ عن كمالِهْ
لا تَسَلْ رَبّكَ الخَطيرَ، وَسَلْهُ
خَصْلَةً تَستَفِيدُها مِنْ خِصَالِهْ
لَوْ قَلِيلٌ كَفَى امْرَأَ مِنْ كَثيرٍ
لاكْتَفَيْنَا بِقَوْلِهِ من فَعَالِهْ
مُشرِقُ البِشْرِ كالحُسامِ أشَاعَ الـ
ـقَينُ مَكتُومَ إثْرِهِ بِصِقَالِهْ
يَتَجَلّى للرّاغِبِينَ بِوَجْهٍ
تَلبسُ الأرْضُ حَليَها من جَمالِهْ
رَاعَ مَعرُوفُهُ، فأرْبَى، وَبدرُ الـ
أُفْقِ رَيْعٌ مُسْتَأنَفٌ مِنْ هِلالِهْ
نَفَحَتْ كأسُهُ بطيبٍ، فَقُلْنَا
أُعْطِيَتْ نَشْرَ خِلَةٍ من خِلالِهْ
إنْ فَزِعْنَا إلَيْهِ في الرّاحِ أدّتْـ
ـنَا إلَيْها طَوْلاً سُيُوبُ سِجالِهْ
نَتَلَقّى المُدامَ مِنْ يَدِ حُرٍّ
يَخْتَطيهَا لَنَا إلى حُرّ مَالِهْ
إنْ بَذَلْنَا لَهُ اقْتِصَاراً عَلَيْها،
جَازَ عَنْها إلى جَزِيلِ نَوالِهْ
فَتَرَكْنَا يَمينَهُ لِجَداهُ،
وَاستَمَحْنَا ناجودَهَا مِنْ شِمَالهْ