مفهوم الإنسان عند الفلاسفة
مفهوم الإنسان
تحيّر علماء المنطق والفلاسفة بمفهوم الإنسان، حتّى عندما أرادوا أن يعرّفوا العلاقة الجدليّة بين الإنسان والفلسفة ويشخّصوها ويوضّحوها لم يستطيعوا ذلك، ممّا أدَّى إلى اجتهادهم في بعض جزئيّات معيّنة دون غيرها، حيث قال بعض الفلاسفة إنّ الإنسان هو جسم نامٍ حسّاس متحرّك بالإرادة وعاقل، أي أنَّ الإنسان حيوان ناطق؛ لأنّ الحيوانيّة تعني الجسم النامي والحسّاس الذي يتحرّك بإرادته، بينما تعني الناطقيّة أنَّه عاقل ومتعقّل، والنطق في هذا المفهوم لا يُقصد به المعنى الظاهري للنطق، بل معنى التفكّر والتعقّل والتدبّر، ولقد شخّص الفلاسفة الإنسان بناءً على هذا التصوّر والتعريف.
مفهوم الإنسان عند الفلاسفة
الإنسان والفلاسفة الغربيين والإسلاميين
أجمع عدد من الفلاسفة الغربيّين والإسلاميّين على أنّ تشخيص الموجودات الواقعيّة يكون من خلال الأعراض التي يتم عرضها، فعندما نريد أن نشخّص إنساناً اسمه نضال، فنقول: هو الذي ولد في يوم كذا، وطوله كذا، ولونه كذا، أي أنّهم أجمعوا على أنَّ جميع هذه الأعراض عبارة عن مشخّصات للشخص نفسه، واختلافاته عن شخص آخر على سبيل المثال اسمه أحمد.
هذا بالنسبة لمفهوم المشخّصات عند الإسلاميّين والغربيّين، وتجدر الإشارة إلى أنَّ المشخّصات تختلف اختلافاً كليّاً عن المميّزات، فما يميّز شيئاً عن غيره يختلف كليّاً عمّا يشخّص شيئاً عن غيره؛ لأنّ التشخيص يلحظ أصول الأشياء، بينما التميّز يلحظ ذات الشيء وجزء ذاته، وبعبارة أكثر تفصيلاً ينظر التشخيص إلى أصالة الأشياء، بينما يلاحظ التميّز ماهيّة الأشياء.
نظرية مدرسة الحكمة المتعالية
اختلفت مدرسة الحكمة المتعالية مع نظريّة المشخّصات التي أجمع عليها العلماء الغربيّون والإسلاميّون، وتساءلت عن كيفية استطاعتنا تشخيص أصالة الموجودات بالأعراض، ونحن نفتقر أساساً لكونها أعراضاً، بل إنّ الأصيل لا يُشخّص بغير الأصيل، وكما هو متعارف عليه فإنّ الأعراض غير أصيلة؛ لأنّها لا تعرض على الموجود، ولا تبيّن حقيقته وواقعيّته.
بالإضافة إلى ذلك ذكرت أنّ ما يشخذص الموجود، هو أصل وجوده، فالإنسان لا يقوم بتشخيصه العرض، واستدلّت على ذلك بأقوال الفلاسفة التي تميّز الموجود الأصيل، مع أنّهم يقولون في الوقت ذاته إنّ الأعراض مفتقرة، ولا تقوم على أساس الأشياء.
كما ردّت على تعريف الإنسان الذي يصفه بأنّه حيوان ناطق، فقالت إنّ النطق عارض على الإنسان، وليس شيئاً في أصل وجوده، وكذلك الأمر بالنسبة للعلم؛ لأنّه عارض على الإنسان، وليس أصيلاً فيه، والعرض مفتقر لتقويم أساس الأشياء، فقولنا بأنّ العرض مشخّص، باطل لأنّ المشخّص الأساسي هو أصل وجود الأشياء، ممّا أدَّى إلى تعريف الإنسان بالأعراض.
ملاحظة : إنّ حقيقة الإنسان مجهولة حتّى يومنا هذا، وما تعريفها إلا بأقرب مشخّصاتها من الأعراض؛ لأنّ العقل يستحيل تعريف الإنسان بصفته موجوداً.