مفهوم المدرسة التكعيبية
الفن التشكيليّ
بقي الفنانون في العصور القديمة يحاكون المناظر الطبيعيّة، فلا يبتكرون أو يضيفون شيئاً عليها، ومع التطوّر الحضاري، بدأت مدارس جديدة في الفن التشكيليّ بالظهور، فظهرت ثلاث مدارس: المدرسة التكعيبيّة في فرنسا، والمدرسة التعبيريّة في ألمانيا، والمستقبلية في إيطاليا.
المدرسة التكعيبية
كان ظهور هذه المدرسة المرحلة الأولى في الفن التجريدي، وهي اتجاه فنّي يعتمد على الأشكال الهندسيّة، فالهندسة أصل الأشياء، والاعتماد في هذه المدرسة على الخط الهندسي، فهو الأساس لكل شيء، فالأشكال فيها إمّا أسطوانية، أو كروية، أو مربّعة، فقامت فنون هذه المدرسة على نظرية التبلور التعدينيّة التي تعدّ الهندسة أصل الأجسام.
يقوم التكعيبيون في لوحاتهم بتحويل المكعبات إلى سطوح متساوية متداخلة، وتلعب الظلال دوراً في تحريكها في الاتجاهات جميعها، وهذا يساعد على رؤية اللوحة من جميع زواياها.
رواد المدرسة التكعيبية
بدأت الثورة على الأشكال الطبيعيّة في أواخر القرن التاسع عشر، ومن أوائل من رسم بطريقة هندسية الفنان المجدد سيزان، فقد رأى في الأشكال الطبيعيّة مساحات هندسية مسطّحة متينة البناء، ومن هنا جدّد فنانو القرن العشرين فكرته الهندسيّة إلى مكعبات ومخروطات وأسطوانات، ويعود الفضل في تطور التكعيبيّة وازدهارها إلى بيكاسو وبراك، وأخذ كلّ منهما من الآخر، لدرجة أنّه صعب التمييز بين لوحاتهما.
مراحل نموّ المدرسة التكعيبية
- المرحلة الأولى من 1907-190: هذه المرحلة كانت نتيجة لعمل سيزان، فاقتصرت موضوعاتها على أشكال طبيعيّة اختزلت إلى مساحات هندسيّة مسطحة.
- التكعيبية التحليلية: وقد بدأت هذه المرحلة من 1910-1912، ويزداد تحليل الأشكال في الطبيعة وتفتيتها، واستخدام لون واحد ودرجاته، فكان الفنان يقسم الأشكال إلى أجزاء، ثم يجمعها ليعيد بناءها بطريقة تكعيبية.
- التكعيبية التركيبية بين العامين 1912-1914: تمثل هذه المرحلة ردة فعل على المرحلة التحليليّة، إذ إنّ التحليل الزائد كان يمكن أن يؤدّي إلى طريق مغلق، فتمكّن فنانو هذه المدرسة من العودة إلى الأشكال الطبيعيّة، ورسم موضوع واضح المعالم، واستخدم في هذه المرحلة قصاصات من الجرائد، أو من العنب، فكان أسلوبها أكثر واقعيّة، وامتلاءً بالألوان، وعرف هذا الأسلوب الذي أنشأه بيكاسو بكولاج اللصق، وقد شاع استخدام هذا الأسلوب بعد ذلك، ويعد بابلو بيكاسو أشهر فناني هذه المرحلة إنتاجاً، وكذلك براك، وليجرد، ومن أعماله الشهيرة “الجورنيكا”، التي تمثل المأساة الإسبانيّة في الحرب العالمية الأولى، واستخدم في هذه اللوحة اللونين الأسود والأبيض مع درجات من اللون الرمادي، وانتشر هذا الأسلوب بعد ذلك بين التجريديين والسرياليين، وعندما وصل التكعيبيّون في أعمالهم إلى مرحلة العودة إلى الأشياء من جديد، وصلت الحركة إلى نهاية مشوارها.