محمد الفاتح
محمد الفاتح
يُعَدّ محمد الفاتح قائداً عثمانيّاً مسلماً، استطاع تحقيق بشارة النبيّ -صلّى الله عليه وسلم- بفَتْح القسطنطينيّة، حيث وُلِد في رجب من عام 833 للهجرة، وهو ابن السلطان مراد الثاني، ويُعتقَد أنّ والدته هي السلطانة خديجة عليمة، إذ كان السلطان مراد الثاني يهتمّ بالإشراف على تربيته بشكل مباشر، حيث اهتمّ بتعليمه، وتنشئته من الناحيتَين: العلميّة، والجسديّة؛ فعلّمه ركوب الخيل، والمُبارَزة، والرَّمي، ومن الجدير بالذِّكر أنّ محمد الفاتح يحتلّ الترتيب السابع بين السلاطين العثمانيّين.[١][٢]
كان الفاتح تلميذاً لخيرة العلماء والأساتذة في عصره، كأحمد بن إسماعيل الكوراني، الذي يُعتبَر أوّل مُعلِّم للفاتح، حيث استطاع الفاتح حفظ القرآن الكريم، كما كان على دراية بجميع محاولات المسلمين لفَتْح القسطنطينيّة من خلال دراسته للتاريخ الإسلاميّ، كما أنّ حبّه لفَتْح القسطنطينيّة كان قد زُرِع فيه من قِبَل الشيخ آق شمس الدين سنقر، الذي علَّمه علوم القرآن الكريم، والسنّة النبويّة، والفقه، وعلوم الفلك، والتاريخ، والرياضيّات، بالإضافة إلى بعض اللغات، كالعربيّة، والفارسيّة، والتركيّة.[٢]
محمد الفاتح والحُكْم
عَهِد السلطان مراد الثاني ولاية مغنيسيا إلى محمد الفاتح في عُمْر صغير؛ رغبةً منه في تدريبه على إدارة وتدبير أمور الدولة، وكان ذلك تحت إشراف أساتذته: آق شمس الدين، والملّا الكوراني، حيث تولّى محمد الفاتح الحُكْم في الخامس من مُحرَّم من عام 855 للهجرة، وذلك بعد وفاة السلطان مراد الثاني، ومنذ بداية حُكْمه للدولة، كان اهتمام الفاتح مُنصَبّاً على فَتْح القسطنطينيّة؛ حتى يُحقِّق بشارة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-.[٣]
فتوحات محمد الفاتح
فَتْح القسطنطينيّة
سعى محمد الفاتح جاهداً لفَتْح القسطنطينيّة منذ تولِّيه الحُكْم؛ فاهتمّ بجيشه، وسعى إلى تقويته من الناحيتَين: المادّية، والمعنويّة؛ فأرسل إليهم العلماء؛ لغَرْس روح الجهاد في نفوسهم، ولتذكيرهم ببشارة النبيّ بالفَتْح، وثنائه على جيش الفَتْح؛ حتى يبذلوا قصارى جهدهم من أجل الفَتْح، كما استعان الفاتح بأهل الخبرة؛ لمعرفة الأسباب التي تُعوِّق فَتْح المسلمين للقسطنطينيّة، حيث وجدَ أنّ هناك ثلاثة أسباب رئيسيّة، وهي:[٢]
- عدم وجود أيّة حصون تساعد المسلمين في حصار القسطنطينيّة، ممّا يُعرّضهم للشتاء القارس، كما أنّ بناء الحِصن يحتاج إلى سنة كاملة، وهو وقت طويل.
- عدم امتلاك المسلمين لأيّة مدافع قويّة تخترق أسوار القسطنطينيّة.
- وجود سلسلة في الخليج تُعيقُ تقدُّم سُفُن المسلمين في داخل الخليج.
بعد تحديد الفاتح لأهمّ العوائق التي تقف أمام فَتْح القسطنطينيّة، تمّ وَضْع خطّة من أجل حلّ هذه العوائق، فبنى الفاتح حصناً للمسلمين، حيث استغرق بناؤه ثلاثة أشهر فقط، كما أحضر الفاتح المهندس (أوربان)؛ لصناعة مدافع قويّة، إذ صنعَ أوربان ثلاثة مدافع، من بينهم مدفع قويّ وضخم خلال ثلاثة أشهر فقط، ولحلّ مشكلة السلسلة التي تُعيقُ السُّفن في الخليج، استعان الفاتح بمَمرّ أنشأه في الجبل، بحيث يَصلُ إلى الخليج مباشرة، فوَضَع الألواح الخشبيّة المدهونة بالزيت في هذا المَمرّ؛ لتسهيل حركة السُّفن إلى الخليج، وتمَّ نَقْل سبعين سفينة، حيث ساعد هذا الأمر على مفاجأة الفاتح للروم بسُفُنه التي تُحاصرُ القسطنطينيّة، واستمرّ الحصار مدّة 53 يوماً، جاء بعدها تحقيق حُلم الفاتح والمسلمين في فَتْح القسطنطينيّة.[٢]
فتوحات أخرى
بعد نجاح محمد الفاتح في فَتْح القسطنطينيّة العظيم، استمرَّ في فتوحاته في بلاد البلقان، فاستطاع فَتْح العديد من البلاد، كما كان راغباً في فَتْح شبه جزيرة إيطاليا، إلّا أنّه تُوفِّي قَبل ذلك، ومن أهمّ البلاد التي فَتَحها:[٣]
- فَتْح بلاد الصِّرب في عام 863 للهجرة.
- فَتْح بلاد المورة في اليونان في عام 865 للهجرة.
- فَتْح طرابزون، وبلاد الأفلاق والبغدان (رومانيا)، في عام 866 للهجرة.
- فَتْح ألبانيا ما بين عامَي 867 و884 للهجرة .
- فَتْح البوسنة والهرسك ما بين عامَي 867 و870 للهجرة .
محمد الفاتح والنهضة العلميّة
كان عَهْد السلطان محمد الفاتح عَهدَ نهضة علميّة؛ نظراً لحبّه للعِلم والعلماء، بالإضافة إلى اهتمامه بالمعاهد والمدارس وبنائها في مختلف أنحاء دولته، وقد أدخل محمد الفاتح بعض الإصلاحات والتغييرات في مجال التعليم؛ فكان يُشرفُ على المناهج من تهذيب وتطوير، كما أمر بأن يصبح التعليم مجّانياً في جميع مدارس الدولة، إضافة إلى أنّ الفاتح أظهر اهتماماً كبيراً بالعلماء، وقرَّبهم إليه، ورَفَع من شَأنهم، ومن مظاهر اهتمامه بالعلماء والأدباء أنّه كان يُخصِّص لهم مجلساً بعد صلاة الظهر في شهر رمضان؛ لتفسير ومُناقَشة آيات من القرآن الكريم.[٤]
كان لمحمد الفاتح اهتمامات في الأدب والترجمة؛ حيث كان يمتلك في قصره مكتبة خاصّة فيها نوادر الكُتُب، وقد اهتمّ الفاتح في نَقْل الكثير من الكُتُب من مختلف اللغات (العربيّة، والفارسيّة، واللاتينيّة، وكذلك اليونانيّة) إلى اللغة التركيّة؛ حتى ينهض بشعبه فكريّاً، ومن أهمّ ما نُقِل من كُتُب: كتاب أبي القاسم الزهراوي (التصريف في الطبّ)، وكتاب بلوتارك (مشاهير الرجال)، ومن الجدير بالذِّكر وجود الكثير من مظاهر النهضة العمرانيّة في عَهد محمد الفاتح، كانتشار المساجد، والمستشفيات، والحمّامات، والأسواق، بالإضافة إلى الحدائق العامّة، والقصور، والمعاهد، كما أنّه كان يُشجِّع الوزراء والأغنياء على بناء الحمّامات، والدكاكين؛ ليزيدَ من جمال البلاد.[٤]
وفاة محمد الفاتح
بعد 31 عاماً قضاها في الجهاد، تُوفِّي محمد الفاتح في يوم الخميس، الرابع من ربيع الأوّل من عام 886 للهجرة، حيث كان يبلغُ من العُمر 52 عاماً، وقد جاءت وفاته أثناء خروجه للجهاد؛ إذ إنّه على الرغم من أنّه كان يشعر بالتعب والمرض، إلّا أنّه قرَّر مُواصَلة جهاده، ولكنّ المرض لم يُمهله، واشتدَّ عليه، ولم ينفع وجود الأطبّاء ولا الأدوية، فتُوفِّي الفاتح قَبْل أن يُكملَ ما كان ذاهباً إليه، ولم يكن الفاتح يُعلِمُ أحداً بالمكان الذي يَقصدُه مع جيشه لفتحه؛ حيث كان كتوماً حتى تكون غزوته مفاجأة لعدوّه، وممّا يجدر ذِكره الاعتقاد بأنّ محمد الفاتح مات مسموماً من قِبَل طبيبه الخاصّ (يعقوب باشا)، علماً بأنّ الفاتح دُفِن في مدفن أنشأه في أحد الجوامع بالأستانة.[٣]
المراجع
- ↑ عمر العمري (24-2-2010)، “محمد الفاتح بين العلم والعلماء”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-6-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث راغب السرجاني (2-9-2013)، “محمد الفاتح وفتح القسطنطينية”، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-6-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت تامر بدر (11-3-2014)، “السلطان محمد الفاتح”، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-6-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب راغب السرجاني (2-9-2013)، “النهضة العلمية في عهد محمد الفاتح”، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-6-2018. بتصرّف.