مقالة – دور رائد التغيير في صناعة التغيير داخل المدارس
تواجه مدارسنا تحدّيات متعدّدة في التّنظيم والإدارة والسلوك والتّطوير التربوي الأمر الذي ينعكس على مخرجات العمليّة التّعليمية التّعلميّة لأبنائنا الطلبة، ومن هنا يتوجّب علينا التغيير، الذي يعني الإنتقال من الوضع الحالي إلى الوضع المستقبلي للوصول إلى الهدف والرؤية المشتركة لرفع كفاءة المجتمع المدرسي، والقدرة على حل المشكلات، وتحقيق الذّات، ومواكبة التقدّم، واستثمار الوقت، وذلك من خلال وجود قيادة فاعلة مشتركة تقوم على التّأثير في سلوك أفراد الجماعة، وتنسيق جهودهم وتوجيههم لبلوغ الغايات المنشودة، وبالتالي لا بدّ من وجود رائد للتغيير يتقن المعرفة والكفاية والاستراتيجية لإحداث التغيير الإيجابيّ وتطبيقه في أي مؤسسة تعليمية، فإن اطلاع رائد التغيير على أبرز الأفكار المرتبطة بقيادة التغيير وممارستها أولويّة ملحّة، لأن عملية التغيير ليست سهلة وتمرّ بمقاومة عالية من مختلف أطراف المجتمع المدرسي، ويتوجب على رائد التغيير التيسير والتحفيز والتدريب وتقديم المعلومات والتعليمات اللازمة والنصائح التي تهدف للتغيير الإيجابي.
كما أن الدراسات والبحوث التربوية أشارت إلى أهم الخصائص، وما يميّز روّاد التغيير لإحداث التغيير الفعّال في المجتمع المدرسي والتي تشمل على المواقف وطرق التفكير والمعارف والمهارات وهي على النحو الآتي:
• يوفّر الدعم الإيجابي للمجتمع المدرسي.
• يعامل المجتمع المدرسي بالمساواة، ويستمع إليهم بفاعلّية.
• يتّصف بالحماس والدافعيّة، والإهتمام بالقضايا التربوية وأولوياتها.
• يتّسم بالمثابرة، ولا يبالغ في ردود الأفعال، ويتحلى بالعقلانية.
• لا يفرض وجهة نظره بالقوّة، ولا يسعى للإنفراد بالحوار دائماً.
• الإستعداد للتجريب والتغيير.
• الإستعداد للتعلّم من أخطائه ومحاولاته المستمرة.
• إعتماده على التوجيه والتحفيز والتيسير وإعطاء النصائح.
• لديه القدرة على التخيّل والتصوّر والتفكير والوصول إلى جذور التحديات والتخطيط الجيد لحلّها بعد دراستها وتحليلها.
• لديه القدرة على توجيه تعلّمه الذاتي، ومتابعة نموه المهني المستمر.
• تعريف النقاط والعناصر الرئيسة التي ينبغي أخذها بعين الإعتبار في كل موقف من مواقف التغيير.
• يتسم بالصفات القيادية الفاعلة، والصفات الشخصية (السمعة الطيبة و الأمانة و الأخلاق الحسنة، الهدوء باتخاذ القرار المناسب، ضبط النفس، المرونة، المظهر الحسن، الاحترام، والإيجابية في العمل). ومن أهم الصفات التي تطابق الأخلاقيات المهنية ومدونة السلوك: النشاط العالي، الإنجاز، إدارة الوقت، التميّز والإبداع، الدافعيّة الإيجابية، الجديّة والإلتزام، تحديد الأهداف، إستمرار الحماس، الرغبة، العمل الجماعي.
• الإرادة القادرة على التحول إلى قيادة جادة و بنّائه تسعى لإحداث التغيير من الواقع الحالي إلى الواقع المستقبلي.
• إمتلاك القدرة على الإبداع والإبتكار لإحداث التغيير والتطوير في المجتمع المدرسي وفعالياته من بنيته وأساليب قيادته وطرائق عمله وأنماط السلوك الإداري السائد به.
• القدرة على توفير مُناخ ملائم للتغيير ووضع غستراتيجيات فاعلة لإحداثه، وتطبيقها ومتابعة تنفيذها من خلال الموارد المادية والبشرية للمجتمع المدرسي.
• الإرتقاء بقدرات المجتمع المدرسي وأدائه ليكون قادراً على مواجهة التحديات المستقبلية والتعامل معها بإيجابية.
• الإيمان بالتغيير الذي يعد الركيزة الأساسية في بناء التغيير بناءً محكماً يستطيع حامله نقله بقوة إلى محيطه ومجتمعه.
ومن هنا يأتي دور رائد التغيير بالتأكيد على عمليّة صنع القرار التشاركي الذي يعتمد على العمل الجماعي للمجتمع المدرسي ومساعدتهم على إيجاد معنى أكبر وأعمق للعمل الفاعل والمنظّم للوصول إلى بيئة تعليمية تعلّمية أفضل، وإستثمار إمكانات المجتمع المدرسي الفرديّة والجماعيّة بشكل أفضل لحل التحدّيات التي تواجه المدرسة بصورة تعاونيّة.
يأتي دور رائد التغيير بإتّباع الطرق الآتية أثناء عمليّة التغيير مع المجتمع المدرسي للوصول إلى بيئة تعليمية تعلميّة أفضل ذات ثقافة مدرسيّة جديدة:
• توضيح الموقف نحو جهود التغيير.
• التواصل الإيجابي الفاعل.
• إعطاء الفرص والتحفيز لإتخاذ القرار المشترك.
• توضيح مخاطر التغيير والتحديات التي ستواجه المجتمع المدرسي.
• توضيح آلية تقييم الأفراد ضمن علاقات العمل.
• تحديد المصدر الحقيقي لمقاومة التغيير من خلال الأسئلة المفتوحة.
• إفساح المجال للأسئلة حول عملية التغيير.
• الإجابة عن الأسئلة والمخاوف بطريقة موضوعية محايدة.
• تحليل عملية التغيير إلى مراحل أو خطوات صغيرة.
• التحفيز المستمر نحو الإنجازات (الماضية المذكورة والمستقبليّة المتوقّعة).
وتشمل جهود روّاد التغيير في مجالين رئيسين في المجتمع المدرسي هما: الجانب التنظيمي والجانب الثقافي والإنفعالي وذلك على النحو الآتي:
• بذل الجهود الرامية إلى إعادة بناء وهيكلة البيئة التعليميّة التعلّميّة، وتتضمّن إحداث التغييرات في البناء الرسمي للمدرسة، بما فيها: التنظيم المدرسي والجدول المدرسي، والأدوات الوظيفية… إلخ، التي تتضمّن تأثيراً غير مباشر على التحسين والتطوير في العملية التعليمية التعلمية.
• بذل الجهود الرامية إلى بناء ثقافة مدرسية جديدة، وتتضمن إحداث التغييرات في الأنظمة المتصلة بالنماذج، والقيم، والدوافع، والمهارات، والعلاقات التنظيمية مما يؤدي إلى تعزيز أساليب ووسائل جديدة للعمل الجماعي التعاوني ينعكس أثرها مباشرة في إحداث فرق ملموس في عمليتي التعليم والتعلم داخل المدرسة، إنّ جهود إعادة بناء النسق الثقافي باعتبارها تستند إلى العلاقات الإيجابية بشكل رئيس، فإنها تتطلب تدخّلاً مباشراً لتعزيز الجانب الإنفعالي سواء أكانت من القائد أم العاملين معه أم المعنيين بالعمليّة التربويّة كافة، وتسهم هذه الجهود في زيادة المرونة ودرجة التكيّف لدى الأفراد والجماعات نحو التغيير، وتساعد العاملين على مواصلة جهودهم التطويريّة بالرغم من التحديات التي يواجهونها.
ومن هنا يكمُن دور رائد التغيير الرئيس في إيجاد بيئة تعليميّة تعلّميّة أفضل تتّسم بثقافة مدرسيّة جديدة، من خلال إيجاد وتنظيم قيم إيجابيّة تعتمد على طبيعة المجتمع المدرسي والدور القيادي المشترك من خلال التخطيط الجيّد والتفكير والتّأمل المستمر لكل مرحلة يبني عليها التغيير الفاعل، وأهمّ ما يحدث التغيير في البيئة التعليميّة هي معرفة المفاتيح للمجتمع المدرسي التي تأهّل رائد التغيير إلى توزيع المهام والتحفيز المستمر لتحقيق الرؤية المدرسية المشتركة للوصول إلى مجتمع مدرسي فاعل لخدمة التطوير التربوي و بناء طالب متميّز.