سيد القوم خادمهم
سيد القوم خادمهم هي عبارة يتناقلها الكثير من الناس والشباب في حديثهم بوصف أحدهم عندما يقوم بعملٍ ما، ويستشهدون بهذه العبارة على أنها معتمدة وأنها حديث شريف وارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكثيرة هي الأقاويل التي تقتبس أوتختزل ويتم اعتبارها وحدها أنها الحديث الشريف، وفي الحقيقة هي لم ترد عن الرسول عليه السلام وربما ورد شيء مشابه لها أو لم يرد على الإطلاق.
فـ (خادم القوم سيدهم) هي من ناحية المبدأ والعمل فهي تعني بأن من يقوم على خدمة الناس ومساعدتهم، أو إذا كان هناك جمع من الأشخاص فالشخص الذي يقوم بتهيئة أجواء جلستهم أو رحلتهم أو ماشابه فهو بعمله هذا العمل الجيد يعتبر سيدهم.
ولم يرد عن الرسول عليه السلام في هذا السياق إلا حديث فيه شيء من الشبه وهو مارواه الطبراني بسند ضعيف عن أبي هريرة: ” أفضل الغزاة في سبيل الله خادمهم، ثم الذي يأتيهم بالأخبار، وأخصهم منزلة عند الله الصائم، ومن استقى لأصحابه قربة في سبيل الله سبقهم إلى الجنة سبعين درجة، او سبعين عامًا”
فالألفاظ المشابهة الواردة في الحديث وهو ضعيف بكل الأحوال تختلف عن العبارة التي يتم تناقلها، والحديث يحفز على بعض الأعمال الايجابية في حضور الجماعة سواء كانوا مجاهدين في سبيل الله أو غير ذلك، فجعل أفضل الغزاة هو الذي يكون خادمهم وذلك لأن وضع الغزاة يكون في اضطرابٍ نفسي وجسدي فإن من يقوم منهم على خدمتهم فهو يوفر عليهم الشيء الكثير لذا كان أفضلهم، ثم بعد ذلك في الافضلية هو الذي يأتيهم بأخبار العدو ويتقصّى الطريق والأنباء وهذا العمل مهم جدًا لما فيه من أخذ الحيطة من مكايد الأعداء وخططهم في الإيقاع بالجيش وجنوده، وفي الحديث تخصيص منزلة للصائم ، فالصائم له منزلة خاصة عند الله فكيف إذا كان مقاتل وصائم فالمنزلة أعظم وخاصة جدًا، وفي ذكر الأفضلية والسباق نحو الجنة كان المقاتل الذي يستسقي لأصحابه ، فهذا العمل ليس بالشيء السهل في زمن الصحابة والرسول عليه السلام، فأن يستسقي لهم يعني أن يذهب لمكان بعيدٍ يعادل سفر ليملأ قِرَبَ الماء ويجلبها لهم، هذا في حال أن كان الجيش بعيدًا عن أي بئر ماء يستطيعون أن يردوه وقتما شاءوا ، فالذي يتكبد كل هذا العناء من أجل سُقيا أصحابه فإن أجره أن يسبقهم إلى الجنة بسبعين درجة وقيل سبعين عامًا، والدرجة والعام في الجنة قياسهما ليس كما تقاس في الدنيا.
الحديث الضعيف السابق لا يمس من العقيدة شيء ، ولكن كل ما ورد فيه هو جملة من المعاملات بين الأفراد في ظرفٍ معين؛ لذا لا يجب أن نستشهد بحديث ضعيف إلا إذا لم يكن هناك أي دليل أقوى ويحل مكانه، وأن نستشهد في كلامنا على مقتبسٍ على أنه من حديث وهو ليس منه كـ (سيد القوم خادمهم) فهذا ليس بالأمر الهيّن لأنه بمثابة الوضع على كلام رسول الله عليه السلام.