هذا الحبيب فمرحبا بخياله – الشاعر البحتري
هَذا الحَبيبُ، فمَرْحَباً بخَيالِهِ،
أنّى اهتَدى، وَاللّيلُ في سِرْبالِهِ؟
بَل كيفَ زَارَ، وَدونَهُ مَجهولَةٌ
مِنْ سَبسَبٍ قَفْرٍ، تَمورُ بِآلِهِ
سَارٍ تَجاوَزَ مِنْ شَقائِقِ عالجٍ،
بُعْدَ المَدَى منْ سَهلِهِ وَجِبالِهِ
حتّى تَقَنّصَهُ الكَرَى لمُتَيَّمٍ،
لَوْلا الكَرَى لَشفَاهُ مِنْ بَلبَالِهِ
رَشأٌ كأنّ الشّمسَ، يوْمَ دُجُنّةٍ،
حَيرَاءُ بَينَ حُجُولِهِ وَحِجَالِهِ
وَمُنَعَّمٍ هَجَرَ السّرُورُ بهَجرِهِ
لمُحبّهِ، وَوِصَالُهُ بوِصَالِهِ
وَاهاً لأيّامٍ، غَنِينَا مَرّةً
بنَعيمِها، وَالدّهْرُ في إقْبَالِهِ
أبَني حُمَيْدٍ، طالَ مَجدُ محَمّد
لَمّا تَطَاوَلْتُمْ لِبُعْدِ مَنَالِهِ
وَلكُمْ، وولَسْتُمْ لاحِقِينَ بشأوِهِ،
شرَفٌ تظَلُّ الشّمسُ تحتَ ظِلالِهِ
لا تَحسدُوهُ فَضْلَ رُتبَتِهِ، التي
أعيَتْ علَيكُمْ، وَافعَلوا كفِعالِهِ
مَلِكٌ أطاعَتْهُ العُلاَ، وَأطاعَها
في مالِهِ، وَعَصَى على عُذّالِهِ
جَزْلُ المَوَاهبِ ليسَ تُرْفعُ غايةٌ
للمَجْدِ، إلاّ نَالَهَا بِنَوَالِهِ
مُتَنَقّلٌ مِنْ سُؤدَدٍ في سُؤدَدٍ،
مثلُ الهِلالِ جَرَى إلى استِكمالِهِ
يا أيّها المَلِكُ، الذي قسَمَ النّدَى
نِصْفَينِ بَينَ يَمينِهِ وَشِمَالِهِ
فََأجازَ حُكْمَ السّيفِ في أعدائِهِ،
فمَضَى، وَحكّمَ الجُودِ في مالِهِ